منسق عام جبهة العمل الإسلامي شارك في مؤتمر “التراث التاريخي للإسلام” في سان بطرسبرغ ودعا إلى نصرة فلسطين.
بدعوة من مفتي سان بطرسبرغ في روسيا الاتحادية سماحة الشيخ راويل بنتشييف شارك منسق عام جبهة العمل الإسلامي ونائب رئيس تجمع العلماء المسلمين في لبنان سماحة الشيخ الدكتور زهير الجعيد في المؤتمر العلمي والعملي الدولي الذي انعقد تحت عنوان: “التراث التاريخي والروحي للإسلام كعامل في وحدة الشعوب” (مكرس للذكرى 1100 عاماً لاعتماد الإسلام في فولغا بلغار في روسيا) في مدينة سان بطرسبرغ حيث شارك في المؤتمر عدد كبير من العلماء والمفتين الروس ورجال الدين من عدة أديان وطوائف في روسيا، وممثلين عن 17 دولة، ومسؤولين سياسيين ومفكرين روس وممثلين عن الحكومة الروسية.
وألقى سماحة الشيخ الدكتور زهير الجعيد كلمة في افتتاح المؤتمر هذا نصها:
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
سماحة المفتي.. السادة العلماء.. الأخوة الحضور.. الاخوات جميعأ السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
يقول الله تعالى في كتابه الكريم: (يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم).
أقف هنا في سان بطرسبرغ هذه المدينة التي لها في التاريخ الأثر في العلم والثقافة والأدب.. وأنا أعتز حين نقف هنا لنتكلم عن الإسلام العالمي، إسلام التسامح والرحمة والسلام، وكم كان للمسلمين من أهل هذه المناطق في روسيا الاتحادية الدور الكبير في نصرة الإسلام والمسلمين.
تكلم كثيرون عن تاريخ المسلمين في هذه البلاد، ولكني اليوم لا بد ان أتكلم معكم عن المستقبل ودور المسلمين في هذه البلاد في صناعة هذا المستقبل للعالم، ونحن نستشرف عالماً آخر جديداً، لقد عشنا في منطقتنا العربية بل في كل العالم بعد انهيار الاتحاد السوفياتي آحادية السياسة الأمريكية الإمبريالية التي أفسدت هذا الكون، هذه السياسة الرأسمالية التي لم تهتم بالإنسان والأرض التي يسكنها، ولم تهتم إلا بمصلحة بعد الأفراد والشركات المتوحشة، فدخلت وتدخلت في كل البلدان والمناطق فأفسدت فيها وجعلت الأخ يقاتل أخيه، هذه السياسة المبنية على التفرقة والتمزق والتشرذم، فجاءت إلى العراق واحتلته وقتلت شعبه وسرقت كل مقدراته، وجاءت إلى سوريا بمجموعات الإرهاب والتكفير والقتل ودعمت الإرهابيين والتكفيريين واحتلت مناطق مباشرة، وهي نفسها أمريكا التي تدعم وتساند وتحمي الكيان الصهيوني في فلسطين، هؤلاء الصهاينة الذين احتلوا الأرض وطردوا الفلسطينيين من بيوتهم وهجروهم خارج وطنهم وممتلكاتهم ومقدساتهم، وهم الآن مهجرون في أنحاء العالم لا يجدون لهم مأوى ولا ناصر لهم يعيد لهم حقهم، واليوم آلة الدمار الصهيونية تحاصر الفلسطينيين في الضفة الغربية وتعتدي وتقتل بلا حسيب ورقيب والقدس الشريف والمسجد الأقصى تحت تهديد الهدم والتدنيس.
نحن نجد اليوم أن هناك تاريخاً جديداً يكتب، يكتبه الرئيس فلاديمير بوتين، تكتبه روسيا التي جاءت إلى سوريا لتقاتل معنا جنباً إلى جنب التكفيريين الذين تشغلهم المخابرات الأمريكية، لننتصر سوياً على التكفير الذي قتل المسلم قبل أن يقتل المسيحي، ودمر المسجد قبل أن يدمر الكنيسة، هذا الفكر الإرهابي الذي وصل في يوم من الأيام إلى هذه البلاد فقتل علماءها ودمر مساجدها وعاث فساداً في داغستان والشيشان وغيرها، نواجهه من خلال اجتماعنا بالفكر الانفتاحي وإيضاح الدين الحق ومن خلال فكر إسلامي أصيل ينتسب إلى رسول الله الذي قال فيه ربنا جل وعلا: (وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين)، نواجهه بمثل هذا الاجتماع، فنرى في هذا المؤتمر المسيحي واليهودي والمسلم يلتقون سوية من أجل بناء الإنسان في هذا الكون، ونجد في هذا المؤتمر العرب والفرس والروس وغيرهم إخوة جنباً إلى جنب، فنرى السعودي يجلس إلى جانب الإيراني كما يجب أن نكون دائماً وفي كل مكان.
اميركا دخلت منطقتنا ففرقت العرب والمسلمين، فباعدت السعودي عن الإيراني وعن القطري، والسني عن الشيعي، وهكذا، وأرادت ان نضرب بعضنا بعضاً. ولكن هذه هي روسيا وعلماء روسيا ومفتيو روسيا يجمعون أبناء الأمة من كل مكان وليس من أجل المسلمين فقط ولكن من أجل كل الناس تحت القاعدة الإسلامية الإنسانية التي وصف ربنا جل وعلا نبيه صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم بها: (وما أرسلناك الا رحمة للعالمين).
في أوكرانيا يكتب تاريخ جديد، لذلك نجد كل الغرب والامبرياليين يدعمون الرئيس زيلنسكي، ليس حباً في أوكرانيا ولا برئيسها ولا بشعبها، ولكن لأن السياسة الأمريكية الإمبريالية تسقط هناك.
هناك اعتداء كبير من قبل الناتو على روسيا، حين تبنى القواعد الامريكية على الحدود الروسية فهذا يهدد الأمن الوطني القومي لروسيا.
لذلك واجب على كل الروس، المسلمون قبل غيرهم أن يقاتلوا هناك دفاعاً عن حرية بلادهم، وان يدافعوا عن استقلال بلادهم، وان يدافعوا عن مصالح بلادهم.
فرق كبير بين السياسة الأمريكية والسياسة الروسية، لذلك بكل صراحة أنا هنا أشارك معكم، الرئيس بوتين وقف ليس في وجه السياسة الأمريكية والغربية فقط، ولكن حتى في مسائل الدفاع عن الأخلاق والقيم والتقاليد، أوليست أمريكا هي التي تأتي إلينا والغرب معها بالإباحية والمثلية وكل الانحلالات في القيم والأخلاق، ونجد الرئيس بوتين يقف ويقول لا حقوق للمثليين لأنهم يخالفون القيم الإنسانية والمنطق الطبيعي والحق.
أتمنى من الله عز وجل ونحن مجتمعون هنا، أن تكون هذه الجمعة جامعة خير وبادرة خير، كم أسر حين أرى أخي الإيراني إلى جانب أخي السعودي، ما يحدث من خلاف هو ليس من الإسلام وليس من الدين، فالخلافات السياسية للمصالح يجب أن نفكر من المستفيد من الخلافات العربية والإسلامية، وفي كل يوم هناك إخوة لكم يذبحون في فلسطين.
أتمنى من الأخوة القطريين والسعوديين والإيرانيين والإماراتيين والمصريين وهم ممثلون في هذا المؤتمر ويجلسون جنباً إلى جنب، وكل دول المنطقة، أن يفكروا بإخوانهم في فلسطين، أن يتوحدوا حول فلسطين، لأن القدس ليست للفلسطينيين ولا للمسلمين وحدهم، ولكن القدس اليوم هي عنوان كل مظلوم في هذه الأرض، ونصرتها واجبة قبل أي شيء، لذلك ما يجمعنا أكبر بكثير مما يفرقنا.
أرجو الله عز وجل أن تكون هذه المبادرة وهذه المؤتمرات هي محفز على الوحدة الاسلامية والوحدة الإنسانية لأن الله تعالى يقول: (إن هذه أمتكم أمة واحدة وأنا ربكم فاعبدون)، فنحن المسلمون لسنا أمم رغم اختلاف ألسنتنا باللغات، ولكننا أخوة، كما نحن أخوة في الإنسانية مع من يعمل للخير والحق ورفع الظلم.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته