⭕🇱🇧كيف يفكّر الأسد الآن؟
نحن الآن أمام أزمة دولية مفتوحة، وغير مسبوقة، بعد الغزو الروسيّ لأوكرانيا، وستطول منطقتنا بدون شك، وإحدى المناطق التي ستؤثّر فيها هي سوريا، ولذلك السؤال هنا هو: كيف يفكّر بشّار الأسد الآن، ونظامه تحت حماية روسية-إيرانية؟
قد يقول قائل إنّ الأسد حسم أمره باتّصاله بالأمس بالرئيس بوتين معبّراً له عن دعمه لروسيا، ووصفه الغزو الروسي لأوكرانيا بأنّه “تصحيح للتاريخ، وإعادة التوازن إلى العالم الذي فقده بعد تفكّك الاتحاد السوفيتي”.
وقال بيان النظام إنّ الأسد “شدّد على أنّ سوريا تقف مع روسيا الاتحادية انطلاقاً من قناعتها بصوابيّة موقفها”، واعترف النظام الأسدي بالمنطقتين الانفصاليّتين في شرق أوكرانيا.
حسناً، على الرغم من كلّ ذلك يبقى ملحّاً السؤال التالي: كيف يفكّر الأسد الآن؟ اتصال الأسد ببوتين تحصيل حاصل، وأمر لا مفرّ منه الآن، وتحديداً لأنّ الأسد يتصرّف من باب “أنا الغريق فما خوفي من البلل..”.
إلا أنّ أمام الأسد استحقاقات مهمّة، منها اقتراب توقيع الاتفاق النووي الغربي الأميركي مع إيران، والآن العزلة أو المواجهة المفتوحة بين الروس وأوروبا والولايات المتحدة، فهل يرتمي الأسد بأحضان إيران أكثر؟ أم يقرّر الأسد أنّها لحظة التخلّص من طهران وموسكو ويهبط بباراشوت عربي، ومن العرب مَن سعوا إلى إنقاذه، وربّما يسعون الآن أيضاً، تحت وهم أنّ الأسد يمكن أن يتغيّر، ويمكن احتواؤه سياسياً؟
إشكاليّة الأسد أنّه لا يجيد التفكير للأمام، وفي كلّ أزمة، وإنّما يعرف فقط كيفيّة مراوحة مكانه، كما فعل الآن بالاتصال الهاتفي مع الرئيس بوتين ودعم غزوه لأوكرانيا، والروس يعون أنّ هذا الاتصال من باب الواجب، ولا يقدّم ولا يؤخّر، وهو اتصال من رجل تحت الحماية الروسيّة أصلاً.
الأكيد أنّ الأسد هو أفضل مَن يُضيع الفرص. وكما قلت مراراً فإنّ الأسد يعتقد أصلاً بأنّ الكذب فنّ من فنون السياسة، وهو جريء في العنف والقتل، لكنّه لا يجيد المبادرة، واتّخاذ قرارات مفصليّة، ولذلك سيرتمي تماماً بأحضان إيران، ما لم تحدث معجزة.
والمنطق والعقل يقولان إنّه مهما كان موقف الأسد فلا يمكن أساساً إعادة تأهيله بعد كلّ هذه الدماء، إلا أنّنا لا نعيش في عالم تحكمه القيم والأخلاقيّات والعقل، بل في عالم متغيّر أهمّ سماته الضعف الدولي والانهيار الأخلاقي.
وعلى الرغم من كلّ ذلك فإنّ الأسد سيراهن على إيران، وسيقبل بتلقّي التعليمات حتى من القابع تحت الأقبية حسن نصرالله. الأسد، منذ وصوله إلى الحكم، لم يفكّر بصفته رئيس دولة وإنما رئيس طائفة، ولم يفكّر بصفته رئيساً بل مديراً لصراعات القصر، وهكذا تعامل مع لبنان، والعراق، والمنطقة.
وعليه فإنّ هذه الأزمة الدولية مع روسيا لن تكون بمنزلة فرصة يلتقطها الأسد، وإنّما ستعني مزيداً من العزل والصعوبات للأسد الذي سيرتمي بأحضان إيران.
مع قناعتي بأنّ في المنطقة مَن يفكّر في أنّها فرصة لإعادة تأهيل الأسد، وهذا طبيعي لأنّ البعض بمنطقتنا لم يستوعب بعد حجم الزلزال الذي ضرب العالم مع إطلاق أوّل صاروخ روسي نحو الأراضي الأوكرانية.