أخبار محلية

جنود على الشاشة.. كيف يستقطب الجيش الأمريكي عشاق ألعاب الفيديو؟

ساسة بوست : يوليو 08, 2022

تحاول الأنظمة السياسية والجيوش طوال الوقت استغلال أي تطور على الساحة التكنولوجية في صالح الخدمات العسكرية، ومع بداية القرن الحادي والعشرين وظهور ألعاب الفيديو القتالية التي تحاكي مهمات وظروف الجيوش والحروب، انتبه القادة العسكريون، وخصوصًا في الولايات المتحدة الأمريكية، لما يمكن أن تقدمه تلك الألعاب للجيش.
إذ أطلق الجيش الأمريكي لعبة قتالية مجانية عام 2002 هدفها جذب وتجنيد الشباب من حول العالم للخدمة بين صفوفه، ومع تطور التكنولوجيا والألعاب الإلكترونية ذات الطابع الحربي، كون الجيش الأمريكى فريقًا خاصًّا أطلق عليه «فريق الرياضات الإلكترونية»، لتطوير ألعاب الإنترنت القتالية واستقطاب الشباب من خلالها، فكيف يحدث ذلك؟ وكيف تساعد تلك الألعاب الجيوشَ النظامية؟ هذا ما سنتحدث عنه في السطور القادمة.
كيف تتقاطع ألعاب الإنترنت القتالية مع الجيوش النظامية؟
اعتاد القادة العسكريون قديمًا تخطيط وإعداد واختبار تكتيكاتهم العسكرية على خريطة من الورق المقوى، فكانوا يغيرون النماذج الخشبية الصغيرة حول الحبر والورق والألوان والرسومات، وهي النماذج التي تمثل حركة القوات والمعدات على أرض المعركة، أما اليوم فهم قد يلعبون لعبة فيديو بدلًا من ذلك، وتساعدهم بشكل أكثر فاعلية.
إذ أصبحت تقنية ألعاب الفيديو القتالية مفيدة للعسكريين بشكل لا يصدق، فلديها القدرة على إعادة إنشاء كل تعقيدات العالم الحقيقي في العالم الافتراضي، فيمكن إعادة بناء سيناريوهات الحرب الواقعية افتراضيًّا واستكشافها، من تأثير الهجمات الإلكترونية والمعلومات المضللة إلى التوزيع والتركيبة السكانية والبنية التحتية للسكان، ويجري توجيه جميع الجوانب التي لا تعد ولا تحصى التي تؤثر في الحرب الحديثة في ألعاب المحاكاة تلك.
ولذلك، تستخدم الجيوش النظامية تكنولوجيا صناعة ألعاب الفيديو القتالية في أمرين مهمين: الأول، تدريب الجنود والضباط على طرق القتال والمواجهة والأسلحة والإستراتيجيات الجديدة، وأداء المهام الخطرة مثل نزع القنابل والألغام وتأمينهم، وتحرير الأسرى، أو تدريب الجنود والضباط على التكتيكات المبتكرة لتغيير التصور العام عن أرض المعركة، والثاني، هو استغلال ألعاب الفيديو القتالية لتجنيد الشباب من حول العالم لأداء لخدمة العسكرية، وللجيش الأمريكي تاريخ طويل في تجنيد الشباب، سنتناولها بالتفصيل في السطور القادمة.
جيش أمريكا 2002: لعبة إلكترونية قتالية لتجنيد شباب الألفية الجديد
أدرك المطورون في الولايات المتحدة الأمريكية القوة الكامنة في مستقبل ألعاب الفيديو القتالية، وما يمكنها تقديمه في عالم المحاكاة الواقعية لحياة الجيش، وفي عام 2002 أصدر الجيش الأمريكي لعبة إنترنت مجانية سميت جيش أمريكا، وهي لعبة قتالية لإطلاق النار ومحاكاة الإستراتيجيات العسكرية في ميدان القتال، ومصممة لمنح اللاعبين تجربة محاكاة حياة الجندى الأمريكى.
وبدأت لعبة جيش أمريكا بميزانية أولية قدرها 7 ملايين دولار جمعت من الضرائب الخاصة بالشعب الأمريكي، ونمت اللعبة سريعًا وأصبحت ميزانيتها تتجاوز 3 ملايين دولار سنويًّا لأعمال التطوير والترويج للعبة.
وروجت وزارة الدفاع للعبة جيش أمريكا على نطاق واسع، ونجحت اللعبة بدورها مع مرور الوقت في استقطاب الآلاف الشباب من حول العالم في الجيش الأمريكي والبحرية الأمريكية، فقد صنفت دراسة استقصائية أجريت عام 2003 اللعبة في المرتبة الرابعة في قائمة الأشياء التي تساهم في زيادة الوعي الإيجابي للجيش الأمريكي، وفي عام 2005 وجد أن أكثر من 40% من المجندين الجدد في الجيش الأمريكى من مستخدمى اللعبة.
وفي إحصائية أخرى عام 2008 أثبتت النتائج أن أكثر من 30% من المراهقين الأمريكيين أحبوا الجيش بسبب لعبة جيش أمريكا، كما أكدت أن اللعبة كان لها تأثير أكبر في المجندين أكثر من جميع الأشكال الأخرى لإعلانات الجيش.
وعقب انتهاء حرب العراق، احتج الكثير من الأمريكيين على سلوك الجيش الأمريكي وطريقته في تجنيد الشباب عن طريق لعبة جيش أمريكا، وفي عام 2007 خرجت مظاهرات للتنديد بعملية التجنيد تحت شعار «الحرب ليست لعبة»، لكن دون إحداث أي فرق، بل وصل عدد مستخدمى اللعبة عام 2018 إلى أكثر من 20 مليون لاعب.
لكن في الخامس من مارس (آذار) عام 2022، وبعد 20 عامًا من استخدام لعبة جيش أمريكا أداةً تجنيد لجيش الولايات المتحدة، ووصول مستخدميها لأكثر من 15 مليون لاعب سنويًا، أعلن البنتاجون حذف لعبة جيش أمريكا، لينتهي دور اللعبة في استقطاب المجندين الجدد لأمريكا، ويبدأ عصر تجنيد فريق الرياضات الإلكترونية.

أحدث أساليب تجنيد الشباب حول العالم في الجيش الأمريكي
يشهد سوق ألعاب الإنترنت القتالية تطورًا كبيرًا يومًا بعد يوم، مما دفع الإدارة الأمريكية للبحث عن بدائل أخرى للتجنيد بعيدًا عن لعبة جيش أمريكا، والتي قد لا تستطيع مجاراة التطور الهائل في سوق ألعاب الفيديو على الإنترنت، وعليه ابتكرت الإدارة الأمريكية فريق الرياضات الإلكترونية بديلًا لتجنيد الشباب في مختلف فروع الجيش.
أسس الجيش الأمريكي فريقًا للرياضات الإلكترونية عام 2018، ويعتمد الفريق على مجموعة من الجنود النشطين بالخدمة العسكرية وأفراد احتياطيين وقدامى المحاربين الذين يجيدون ألعاب الفيديو القتالية، ويهدف الفريق لتجنيد شباب للخدمة في الجيش الأمريكي والقوات البحرية والقوات الجوية.
ويستخدم فريق الرياضات الإلكترونية خاصيتي مشاركة اللعب والبث الحى لجذب اللاعبين الشباب للانضمام إلى المجتمع العسكري، ووصف ذلك بأنه أفضل أداة تجنيد للجيش، حيث فشلت الأساليب التقليدية، ويركز فريق الرياضات الإلكترونية الأمريكي على ألعاب الفيديو القتالية مثل «Call of Duty» و«Apex Legends» و«Fortnite»، وعلى منصة «تويتش» للألعاب، والتي تمثل بيئة جيدة لصيد المجندين الجدد.
وزاد نشاط فريق الرياضات الإلكترونية في منصات ألعاب الفيديو القتالية بالتزامن مع تفشي وباء كورونا عام 2019، فقد كانت فرصة جيدة لاصطياد المجندين المحتملين أثناء فترات الحجر الطويل، وكان هدف الفريق تجنيد 66 ألف شخص عام 2020 من خلال منصات ألعاب الفيديو القتالية على شبكة الإنترنت.
وتجري عملية التجنيد من خلال تجول أعضاء الفريق في قنوات ألعاب الفيديو القتالية، ومتابعة اللاعبين الجيدين في التصويب، وفي الإستراتيجيات العسكرية، وفي المهام القتالية، ثم محاولة اللعب المباشر معهم ودعوتهم إلى غرف الدردشة للحديث معهم، والترويج لمزايا الجيش وحياة الجندي، وبعدها يجري تحديد الفرع المناسب لهم داخل الجيش، إما القوات البحرية وإما القوات الجوية وإما الجيش الأمريكي، ومن ثم تجنيد من يبدي استعدادًا منهم بشكل رسمي.
وقد واجه الجيش الأمريكى العديد من الانتقادات بسبب فريق الرياضات الإلكترونية ونشاطه المخيف على شبكة الإنترنت، ومن أبرز الانتقادات والاتهامات التي وجهت لفريق الرياضات الإلكترونية، نشر العنف بين الأطفال في أمريكا، ومحاولة استقطاب الأطفال والمراهقين وتجنيدهم، وهو أمر غير قانوني، إلى جانب انتهاك قانون حرية ممارسة التعبير عن الرأي، فقد قام الفريق بحذف مئات الحسابات من قناته على منصة «تويتش» لأنهم وضعوا تعليقات تدين الجيش الأمريكي وحروبه ونشاط الفريق.
وفي عام 2020 حاولت النائبة في الكونجرس الأمريكي، ألكساندريا أوكاسيو كورتيز، تمرير قرار يلزم الجيش بعدم التعرض للأطفال والمراهقين على شبكات الإنترنت، من خلال تجميد دور فريق الرياضات الإلكترونية أو تحجيمه، ومنع الجيش من إهدار ميزانيات في منصة «تويتش» وألعاب الفيديو القتالية على الإنترنت التي هدفها تجنيد شباب وأطفال صغيري السن سريعي التأثر، ولسوء الحظ لم يمرر أي قرار، ولكن ساعدت الحملة على تركيز الانتباه على نشاط فرق الرياضات الأمريكى بشكل أكبر.
لكن في المقابل تمكن فريق الرياضات الإلكترونية الأمريكي من أداء مهمته كما خطط لها، إذ يتقدم ويتجند آلاف الشباب كل عام عن طريق مصيدة ألعاب الفيديو القتالية على الإنترنت، وهذا ما حدث في الحرب الأوكرانية الروسية المستعرة حاليًا، فهناك العديد من التقارير والشهادات التي تؤكد أن هناك أشخاصًا جرى تجنيدهم للحرب في أوكرانيا بجانب القوات الأوكرانية ضد روسيا عن طريق لعبة «كول أوف ديوتي» وغيرها من ألعاب الفيديو القتالية، وبالرغم من عدم خبرتهم أو جاهزيتهم وأنهم لم يطلقوا النار قط في حياتهم، فإن فريق الرياضات الأمريكية لم يفكر في التراجع أبدًا عن تجنيدهم وتقديمهم للقتال بدم بارد.
والجدير بالذكر، أن استخدام ألعاب الفيديو القتالية على الإنترنت مصيدة للتجنيد، لا يتوقف على الجيش الأمريكي، وفريق الرياضات الإلكترونية الخاص به فقط، فهناك تقارير تؤكد استخدام الجيش البريطاني ألعاب الفيديو القتالية للترويج لمزايا للخدمة العسكرية ولتجنيد الشباب من حول العالم، كما يفعل الجيش الروسي ذلك أيضًا، وغيرهم من الجيوش بكل تأكيد.

المصادر

1- This Is How The U.S. Military Is Using Esports
2- The US Military Is Using Online Gaming to Recruit Teens
3- War games: The military’s deep affinity with gaming
4- Army Tweaks Recruitment Video Game To Train Soldiers For Real “Hurt Locker” Situations
5,- Digital Combat Simulator World
ARMY CAREER MATCH
6- After 20 years, the U.S. Army is shutting down its recruitment video game, ‘America’s Army’
7- Iraq War Veterans Protest America’s Army
8 – America’s Army is Shutting Down After 20 Years
‘9- America’s Army’, the Pentagon’s Video Game, Shuts Down After 20 Years
10 – The military is turning to Twitch to fix its recruitment crisis
11 – How the US military is using ‘violent, chaotic, beautiful’ video games to train soldiers
12 – Playing War: How the Military Uses Video Games
13 – It’s not just Twitch: The military has a history of using video games to reach young people
14 – Why the US military’s engagement with Gen Z on Twitch is increasingly under scrutiny
15 – Alexandria Ocasio-Cortez joins ‘Animal Crossing’
16 – U.S. Army Esports Team May Have Violated the First Amendment on Twitch
17 – Army Deploys Videogames to Reach Recruits Amid Pandemic
18 – The Army is supposed to be growing, but this year, it didn’t at all
19 – How the US Army uses video games to attract Gen Z
20 – UK: ‘Call Of Duty’ Obsession Encourages Teenager To Join 21Ukrainian Forces To Fight Russia
22 – The US military is using video games and esports to recruit – it’s downright immoral
23 – U.S. ARMY ESPORTS TEAM
24 – GROW, BORROW, RECRUIT, AND 25REORGANIZE: HOW THE MILITARY CAN GET THE PERSONNEL IT NEEDS FOR DIGITAL WAR
26 – Thousands Apply To Join New Army Esports Team
27 – As Ukrainian pro gamers flee from war, esports community offers aid
28 – Games industry rallies behind Ukraine in face of Russian invasion
29 – russia-military-army

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى