أخبار محلية
*الدور النخبوي الريادي وأهمية وحدة الموقف في مرحلة التحولات المصيرية*إخوتي الطيبين، أهل الفكر والحجة، أصحاب الرأي والقلم، تحياتي لكم جميعا.انطلاقا من المنهجية التي تقسم المجتمع السياسي الواحد الى عوام وخواص، أي ما بين الطبقة النخبوية الفكرية والثقافية وعموم الشعب، وبالنظر لأهمية هذا التوزيع المتصل بمفهومين رئيسيين هما: مفهوم دور النخب في التأثير على صناعة الوعي العام، ومفهوم الأمة الذي يختلف عن مفهوم الشعب بحسب الوعي العام السائد ومدى حضور الموقف الجامع بين مكونات واطياف المجتمع الواحد، وكذلك بالنظر لأهمية نظم الامر في ادارة منصتنا الكريمة هذه التي اختصرت بيننا المسافات وعززت بيننا الحضور… اسمحوا لي ان أدلي برأيي المتواضع امامكم حول ما أعتبره من أخطر الموضوعات لاسيما في وقتنا الحالي، وفي هذه الظروف التي تمر بها أمتنا العربية والاسلامية.أولا: يجب الالتفات الى رسالية هذه المنصة الخاصة بالنخبة الواعية، والتي تختلف عن الكثير من المنصات التي تعنى فقط بتوفير مساحة عامة لتناقل الاخبار وإبداء الآراء في شتى موضوعات الساعة، والتي تختلف في دورها الرسالي عن الدور الخاص المنوط بالمنصات التي تشكل منتدى لأصحاب الفكر والقلم.ثانيا: إن ولاية الفقيه كعنوان لنظام ادارة وحكم، وكطرح قدمته مواد الدين الاسلامي من آيات وروايات، وهو بالمناسبة واحد من طروحات اخرى تعنى بأمر السياسة ونظرية الحكم في أمة الاسلام، هو ليس فوق النقض الفكري في هذا الاطار الموضوعي، لكن تحويل المنصة نحو هذا الاتجاه الفكري والثقافي، حتى ولو أنه كلام في السياسة، لكن هذه المنصة التي تعتبر نفسها منتدى للحديث والتداول بين مجموعة واسعة من نخبوي أمتنا، لا أعتقد انها معنية في هذا المنحى الفكري.ثالثا: ان التوجه بالانتقاد الى قيادة الولي الفقيه الحالي من خلال انتقاد لموقفه أو لمنهجه حيال ادارة ملف من ملفات هذه المرحلة، مع وجود الجهة الكريمة المعنية بهذا الامر، وهي مجلس الخبراء، والمجالس الاخرى التي من شأنها ربط أمر الولاية بمبدأ الشورى الاسلامي، إن هذا الانتقاد ولو أنه مشروع بالعنوان الاولي، لكون الدين الاسلامي يضمن حرية التعبير، لكنه قد يعبر عن سلبية في الثقة القائمة بين خواص أمتنا الاسلامية والجهة المتصدية لأمر القيادة، والتي قد تكون ناشئة إما عن عدم اعتقاد بشرعية هذا الانتظام – ومحل نقاشه كما اسلفنا ليس عند هذه المنصة – وإما منشؤه هو عدم الثقة لا في شخص الولي ذاته، ولا حتى في اداء المجالس وتطبيقاتها العملية لمبدأ الشورى.رابعا: إن أحوج ما تحتاجه الامة منا في هذه المرحلة الحساسة، وفي خضم هذا التحول الكبير والتحدي الصعب الذي نشهده في الساحة السورية، هو وحدة الكلمة والموقف، وهذا لن يجد سبيله نحو الترجمة الفعلية دون وجود ولاية للأمر بالدرجة الاولى، ومن دون وجود للثقة مع القيادة المطاعة والحكيمة بالدرجة الثانية، عن المولى أمير المؤمنين علي بن ابي طالب عليه السلام الذي قال في معرض وصفه لأصحاب الرسول (ص) الذين غير بهم واقع شبه جزيرة العرب آنذاك، قال: ووثقوا بالقائد فاتبعوه…خامسا: لا مفر لمن ينشد انتزاع حقه المغتصب أن يتنكر لضرورية اجتماع الامة حول موقف واضح وثابت خصوصا لجهة القضايا المصرية، وهو لأمر عجاب ان نرى من بعض النخبويين تلك الاشاحة عن هذه المسلمة الضرورية، عن أمير المؤمنين علي (ع) قال: العجب كل العجب اجتماع هؤلاء القوم على باطلهم وتفرقكم عن حقكم…سادسا: إن عصب السياسة في أمة تنشد الخير لأهلها وأرضها، ولأمة يضطلع نخبويوها الى مصيرها ربطا بقضاياها الكبرى، والذين يعتقدون بضرورة الاجتماع قبل أي ضرورة اخرى لخلق وحدة في المسار قبل اي كلام آخر، ان هذا كله سيؤدي في نهاية المطاف الى الوحدة بمعنى تجنب القلاقل والفتن ( الحروب)،عن المولى أمير المؤمنين عليه السلام قال في معرض توصيفه لما جرى بينه وبين جيش الشام، قال: وكان بدء أمرنا أنا التقينا والقوم من أهل الشام. والظاهر أن ربنا واحد ونبينا واحد، ودعوتنا في الاسلام واحدة. لا نستزيدهم في الإيمان بالله والتصديق برسوله صلى الله عليه وآله ولا يستزيدوننا. الأمر واحد إلا ما اختلفنا فيه من دم عثمان ونحن منه براء، فقلنا تعالوا نداو مالا يدرك اليوم بإطفاء النائرة وتسكين العامة، حتى يشتد الأمر ويستجمع، فنقوى على وضع الحق مواضعه، فقالوا بل نداويه بالمكابرة، فأبوا حتى جنحت الحرب …أخيرا.. إخوتي على هذه المنصة الكريمة إن إجماع الامة قوة لها، وتحلقها حول أمر القيادة الحكيمة عز لشأنها، وقيادتنا لهذا الاجماع قيمة لنا جميعا..عز في الدنيا وكرامة في الآخرة ان شاء الله تعالى.عذرا على الاطالة، لكني احببت ان اختم لكم بهذا الحديث الرائع ذات الصلة بموضوعنا، ففي جواب للامام علي(ع) على رسالة وردته من الخليفة الثاني عمر بن الخطاب يستنصحه فيها بشأن استعداد جيش الفرس لمهاجمة جيش المسلمين بقوات هائلة الاعداد والتسليح والتنظيم، ومما جاء في الجواب “والعرب اليوم وإن كانوا قليلا، فهم كثيرون بالإسلام، عزيزون بالاجتماع”.
https://bawwababaalbeck.com/wp-admin