مسلسلات الدراما السورية
أنشغل عدد كبير من السوريين خلال شهر رمضان المبارك بمتابعة مسلسلات الدراما السورية والأعمال الفنية التلفزيونية التي عادت إلى تصدر الفضائيات من جديد بعد انحسار وتراجع خلال سنوات الحرب الإرهابية التي شنت على سورية ، وبالرغم من أنني لست من متابعي الدراما ولا المسلسلات التلفزيونية ، لكن لفت انتباهي أهتمام شريحة كبيرة بمسلسل بعنوان : كسر عظم الذي اخرجته المخرجة السورية رشا شربتجي ، واهتمام عدد كبير من النقاد بهذا المسلسل الذي يبدو أن فيه مساحة واسعة من الحرية في ملامسة قضايا بغاية الحساسية تتعلق بأداء الجهات الأمنية التي تدافع عن أمن الوطن والمواطن ، وإعطاء صورة مشوهة عن عملها من خلال تصويرها كعصابات مسلحة مافيوية خارجة عن القانون ، مما يخلق تصوراً ذهنياً سلبياً في نفوس المشاهدين الذين يتابعون هذه الدراما ونشر ثقافة خطيرة بينهم تحتوي في خفاياها على برامج تثير مشاعر العداء لهذه المؤسسات وتساهم في زيادة الصدع بين هذه المؤسسات والمواطن السوري ، لتتمكن جهات معادية من التغلغل في نفوس الناس وتمرير أفكارها من خلالهم وإضعاف الشعور القومي والثقة بهذه المؤسسات للنيل من أمن واستقرار البلد ، لاسيما أن هذه المسلسلات تتجاهل تماماً حجم التضحيات والشهداء التي تكبدتها هذه الأجهزة في التصدي للإرهاب التكفيري ، خاصة مع تنامي الافكار السلبية بين أوساط جيل نشأ وترعرع خلال الحرب لايعرف شيئاً عن الظروف التي مرت بها سورية خلال حربها مع الجهاديين والتكفيريين لاسيما داعش وجبهة النصرة وغيرها ، ولم يسمعوا إلا بالفساد والتجاوزات والتعديات على القانون ، لكنهم لم يعرفوا كيف استشهد البطل اللواء عصام زهر الدين مع مئات من رفاقه الأبطال الشهداء في حويجة صقر على أراضي دير الزور في مواجهة تنظيم داعش الإرهابي التكفيري وغيرهم من الشهداء الأبرار الميامين على مساحة الجغرافية السورية ؟! ….
لماذا نسمح لهذه المسلسلات الدرامية بتشويه تاريخنا ؟ ولماذا نعزز هذه الافكار السلبية إتجاه مؤسسات الدولة في نفوس المواطنين لاسيما جيل الشباب الذي لم ينشأ على معايير الأصالة والبطولة بل يجد نفسه ضائعاً بين تعاطي والمخدرات والتشويه المتعمد الذي تلجأ إليه مثل هذه الأعمال الفنية لتحضيره إلى مرحلة مستقبلية خطيرة ، الهدف منها شيطنة الجيش العربي السوري والأجهزة التي واجهت الإرهاب التكفيري ببطولة ، وبث أفكار مشوهة في نفوس المشاهدين ، للمساهمة في مايشبه مشاريع تطبيع ناعمة مع العدو الصهيوني ، الذي يحاول الظهور بأشكال مختلفة ، واستغلال أي ثغرة لتمرير بعض الأفكار الخطيرة بشكل هادئ وسلس من خلال استغلال مشاعر الناس ودس السم في العسل ،وتشويه الحقائق بما يخدم مصلحته ، والدليل على ذلك لماذا لايتم تصوير رجال الأمن والمخابرات في الأفلام الأمريكية إلا كأبطال وحماة لبلادهم يقدمون أرواحهم دفاعاً عنها ، ولماذا لايتم عرضهم إلا بصور إيجابية مشرقة تجعلهم يرتقون إلى مرتبة القديسين الذين يبذلون وقتهم وأرواحهم لحماية أبناء مجتمعهم ؟ ويمنعون أحد من توجيه الانتقادات للأعمال البطولية التي يقومون بها ؟! حتى أنه لا يسمح للمحامين وفقاً للاعراف الأمريكية بالدفاع عن من يطلق النار على قتلة الشرطة ؟ بل يتم تسخير محام وإلزامه بالدفاع عن المتهم أمام المحكمة لأنه لا أحد من المحامين يقبل أن يكون وكيلاً قانونياً يدافع على من يطلق النار على القانون الذي تمثله الشرطة الفيدرالية .
ألا يكفينا ما حل بنا من ويلات وكوارث وجرائم تخريب وإرهاب مارسها الإرهابيون والأخوان المسلمون واتباعهم تحت غطاء الحريات والتنفيس عن المواطنين ؟
أليس من الضروري كسر عظم هذه المسلسلات والأعمال الفنية الدرامية التي يغلب عليها الخيال والشطحات الفانتازية البعيدة عن الواقع قبل أن تكسر عظامنا ، كما ساهمت مسلسلات البيئة الشامية وباب الحارة وغيره ،والتصوير الكاذب و المشوه للتاريخ في توريط مئات الشبان وانضمامهم إلى ما أطلقوا عليه تسمية ثورة ساهمت في التخريب والدمار والارهاب والتهجير ونشر ثقافة الموت .
والله من وراء القصد
الفقير لله مجدي نعيم