الصحافي والكاتب السياسي حسن سلامة
إنكار بايدن والغرب لهزيمتهم أمام بوتين يفاقم من خطر نشوب حرب عالمية
صحيح أن المواطن اللبناني يعيش حالة غير مسبوقة من القلق على مستقبله ومستقبل أبنائه ، وصولا الى القلق على تأمين أدنى مايمكن من مقومات حياته اليومية ،،، لكن لنقولها بصراحة إن مصير العالم كله ، ومعه قدرة كل دولة على إتخاذ ماتجده مناسبا لسيادتها وتقدم وطنها ، مرتبط مباشرة بما يحصل من حرب ضروس بين روسيا من جهة ، مدعومة من دول عديدة أبرزها الصين وبين حلف الناتو عبر البواية الاوكرانية بعد أن حول رأس النظام هناك فلاديمير زيلنسكي بلاده الى مرتع ومنصة لتأمر الادارة الاميركية خصوصا والغرب عموما على روسيا وشعبها وقيادتها ، طبعا دون التقليل من حساسية مايثيره الغرب حول الملف النووي الايراني ، في ظل إستبعاد التوقيع على إعادة العمل بالاتفاق السابق مع الغرب بهذا الخصوص ، نتيجة عنجهية وخضوع واشنطن لارادة قيادة العدو الاسرائيلي ومن يعارض إعادة إحياء الاتفاق السابق بنفس المعايير من دول خليجية .بينما تشهد العديد من دول الناتو تململا من سياسة بايدن وإدارته الهادفة لدفع دولهم نحو مزيد من الانغماس في دعم نظام زيلنسكي ، ومن يراقب مواقف دول غربية أساسية ، كفرنسا وإلمانيا وإيطاليا ودول أخرى ، يلاحظ بوضوح مدى الارباك والخلافات التي تضرب دول الناتو ، خصوصا أن واشنطن لم تفعل شيئا لتعويض الدول الغربية عن أي قرار غربي بمقاطعة النفط والغاز الروسي ، وأما ما جرى الحديث عنه في الاسابيع الماضية من محاولة تأمين بدائل للنفط والغاز الروسي ، فلم تكن سوى دعاية إعلامية ، رغم أن نظام قطر يبدي الاستعداد للتعويض عن الواردات من الغاز والنفط من روسيا ،لكن الحقائق أظهرت أن تكاليفها أضعاف ثمن مايتم إستيراده من روسيا .
والواضح ، وفق كل المعطيات والاعتراف من معظم المسؤولين في الغرب وحلف الناتو ، أن التحالف الغربي أصيب بهزيمة لاسابق لها من خلال دعمه الاعمى لنظام المهرج زيلنسكي ، والاصرار على تزويدة بانواع مختلفة من السلاح والمرتزقة والخبراء ، الى جانب ضخ مليارات الدولارات لنظام كيف ، ومافياته ، وكل هذا الدعم غير المسبوق ، ومعه مايزيد عن ستة الاف عقوبة ضد روسيا ، لم تغير شيئا في مصار العملية العسكرية الروسية ومعها تحقيق المزيد من التقدم يوميا على ارض الميدان ،،رغم ان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ، الداهية وفق مايسميه الاعلام الغربي غير في تكتيكات العمليات العسكرية مما أربك الناتو وزعيمته واشنطن . بينما العقوبات الاقتصادية والمالية والسياسية وكل ما يتصل بحياة الشعب للروسي ، إرتدت على من إتخذها وأصر عليها من البيت الابيض ، الى المهووس بالامبراطورية السبقة لبريطانيا العظمى في زمان مضى ، أي رئيس الحكومة البريطانية ، وزعماء اكثر من ٣٠ دولة في الناتو ، حيث تعاني كل دول الناتو والغرب من أزمات إقتصادية ومالية وحياتية حادة لم تشهد مثيلا لها منذ الحرب العالمية الثانية ، وحتى الولايات المتحدة وبريطانيا اللتين تصران على إستخدام الشعب الاوكراني وقودا لاحلامهم بالهيمنة والعنصرية ، تعانيان من تضخم فاق ال ١٠ بالمئة ، وهو ما لم يحصل منذ سنوات طويلة ،وما تحمله الاسابيع المقبلة لدول الغرب جميعا ، إذا لم تعد الى صوابها وتصحح الاخطاء بحق روسيا ، فمن المتوقع أن تشهد مزيدا ومزيدا من الانهيارات الاقتصادية والمالية ، خصوصا مع بداية مؤشرات لحرب ضروس بما يتصل بتوريد الغاز الروسي الى الدول الغربية ، فيما إرتدت العقوبات بحق روسيا إيجابيات فاجأت الغرب ، من حيث زيادة الانتعاش في الاقتصاد الروسي ، وفي إقتصاديات كل الدول المصدرة للنفط والغاز .
ورغم ، إقرار قادة عسكريين وسياسين كبار في الولايات المتحدة والغرب ، بأن روسيا إنتصرت في المعركة بمواجهة الاطلسي ، ويكفي الاشارة الى ماقالة وزير الخارجية الاميركي الاسبق هنري كيسنجر والمعروف عنه بخبرتة الطويلة من دعوته للاعتراف الغرب بما تطالب به روسيا ، وأنه يستحيل هزيمتها ، فاالرئيس الاميركي جو بايدن ومعه عدد من الرؤوس الحامية في إدارته وفي الكونغرس مصرون على إستمرار توريد السلاح لنظام زيلنسكي حتى أخر أوكراني ، لاعتقادهم أن هذا الدعم سيرغم روسيا على التراجع عن شروطها ، وفي الدرجة الاولى إقامة عالم متعدد الاقطاب ، وبالتالي إسقاط الهيمنة الاميركية الاحادية على العالم ، لكن هذا الاعتقاد ، كما يؤكد عليه كبار القادة العسكريين والسياسين وصناع الرأي العام في العالم ، هو مجرد أوهام ، ليس فقط لان روسيا وزعيمها يسران في خطى ثابته نحو الانتصار الكامل ، بل أيضا لان كل هؤلاء القادة والمحللين على قناعة كاملة بأنه يستحيل هزيمة بوتين ، مهما كانت الظروف والمعطيات التي قد يتجه اليه مسار الصراع عبر البوابة الاوكرانية ، فهذا الرجل لن يقبل الهزيمة حتى لو تجمع العالم كله في مواجهته ، فبالنسبة له – كما يقول المثل – أخر الدواء الكي – بمعنى أنه إذا ما وصل الصراع نحو حشر روسيا ، بأي طريقة ، فالسلاح النووي جاهز لضرب وكل عواصم الناتو ومن يتحالف معه ، والدليل على ذلك المناروات التي أجرتها روسيا قبل أيام قليلة على أحدث صاروخ نووي عابر للقارات وسرعته عشرة أضعاف سرعة الصوت ، ، في وقت حذر كبار القادة في روسيا ، بدءا من بوتين ، أن لجؤ الادارة الاميركية لتزويد نظام زيلنسكي بصواريخ يصل مداها الى ٨٠ كيلو متر ، مع إحتمال لجؤ نظام كيف لاستهداف الاراضي الروسية بهذه الصواريخ ، سيقود حكما الى مواجهة مباشرة مع الولايات المتحدة ، ولو أن واشنطن أخذت وعودا من نظام زيلنسكي بعدم إستهداف الاراضي الروسية بهذه الصواريخ .
في كل الاحوال ، فالانتصار الروسي في الحرب غير المباشرة مع الاطلسي بات حقيقة مؤكدة ، ولا يمكن لاي صاحب عقل القفز فوق هذا الانتصار ، بإستثناء السذج ومن عقولهم مقفلة بحتمية إستمرار الهيمنة الاميركية على العالم ، لكن ما يثير القلق والرعب في العالم أجمع وخاصة في الغرب ، أن إصرار الادارة الاميركية على إطالة الحرب في أوكرانيا وتحويل النظام هناك لى مجرد أداة طيعة للاملاءات الاميركية ، من شأنه أن يرفع من نسبة حصول حرب عالمية ثالثة ومعها نشؤ حرب نووية لم يختبر العالم بأجمعه نتائج مثل هكذا حرب ، وبالتالي كلما طالت الحرب ومعه توسع التوتر والصراع بين روسيا والاطلسي ، كلما إقتربنا من إحتمال تفلت الامور نحو حرب عالمية ثالثة ، خصوصا أن بايدن يمعن في توريط بلاده ومعه العالم في أتون صراعات وتوترات تمتد الى معظم الكرة الارضية ، وما حصل ويحصل من محاولاته لتوتير الوضع بين الصين وجيرانها ، من اليابان ، الى كوريا الجنوبية ، وصولا حتى اوستراليا وكندا ، الى جانب محاولة دفع حلفائه في الغرب لمزيد من توتير الحرب في اوكرانيا ، كلها عوامل ترفع من نسبة إحتمال تطور الصراع في العالم نحو حرب عاليمية ثالثة ، مع ماينتج عن ذلك من إستخدام للسلاح النووي وإبادة البشرية ، او مليارات البشر في الحد الادنى .