مقالات

نصرالله في اعلان التحرير الثالث. المهمة انجزت ولكن !


كتب أمير البدوي.
في الوقت الذي يعاني فيه لبنان من أزمات كارثيّة على الصعيد الإقتصادي والإجتماعي والصحّي وعلى رأس هذه الأزمات التفلت الأمني، وفي الوقت الذي تتخاصم فيه القوى السياسية على مبدأ تشكيل حكومة وتعيين رئيس جمهورية جديد خلفاً  للجنرال ميشال عون والذي تنتهي ولايته في
٣٠ تشرين الأول ٢٠٢٢ وفي وقت يشهد فيه مجلس النواب سجالات لا فائدة ترجى منها من قبل نواب التغيير  ونواب السلطة، كان هناك من يرصد تحركات أخرى. حزب الله والذي يعتبر من ضمن القوى السياسية الوازنة في لبنان والذي يملك قاعدة شعبيّة كبيرة وظّف جناحه العسكري في خدمة لبنان كما فعل في كل المرّات من عام ٢٠٠٠ حتّى اليوم. كما الحدود البرية، راقب الحزب الحدود البحرية بوعي وحذر. القصة بدأت عندما وصلت الباخرة اليونانية التابعة لشركة إينيرجين باور إلى منصّة كاريش  في شهر حزيران الفائت بهدف استخراج النفط و الغاز و تصديره لاحقاً للدول الأوروبية بشكل خاص بإشراف الحكومة الإسرائيلية، وبحكم أنّ العلاقات الأوروبية مع روسيا انقطعت بفعل الحرب الروسية الأوكرانية  وبعد قرار الرئيس الروسي فلاديمير بوتين قطع إمدادات الغاز عبر خط نورد ستريم والذي كان يؤمن لأوروبا حوالي ال٨٥٪ من الغاز الطبيعي لزوم الطاقة لم يعد هناك خيار سوى اللجوء للبديل و الذي تكفلت به أميركا ووعدت به الأوروبيين بأن بديلكم لدينا فلا تخافوا. وجدت الولايات المتحدة البديل سريعاً لدى ربيبتها إسرائيل كونها تقع ضمن نطاق البحر الأبيض المتوسط و الذي تتوفر فيه كميات هائلة من الغاز و النفط و طلبت البدء الفوري باستخراج الغاز من الحقول المتواجدة في فلسطين المحتلة. بعد بحث و تدقيق وجدت الحكومة الإسرائيلية بأنّ حقولها غير كافية لتأمين الكمية اللازمة و راحت تبحث عن حقول أخرى حتى وقعت عينها على كاريش والتي تعتبر من المناطق المتنازع عليها مع لبنان، وهذا ما عارضه لبنان بموقفٍ ثابت بأنه لا يمكنكم الإستخراج قبل ترسيم الحدود البحرية مع فلسطين المحتلة.
هنا ومن الموقع الإستراتيجي الوطني للمقاومة أطلّ أمين عام حزب الله السيد حسن نصرالله في تموز/يوليو معلناً بأنه لا استخراج قبل الترسيم و إلّا ذاهبون إلى ما لا يحمد عقباه. إسرائيل أخذت تهديدات نصرالله على محمل الجد كونها خاضت تجارب سابقة مع هذا الرجل بالتحديد حتى اقتنعت بأنه يجب إتمام الترسيم بين الطرفين وبحكم أن العلاقات مع إسرائيل قد جُرّمت في الدستور اللبناني كان لا بد من دخول وسيط بين الطرفين و كانت الولايات المتحدة التي أرسلت آموس هوكستين على رأس الوفد الراعي للترسيم و للحديث بقية
بعد عدة محاولات باءت بالفشل حاولت أسرائيل كسر توازن الردع و استخراج الغاز من كاريش، فكانت المقاومة بالمرصاد  عبر إرسال مسيّرات فوق المنصة هدفها إيصال الرسالة التالية لا استخراج قبل الإتفاق و نحن جادّون بتهديدنا
أطل نصرالله من جديد في شهر آب في ذكرى التحرير الثاني ووضع القاعدة التالية بأنه لا استخراج من كاريش و لا غير كاريش قبل انتهاء الترسيم فلا تحاولوا، مما عقد الموقف الإسرائيلي و أجبرهم على المضي في الإتفاق، حتى تم التوصل إلى إتفاق في الأيام القليلة الماضية؛ لبنان حصل على كامل حقوقه مع أحقية التنقيب و الإستخراج كاسراً بذلك الڤيتو الأميركي على الشركات المعنية و على رأسهم توتال الفرنسية.
قبل الختام فإنّ الحاجة الملحة للغاز و عدم جهوزية إسرائيل للحرب و انشغال الغرب بالحرب الروسية الأوكرانية سرّع في الإتفاقية إلى جانب هذا تهديد نصرالله الأخير عندما أشار بأن اللعب بالوقت غير مفيد و ما بثه الإعلام الحربي التابع للمقاومة عن رصد كافة المنصات و أنها تحت مرمى الصواريخ جعل الإتفاقية بنسبة ٩٥٪ تميل لصالح لبنان.
ختاماً استطاع حزب الله و على رأسه أمينه العام إلى جانب موقف الدولة و الشعب تحصيل حقوق لبنان البحرية ما يعزز فرص النهوض الإقتصادي للدولة من خلال استخراج الغاز الموجود في باطن البحر.
السؤال الرئيس لهذه السردية
ماذا اراد أن يقول السيد نصرالله للعالم في نهاية خطابه التاريخي بالامس، وهو الذي يزن كلامه دائماً بميزان الذهب
وهل فهم الداخل والخارج مغازي رسائل نهاية الكلام
هذا ما ستكشفه الأيام المقبلة

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى