تفاقم التضخم يهدد بقاء الحزب الحاكم في تركيا
يهدد تفاقم التضخم في تركيا بإخراج فرص حزب العدالة والتنمية الحاكم في انتخابات 2023. وكشف معهد الإحصاء التركي مطلع الشهر الجاري أن معدل التضخم السنوي وصل إلى 70% وهو أعلى معدل منذ أن تولى حزب العدالة والتنمية السلطة في عام 2002.
وألقى البنك المركزي التركي باللوم على ارتفاع أسعار الطاقة والغذاء بسبب الحرب في أوكرانيا ومشاكل سلسلة التوريد المتعلقة بالوباء.
ومع ذلك، لم يرفع البنك أسعار الفائدة لمكافحة التضخم كما فعلت العديد من البنوك المركزية الأخرى. ولطالما عارض “أردوغان” رفع أسعار الفائدة، واعتبرها شكلا من أشكال الربا.
وبالرغم من توقع محافظ البنك المركزي التركي “شهاب كافجي أوغلو” أن التضخم سيبدأ في الانخفاض في يونيو/حزيران، تشير العديد من المؤشرات إلى أن هذا لن يكون هو الحال.
في غضون ذلك، ارتفع مؤشر أسعار المنتجين في تركيا من 115% إلى 122% وهي زيادة تنتقل تلقائيا إلى المستهلكين. وأبقى “كافجي أوغلو”، وهو برلماني سابق عن حزب العدالة والتنمية، أسعار الفائدة عند 14% لكن سعر الفائدة الحقيقي الآن سلبي بسبب التضخم السنوي المتزايد.
وارتفع معدل التضخم في تركيا بسرعة منذ الربع الرابع من عام 2021، عندما كان أعلى مستوى له بالفعل عند 36% في ديسمبر/كانون الأول 2021. ولتهدئة الغضب العام من التضخم، رفعت تركيا الحد الأدنى للأجور بنسبة 50%.
وقد يقنع الضغط السياسي الناجم عن التضخم الرئيس بالسماح للبنك المركزي برفع أسعار الفائدة. لكن التضخم ليس سوى واحدة من مشاكل تركيا الاقتصادية. ومن المحتمل أن يظل ارتفاع أسعار الطاقة والغذاء كما في جميع أنحاء العالم بسبب الحرب في أوكرانيا.
وتسببت الأزمة الاقتصادية في تآكل شعبية الحزب الحاكم بشكل لا يمكن إصلاحه، خاصة بين الناخبين الأصغر سنا. وبالنسبة لهؤلاء، فحتى التعافي الاقتصادي قد لا يكون كافيا لإقناعهم بدعم حزب العدالة والتنمية.
ويوجد انقسام جيلي فيما يتعلق بالتصورات حول إدارة حزب العدالة والتنمية للاقتصاد. وكثير من الأتراك الذين ولدوا بعد عام 2000 لا يتذكرون الاقتصاد الأكثر تقلبا في التسعينيات عندما كان التضخم أعلى والعملة غير مستقرة بشدة.
ومع ذلك، فإن الأتراك الأكبر سنا أكثر استعدادا لدعم الحزب خلال الأوقات المضطربة لأنهم يتذكرون أن الحكومات التي سبقت “العدالة والتنمية” كان لها سجلات اقتصادية أسوأ. ومع ذلك، قد لا يكون دعم هذه الشريحة كافيا لضمان الأغلبية في صناديق الاقتراع مع تزايد عدد الناخبين الأصغر سنا.
وبالنظر إلى الأزمة الاقتصادية، قد يتجه “العدالة والتنمية” لإجراء تعديلات في قانون الانتخابات بما في ذلك تخفيض العتبة الانتخابية من 10% إلى 7% للمساعدة في بقاء حليفه “حزب الحركة القومية” بالرغم من تراجع قاعدة دعمه.
وقد يستغل حزب العدالة والتنمية بعض الأزمات الخارجية لكسب القوميين بينما يحاول تطبيع العلاقات مع الخصوم السابقين من أجل تأمين الدعم الاقتصادي الذي تشتد الحاجة إليه.
ولا تزال تركيا منخرطة عسكريا في ليبيا وسوريا والقوقاز، وقد يزيد “أردوغان” هذه المشاركة لإثبات قوة تركيا للقوميين في الداخل وعرض مهارات “أردوغان” القيادية أمام الناخبين. ومن المحتمل ألا تبدأ تركيا مواجهات مع خصومها في الخارج، لكنها ستصعّد إذا هدد أحد المنافسين مصالحها.
وحاولت أنقرة مؤخرا إقناع السعودية والإمارات بإعادة بناء العلاقات الاقتصادية عبر عرض صفقات أسلحة بما في ذلك طائرة “بيرقدار تي بي 2” بدون طيار. لكن هذه الجهود قد لا تكفي لتحسين الفرص الانتخابية لحزب العدالة والتنمية.
وأبرمت الإمارات اتفاقات لتبادل العملات لتحقيق الاستقرار في الليرة لكن لا هي ولا السعودية لديهما مصلحة في إنقاذ تركيا بالكامل.
المصدر | ستراتفور