أخبار محلية

يوم القسم في بعلبك – 17 آذار 1974

يوم القسم في بعلبك – 17 آذار 1974: لحظة مفصلية في تاريخ لبنان يوم القسم في مرجة رأس العين – بعلبك لم يكن مجرد تجمع جماهيري عادي، بل كان حدثًا تأسيسيًا في تاريخ النضال الاجتماعي والسياسي في لبنان، بقيادة الإمام السيد موسى الصدر. جسّد هذا اليوم صرخة شعبية ضد التهميش والحرمان، وفتح الباب أمام حركة مطلبية ومقاومة منظمة، لا تزال آثارها حاضرة في المشهد اللبناني حتى اليوم

.—1. الخلفية التاريخية: لماذا كان يوم القسم ضروريًا؟الحرمان في لبنان قبل 1974خلال العقود التي سبقت يوم القسم، كان لبنان يعاني من تفاوت اقتصادي واجتماعي حاد بين المناطق. فقد كانت العاصمة بيروت وبعض المدن الساحلية تنعم بالتطور والبنية التحتية، في حين عانت مناطق مثل البقاع والجنوب وعكار من الإهمال المزمن، حيث:غابت الخدمات الصحية والتعليمية.انعدمت فرص العمل والتنمية الاقتصادية.كانت البنية التحتية متهالكة، مما أجبر الكثيرين على الهجرة الداخلية أو الخارجية.الدور السياسي للإمام موسى الصدر عند وصول الإمام موسى الصدر إلى لبنان عام 1959، بدأ بجولات ميدانية في مختلف المناطق المحرومة، ورفع الصوت عاليًا ضد التهميش، فطالب الدولة بتحمل مسؤولياتها تجاه كل اللبنانيين. ومن هنا أسس:المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى (1969): ليكون إطارًا رسميًا يدافع عن حقوق الشيعة والمحرومين بشكل عام.حركة المحرومين (1974): لتوحيد كافة الفئات المهمشة بغض النظر عن طوائفها، والمطالبة بحقوقها.—2. الحدث: ماذا حدث في يوم القسم؟المكان: مرجة رأس العين – بعلبك اختار الإمام موسى الصدر بعلبك، لأنها كانت رمزًا للحرمان والتهميش، حيث تفتقد المدينة، رغم أهميتها التاريخية، إلى مقومات التنمية.الحضور الجماهيري الضخم في 17 آذار 1974، تدفق أكثر من 100 ألف شخص من مختلف المناطق إلى بعلبك، ليشهدوا هذا الحدث التاريخي، وهو رقم قياسي لم يكن مسبوقًا في أي تجمع سياسي أو اجتماعي في لبنان.خطاب الإمام موسى الصدر والقَسَم الشهير وسط هذا الحشد الهائل، ألقى الإمام الصدر خطابه الشهير، الذي خاطب فيه الضمير الوطني، مؤكدًا أن الفقر والتهميش ليسا قدَراً محتوماً، بل نتيجة لسياسات فاشلة وتمييز غير عادل في توزيع الثروات والفرص.ثم أطلق قسمه التاريخي:> “أقسمُ بالله العظيم، والإسلامِ الحنيف، ولبنانَ العظيم، أن لا أهدأَ ما دامَ في لبنانَ محرومٌ واحد، أو منطقةٌ محرومة، وأن لا أُسالمَ حتى يُنفَّذَ هذا القسمُ.”أهمية هذا القسم لم يكن القسم مجرد كلمات، بل كان التزامًا علنيًا بنضال مستمر ضد الظلم الاجتماعي والاقتصادي، ووضع أسسًا لتحركات سياسية ومطلبية لاحقة.—3. نتائج وتداعيات يوم القسم-

إطلاق مسار نضالي جديد كان يوم القسم البداية الفعلية لحركة مطلبية متكاملة، حيث:1. تصاعدت المطالبات بالإصلاحات الاجتماعية والاقتصادية.2. تم تأسيس أفواج المقاومة اللبنانية (حركة أمل) في 1975، لحماية المحرومين والدفاع عن حقوقهم، خاصة مع تصاعد الاعتداءات الإسرائيلية على الجنوب اللبناني.ب- تأثيره على المشهد السياسي اللبناني دفع العديد من القوى السياسية إلى الاهتمام أكثر بالمناطق المحرومة.أدى إلى تغيير الخطاب السياسي، حيث أصبحت قضايا التنمية والمساواة في صلب النقاش الوطني.وضع حجر الأساس للعمل المقاوم، حيث لم يعد الحرمان مجرد قضية مطلبية، بل بات مرتبطًا بمشروع تحرري شامل.ج- ساحة القسم اليوم: رمز للنضال والعدالة الاجتماعية تحولت ساحة مرجة رأس العين إلى معلم تاريخي، يُحيي فيه اللبنانيون كل عام ذكرى هذا اليوم، تأكيدًا على استمرارية النضال من أجل تحقيق العدالة الاجتماعية والتنمية المتوازنة.—4. الإرث المستمر ليوم القسمأ- كيف نرى يوم القسم اليوم؟لا يزال يوم القسم مصدر إلهام لكل من يسعى إلى تحقيق العدالة الاجتماعية في لبنان. فرغم مرور العقود، لا تزال العديد من القضايا التي أثارها الإمام الصدر قائمة، مثل:التفاوت الاقتصادي بين المناطق.الإهمال الحكومي للمناطق الطرفية.الحاجة إلى نهضة اجتماعية واقتصادية شاملة.ب- تأثيره على الحركات الاجتماعية والمطلبيةأصبح نموذجًا للحركات التي تطالب بالتغيير من خلال الحشد الشعبي والتوعية.عزز مفهوم المقاومة الشاملة، التي لا تقتصر على العمل العسكري، بل تشمل أيضًا الدفاع عن الحقوق المدنية والاجتماعية.يوم القسم لم يكن مجرد خطاب أو تجمع شعبي، بل كان شرارة لحركة اجتماعية وسياسية امتدت عبر العقود.وضع أسس العمل المطلبـي الحديث في لبنان.أسس لحركة مقاومة ضد الحرمان والتمييز.بقي رمزًا للوحدة والنضال من أجل الحقوق.اليوم، ومع استمرار التحديات الاجتماعية والاقتصادية، يبقى يوم القسم دعوة متجددة لكل اللبنانيين للمطالبة بحقوقهم، والمشاركة في بناء وطن عادل ومتوازن، تمامًا كما أراد الإمام موسى الصدر.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى