(( الشهيد عــبــد الــرحــمــن))
كتبت شاعرة الصمود المجاهدة/ وفية العمري
الليلُ يتوسدُ ‘قلبي عارٍ من إبتسامة القمر..
كنتُ أرشقهُ بنظراتي التي كان يأكلها
القلق ‘ لم أكن أعلم أنهُ سيأتي اليوم
اذي لن أرى إبتسامتهُ التي تشرف من ثنايا روحي مرة أخرى
عبدالرحمن العمري ذو الخمسة عشر عاما عـاد
حاملا حقيبتهُ المدرسية دخل غرفتهُ
وصدره يضج من أصوات الطائرات
التي إختلطت بدماء زملاءه وأشلائهم
وأخذت تلتهمهم أمام عينيه يصرخ
بصوت تخنقه العبره والقهر على زملاءه
بسام ‘محمد’ سامي يـاالله. ماذا
تدخل أمهُ عليه ووجهها يكسوه الهلع
تصفع الباب بقوة بكلتا يديها
ماذا بك ياولدي?
ساد الصمت ‘ إختنق الكون
عبدالرحمن ينظر بشراهة إلى السماء.
لم يعد يسمع صوت أمه وبكائها
وتوسلها أن يخبرها ماذا حدث له
إستدارت عيناه نحو أمه يقبلها قائلا:
أمي سأذهب إلى الجبهة لن أبقى هنا
للحظة
تحاول أمه أن تقنعه بالعدول عن رأيه تارة بأنه لازال طفلا
وتاره أخرى تتوسل إليه وهي ممسكة
بيديه ولكن دون جدوى
فعبدالرحمن أخذ قراره وبدأ بحزم
أمتعته
يقف للحظة يقبّل أمهُ ويواسيها وهي
تقول لن أتركك تذهب للموت
عبدالرحمن
أمي تخيلي لوجاءني الموت الآن هل
ستقفين ما بيني وبينه وترديه عني?
بصوت متحشرج ترد الأم بالطبع لا
عبدالرحمن
إذن دعيني أذهب لكي أدافع عن
ديني’ وطني ‘ شرفي’ أنتقمُ لزملائي
الشهادة يا أمي ليست موتا وإنما حياة
خالدة في جنة عرضها السماوات والأرض
وإن أتاك نبأ إستشهادي لا تلطمي خدا
ولا ترفعي صوتا إلا فخرا وإعتزازا
نحن خُلقنا لنُستشهد
(فهيهات منا الذلة )يا أمي
ودّع عبدالرحمن الجميع وذهب
للجبهة بعد أن أكمل تدريباته الأولى والأخيرة وبدأت دورة المسار إلى الله
سألهُ إخوانه من المجاهدين ما سبب إندفاعك وتوقد حماسك هذا يا مؤمن ?
لقد زدت من لهفتنا وفنون تنكيلنا بالمارقين أعداء الله والأوطان
فقال : ثارا أتيتُ ألتحف الثأر ‘ وأمتطي الكرامة’ لزملاء مدرستي وأعمار زهورهم ‘ لوطني الذي ينزف قهرا ووجعا
لأنين الثكالى وصرخات الأطفال ‘ لشعب صامد برغم جراحاته الغائرة من جور الظلم
لاقيمة للحياة ولا طعم لها بعد رؤيتي أشلاء رفقائي الممزقة
لهذا ‘ وذاك…
جئتُ لأكمل دراستي هنا في ميدان أبا تراب
لأكتب بقلم بلاغته على جبين الوطن ولاء لله ‘ ورسوله ‘ وللمؤمنين أعلام
بين علم الوطن مرفرفين لا يلين ‘ ولا يذل’ ولا يستكين ‘ ولا يخشى ‘
فنضرب معا خراطيم البغاة بضربات حيدرية لا تكلّ ولا تملّ
فلله درك من فتى
ولم تمضِ سوى بضعة أيام
حتى جاء نبأ إستشهاده
وقبل أن يرحل عن هذا العالم الذي
تخيّم عليه البشاعة نظر إلى أخيه وهو يبتسم
الدين والوطن
فاضت روحه الطاهرة إلى بارئها وظلت إبتسامته المشرقة تضيئ دروب العزة والكرامة لكل من حوله
وأملُُ لكل التائقين إلى الخلاص من قيود الذل والعبودية…
هكذا هم الشهداء نبراس العز’ ووقود الحرية ‘وسمفونية الحق الذي لن ينطفئ .