✳️ تداعيات الحرب الإسرائيلية في غزة على المصالح الأمريكية في الشرق الأوسط ✳️
✳️ تداعيات الحرب الإسرائيلية في غزة على المصالح الأمريكية في الشرق الأوسط ✳️
عمرو عبدالعاطي – إنترريجونال للتحليلات الاستراتيجية
اتخذت إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن، منذ اليوم الأول لعملية “طوفان الأقصى” التي نفذتها حركة حماس ضد المستوطنات في غلاف قطاع غزة موقفاً داعماً لإسرائيل ولحقها في الدفاع عن نفسها، والتخلص من مقاتلي الفصائل الفلسطينية في غزة. ورغم التصريحات العلنية للمسؤولين الأمريكيين بدعم العمليات العسكرية الإسرائيلية في غزة التي تخلف كارثة إنسانية في القطاع تثير غضب الشارع العربي والرأي العام العالمي وفي القلب منه الأمريكي، فإن الكثير من التقارير الأمريكية تشير إلى ضغوط الإدارة الأمريكية على تل أبيب لعدم توسيع عملياتها العسكرية لخفض تأثيراتها الإقليمية والدولية، وكذلك على الداخل الأمريكي مع قرب موعد الانتخابات الرئاسية التي ستجرى في نوفمبر من العام القادم، والتي قد تؤثر بصورة كبيرة على فوز بايدن بفترة رئاسية ثانية.
تهديد المصالح
تحمل العملية العسكرية الإسرائيلية، واحتمالات توسيع نطاق الغزو البري في غزة العديد من التداعيات السلبية على النفوذ الأمريكي، وكذلك مصالح الولايات المتحدة وأمن الأمريكيين في الشرق الأوسط، وتتمثل أبرز تلك التداعيات فيما يلي:
1. تزايد استهداف الوجود الأمريكي في المنطقة: مع ارتفاع التكلفة الإنسانية للحرب الإسرائيلية في قطاع غزة، تتصاعد الهجمات التي تُنسب إلى مجموعات موالية لإيران ضد القوات الأمريكية في العراق وسوريا؛ فقد ذكرت وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاغون) في أواخر أكتوبر الماضي أن القوات الأمريكية في العراق وسوريا تعرضت لهجمات بطائرات بدون طيار أو صواريخ 27 مرة على الأقل في الأيام الأخيرة، مع انتشار المزيد من القوات الأمريكية في المنطقة. وقد سبق أن ذكر المتحدث باسم وزارة الدفاع بات رايدر، أن 21 موظفاً أمريكياً قد أصيبوا في اثنتين من تلك الهجمات عندما استهدفت الطائرات بدون طيار قاعدة الأسد الجوية في العراق، وقاعدة التنف في سوريا.
وتشير تقارير أمريكية إلى أن هناك معلومات استخباراتية توضح أن وكلاء إيران المسلحين في الشرق الأوسط يخططون لتكثيف الهجمات المسلحة بالطائرات بدون طيار ضد القوات الأمريكية في المنطقة؛ حيث تسعى طهران إلى الاستفادة من الغضب الرسمي والشعبي للدعم الأمريكي اللامتناهي للعمليات العسكرية الإسرائيلية في غزة.
2. دعوات إلى غلق السفارة الأمريكية بالعراق: مع ارتفاع عدد القتلى والمصابين الفلسطينيين من جراء العمليات العسكرية الإسرائيلية في غزة المدعومة من قبل الولايات المتحدة، تتصاعد الدعوات السياسية إلى ضرورة غلق السفارة الأمريكية في بغداد بعد دعوة زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر إلى ذلك، وهي الدعوة التي تلقفتها قوى محلية مسلحة، وهو الأمر الذي يُثير الهواجس من احتمالات تعرض السفارة الأمريكية في بغداد لأعمال عنف.
وقد تقدم 32 عضواً في البرلمان العراقي من أصل 329 بوثيقة رسمية يطالبون فيها رئاسة البرلمان بعقد جلسة استثنائية تتضمن إغلاق السفارة الأمريكية في بغداد، وطرد السفيرة الأمريكية لدى العراق آلينا رومانوسكي، وتعليق العلاقات الدبلوماسية مع جميع الدول الداعمة لإسرائيل في حربها ضد غزة وبقية الأراضي الفلسطينية، لكن المؤشرات تُشير إلى صعوبة انعقاد تلك الجلسة في ظل الخلافات الحادة بين زعيم التيار الصدري وقيادات الإطار التنسيقي الشيعي، التي ستحول دون التوصل إلى قرار برلماني نهائي بشأن غلق السفارة الأمريكية في العراق.
3. معارضة تعيين السفيرة الأمريكية في الكويت: قاد عدد من النواب والنشطاء الكويتيين موجة احتجاجات تُطالب الدولة بمنع السفيرة الأمريكية الجديدة لدى الكويت كارين ساساهارا، من تسلم مهام عملها وسط استمرار الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة؛ فقد هدد عدد من النواب باستجواب الحكومة إذا أقدمت على اعتمادها سفيرة للولايات المتحدة لدى الكويت. ولكن الحكومة الكويتية رفضت تلك الدعوات، وحسمت الجدل بشأن اعتماد السفيرة الأمريكية القادمة لدى دولة الكويت؛ حيث أكد وزير الخارجية الكويتي الشيخ سالم الصباح، أن أمير البلاد قبِل ترشيح السفيرة الأمريكية الجديدة لدى الكويت.
4. تراجع الثقة بالولايات المتحدة كوسيط نزيه: زاد الدعم الأمريكي لإسرائيل التي تنفذ هجمات عسكرية تستهدف “المواطنين العزل” في غزة من ارتفاع نسب المعارضة الشعبية داخل عديد من دول المنطقة للولايات المتحدة، وهي النسب التي كانت في انخفاض؛ وذلك في مقابل ارتفاع نسب رضاء الشارع العربي عن خصوم ومنافسي الولايات المتحدة (روسيا والصين خاصة) في وقت يتزايد فيه دورهما في الشرق الأوسط بينما تقلل واشنطن من انخراطها في المنطقة؛ فقد أظهر استطلاع أجرته مؤسسة جالوب قبل الحرب الإسرائيلية في الضفة الغربية وقطاع غزة من يوليو إلى سبتمبر 2023، أنه لم يكن لدى الفلسطينيين ثقة بالرئيس الأمريكي كوسيط عادل في الصراع الفلسطيني-الإسرائيلي؛ حيث قال 84% من الفلسطينيين إنهم ليس لديهم ثقة كبيرة بالرئيس الأمريكي بايدن للتفاوض على معاهدة سلام عادلة على قدم المساواة بين الفلسطينيين والإسرائيليين.
5. تخوفات من تهديد الأمريكيين بالمنطقة: هناك تخوف لدى الإدارة الأمريكية، ولدى العديد من المحللين الأمريكيين، من أن ارتفاع التكلفة الإنسانية للعمليات العسكرية الإسرائيلية في غزة، وارتفاع نسب المعارضة العربية للولايات المتحدة لدعمها اللامتناهي لإسرائيل قد يحدث تحولاً في نهج المجموعات المسلحة الموالية لإيران في المنطقة من استهداف القواعد العسكرية الأمريكية إلى أخذ جنود أمريكيين رهائن، وكذلك محاولات قتل جنود أو دبلوماسيين أمريكيين بعدد من الدول العربية التي تنشط بها.
6. إشكالية التوفيق بين دعم إسرائيل ووقف العدوان على غزة: تواجه الإدارة الأمريكية تحدياً في الجمع بين دعم العمليات العسكرية الإسرائيلية في القطاع، وتلبية المطالب الدولية والإقليمية بوقف العنف وتحقيق الاستقرار في المنطقة؛ فقد سبق أن ألغت مصر والأردن والسلطة الفلسطينية اجتماعاً كان مقرراً مع الرئيس الأمريكي خلال زيارته القصيرة لإسرائيل في 18 أكتوبر الماضي بعد اتهام إسرائيل بقصف المستشفى الأهلي المعمداني.
كما ظهرت هذه الإشكالية خلال زيارة وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن الأخيرة للمنطقة، واللقاء الذي جمعه بوزراء خارجية السعودية وقطر والإمارات ومصر والأردن بالإضافة إلى ممثلين فلسطينيين في العاصمة الأردنية عمان؛ ففيما طالب وزيرا خارجية الأردن ومصر، وهما يقفان بجانب بلينكن في مؤتمر صحفي يوم 4 نوفمبر الجاري، بوقف الأعمال القتالية، مؤكدين أن مقتل الآلاف من المدنيين لا يمكن تبريره على أنه دفاع عن النفس، بدا أن بلينكن يرفض هذا الطلب؛ إذ قال إن تطبيق مثل هذه الهدنة الآن سيسمح لحركة حماس بإعادة تنظيم صفوفها ومهاجمة إسرائيل مجدداً.
7. ضغوط على الدول العربية لقطع العلاقات مع إسرائيل: بينما كان الرئيس جو بايدن يبذل جهوداً لدعم الانفتاح في العلاقات بين الدول العربية وإسرائيل، وهو الأمر الذي كان سيستغله للترويج خلال حلمته الانتخابية، فإن استمرار العمليات العسكرية يقوض من فرص التوصل إلى اتفاق بعد حديث أطرافه عن قرب التوصل إليه، فضلاً عن أن استمرار العمليات العسكرية الإسرائيلية في غزة يفرض قيوداً متعددة على الدول العربية التي لها علاقات مع إسرائيل، أو تفكر في تحسين العلاقات معها؛ حيث تواجه ضغوطاً متزايدة من شعوبها لقطع هذه العلاقات، بسبب الحرب الحالية بين إسرائيل وحماس. وقد شهدت العديد من الدول العربية احتجاجات حاشدة تعبر عن الدعم الشعبي للفلسطينيين. وهكذا فإن استمرار الحرب في غزة، ومواصلة الدعم الأمريكي لإسرائيل، يضعان الحكومات العربية في موقف محرج. ومع استمرار العمليات العسكرية الإسرائيلية فإن تحقيق الإدارة الأمريكية مزيداً من التطبيع العربي مع إسرائيل قد يتباطأ أو يتوقف لفترة من الزمن.
تحركات أمريكية
في رد على التهديدات التي تتعرض لها القواعد العسكرية الأمريكية في العراق وسوريا، وكذلك المواطنون الأمريكيون في ظل التأييد العلني لمسؤولي إدارة الرئيس جو بايدن للعمليات العسكرية الإسرائيلية في قطاع غزة التي تنذر بكارثة إنسانية متصاعدة، فقد أعلنت الإدارة الأمريكية عن العديد من الإجراءات لصون المصالح والأمن القومي الأمريكي في الشرق الأوسط، ومن أبرز تلك التحركات ما يلي:
1. تعزيز الوجود العسكري في الشرق الأوسط: مع بداية التصعيد العسكري في الأراضي الفلسطينية عقب عملية “طوفان الأقصى” سعت الولايات المتحدة إلى تعزيز الوجود العسكري الأمريكي في المنطقة لثلاثة أهداف رئيسية؛ يتمثل أولها في تأكيد أمريكا عدم السماح للمجموعات الموالية لإيران بتهديد المصالح والأمن القومي الأمريكي في المنطقة، ويرتبط ثانيها بإظهار الدعم العسكري الأمريكي لإسرائيل لحقها في الدفاع عن نفسها، وتأكيد الالتزام الأمريكي بأمن حليفتها الاستراتيجية في المنطقة. وينصرف ثالثها إلى ردع وكلاء إيران في المنطقة من توسيع نطاق الحرب الإسرائيلية في غزة ضد حركة حماس والمقاومة الفلسطينية.
ففي أعقاب العملية تم الإعلان عن إرسال حاملتي الطائرات “يو إس إس أيزنهاور” و” يو إس إس جيرالد آر فورد” ومجموعة السفن الحربية التابعة لهما إلى شرق البحر الأبيض المتوسط، واستعداد ما يقرب من ألفي جندي أمريكي لاحتمال نشرهم في إسرائيل لتقديم المساعدات في مهام كالدعم الطبي واللوجستي. وقد طلبت وزارة الدفاع الأمريكية تجهيز طائرات حربية إضافية لدعم أسراب طائرات “إيه-10″ و”إف-15″ و”إف-16” الموجودة في الشرق الأوسط لمساعدة إسرائيل إذا لزم الأمر، كما أعلنت وزارة الدفاع الأمريكية في أواخر أكتوبر الماضي أن الولايات المتحدة سترسل 300 جندي إضافيين إلى منطقة الشرق الأوسط، وستكون مهمتهم الأساسية تقديم الدعم في مجالات منها تفكيك العبوات الناسفة والاتصالات.
2. دعم القدرات الأمريكية لحماية القواعد العسكرية بالمنطقة: مع تزايد الهجمات بطائرات بدون طيار ضد القواعد العسكرية الأمريكية في العراق وسوريا، التي يتوقع تزايدها مع استمرار العمليات العسكرية الإسرائيلية في غزة؛ اتخذ الجيش الأمريكي خطوات جديدة لحماية قواته في الشرق الأوسط من خلال زيادة الدوريات العسكرية الأمريكية، وتقييد الوصول إلى مرافق القواعد الأمريكية، وزيادة جمع المعلومات الاستخبارية، من خلال الطائرات بدون طيار وعمليات المراقبة الأخرى؛ وذلك بجانب تعزيز المراقبة من أبراج الحراسة على المنشآت العسكرية الأمريكية، والإجراءات الأمنية عند نقاط الوصول إلى القواعد، وزيادة العمليات لمواجهة الطائرات بدون طيار والصواريخ والقذائف المحتمل إطلاقها على القواعد الأمريكية.
وقد ذكر رئيس القيادة المركزية الأمريكية الجنرال مايكل كوريلا، لوكالة رويترز أنه مع زيادة عدد الهجمات ومحاولات الهجوم على مواقع عسكرية أمريكية، تتزايد أهمية المراجعة المستمرة لإجراءات حماية القوات الأمريكية، وقد ذكر أن الخطوات التي تم اتخاذها بالفعل لزيادة إجراءات حماية القوات، وكذلك نشر أصول عسكرية أمريكية إضافية في المنطقة في الأيام الأخيرة، قد حالت دون وقوع المزيد من الخسائر الخطيرة في صفوف القوات الأمريكية في مسرح العمليات.
3. منع توسيع الحرب الإسرائيلية: تشير العديد من التقارير الأمريكية إلى أن الإدارة الأمريكية تحذر إسرائيل من توسيع عملياتها العسكرية، رغم الإعلان الأمريكي عن أن من حق إسرائيل الدفاع عن نفسها، والتخلص من حركة حماس؛ لأن ارتفاع التكلفة الإنسانية للغزو البري الإسرائيلي لقطاع غزة قد يُحدث تحولاً في الرأي العام العالمي المؤيد لإسرائيل وحقها في الدفاع عن نفسها بمجرد رؤية القوات الإسرائيلية وهي تقوم بجرائم حرب، وهو ما قد يقوض من الدعم الأمريكي لإسرائيل مع تزايد الضغوط الداخلية والخارجية عليها لإيقاف تل أبيب عن ارتكاب المزيد من الانتهاكات الإنسانية.
وهناك تخوف أمريكي من أن يدفع توسيع الحرب الإسرائيلية وكلاء إيران في المنطقة إلى توسيع نطاق العملية العسكرية الإسرائيلية إلى حرب إقليمية لن تقتصر تداعياتها على الولايات المتحدة فقط، بل ستكون عالمية؛ حيث سيكون لها تأثيرات على الاقتصاد العالمي وارتفاع أسعار النفط والغذاء التي بدأت تنخفض بعد فترة من الارتفاع في أعقاب العملية العسكرية الروسية ضد أوكرانيا في 24 فبراير 2022، وهو ما يفرض المزيد من الضغوط على اقتصاديات الدول الغنية والفقيرة التي لا تزال تتعافى من تداعيات الأزمة الأوكرانية، وجائحة كوفيد-19.
وقد سبق أن حذر الرئيس الأمريكي جو بايدن خلال زيارته لإسرائيل في 18 أكتوبر 2023 من سيطرة الغضب على قرارها؛ حيث أشار إلى أن الغضب الذي سيطر على الولايات المتحدة عقب أحداث 11 سبتمبر الإرهابية دفعها إلى ارتكاب أخطاء عدة، في إشارة واضحة إلى الغزو الأمريكي للعراق في مارس 2003.
4. دعوات لدخول المساعدات الإنسانية لفلسطين: مع تزايد حالة الغضب العالمي من ارتفاع التكلفة الإنسانية للعمليات العسكرية الإسرائيلية في قطاع غزة، وإعراب العديد من المسؤولين الأمريكيين سراً – بحسب تقرير لمجلة “فورين بوليسي” نشر في الأول من نوفمبر الجاري – عن مخاوفهم العميقة بشأن الكيفية التي أدت بها حملة القصف والغارات الإسرائيلية على غزة إلى تفاقم الأزمة الإنسانية وارتفاع عدد القتلى المدنيين، بدأت تتصاعد الدعوات الأمريكية لإدخال المساعدات الإنسانية للفلسطينيين المحاصرين في قطاع غزة؛ فقد دعا وزير الخارجية الأمريكية إلى “وقفات إنسانية” قصيرة للسماح بدخول إمدادات الإغاثة الإنسانية التي تشتد الحاجة إليها في غزة. وقد أشار تقرير المجلة إلى نجاح المسؤولين الأمريكيين في الضغط على إسرائيل لاستئناف إمدادات المياه إلى قطاع غزة.
5. الانخراط غير المباشر في مفاوضات الإفراج عن الأسرة لدى حماس: رغم الإعلان الأمريكي العلني عن دعم الولايات المتحدة العمليات العسكرية الإسرائيلية للقطاع على حركة حماس في قطاع غزة، فإن الإدارة لا تزال تولي أهمية كبيرة للجهود التي تبذلها مصر وقطر لإطلاق الرهائن الذين يحملون الجنسيتين الأمريكية والإسرائيلية وتحتجزهم حماس، والتي سيكون من شأنها تهدئة التوتر العسكري الذي تشهده الأراضي الفلسطينية الذي قد يتحول إلى حرب إقليمية.
6. استعدادات لإجلاء الأمريكيين من المنطقة: اتساقاً مع نهج الإدارة الأمريكية لسرعة إجلاء الأمريكيين من مناطق الصراع في منطقة الشرق الأوسط، كشف تقرير لصحيفة “واشنطن بوست” في 23 أكتوبر 2023 عن استعداد إدارة بايدن لاحتمال إجلاء مئات الآلاف من الأمريكيين إذا اقتضت الضرورة. وقد أشارت تقارير إلى أن الجيش الأمريكي مستعد لإمكانية إجلاء عائلات العسكريين الأمريكيين إذا لزم الأمر.
ومع التوقعات الأمريكية المتزايدة بتزايد الهجمات ضد الأمريكيين في المنطقة مع استمرار العملية العسكرية الإسرائيلية، طالبت وزارة الخارجية الأمريكية المواطنين الأمريكيين بعدم السفر إلى العراق لأسباب أمنية، وقد سبق أن أصدرت وزارة الخارجية الأمريكية تحذيراً أمنياً تنصح فيه الأمريكيين في الخارج بتوخي مزيد من الحذر بسبب احتمال وقوع أعمال عنف وزيادة التوترات في مواقع مختلفة حول العالم. وبالفعل طلبت وزارة الخارجية الأمريكية من بعض الدبلوماسيين الأمريكيين غير الأساسيين في سفارة بغداد وقنصلية أربيل مغادرة العراق بسبب التهديدات الأمنية المتزايدة، وكذلك حثت مواطنيها الراغبين في مغادرة لبنان على سرعة القيام بذلك الآن، في وقت لا تزال فيه الرحلات الجوية التجارية متاحة؛ لأن الوضع الأمني لا يمكن التنبؤ به.
7. الرد على هجمات وكلاء إيران على القواعد العسكرية الأمريكية: كثيراً ما أكد مسؤولو الإدارة الأمريكية أن الولايات المتحدة لن تقف مكتوفة الأيدي بينما تتعرض قواعدها العسكرية لهجمات من المجموعات الشيعية في العراق وسوريا، وقد سبق أن حذر وزير الدفاع الأمريكي لويد أوستن من أن الولايات المتحدة لن تتردد في التحرك عسكرياً ضد أي منظمة أو دولة تسعى إلى توسيع النزاع في الشرق الأوسط بين إسرائيل وحركة حماس؛ فقال خلال جلسة استماع بمجلس الشيوخ لطلب الدعم المالي لإسرائيل وأوكرانيا، إنه إذا استمرت الجماعات المدعومة من إيران في مهاجمة القوات الأمريكية، فلن يتردد الجيش الأمريكي في اتخاذ مزيد من الإجراءات الضرورية في المنطقة.
ورداً على عدد كبير من الهجمات بالطائرات بدون طيار والصواريخ ضد القواعد والأمريكيين، شنت الطائرات المقاتلة الأمريكية غارات جوية في 27 أكتوبر الفائت على موقعين في شرق سوريا مرتبطين بالحرس الثوري الإيراني.
موقف دفاعي
في التحليل الأخير، لم تقتصر تداعيات الموقف الأمريكي من العمليات العسكرية التي تشنها القوات الإسرائيلية ضد الفلسطينيين في قطاع غزة في أعقاب عملية “طوفان الأقصى” التي نفذتها حركة حماس في السابع من أكتوبر 2023 ضد المستوطنات الإسرائيلية في غلاف قطاع غزة، على مصالح الولايات المتحدة ووجودها العسكري في منطقة الشرق الأوسط، بل كانت لها تداعيات في الداخل الأمريكي؛ فقد زاد مستوى انتقاد سياسات الإدارة الأمريكية مع استمرار الدعم للعمليات العسكرية الإسرائيلية لكونها ذات تكلفة إنسانية باهظة على المدنيين الفلسطينيين المحاصرين في قطاع غزة، ليس داخل حزب الرئيس (الحزب الديمقراطي) من التيار التقدمي فقط، بل داخل وزارة الخارجية الأمريكية أيضاً.
وأشار تقرير مجلة “فورين بوليسي” السابقة الإشارة إليه إلى عاصفة التمرد التي تختمر داخل وزارة الخارجية الأمريكية؛ حيث يعرب العديد من الدبلوماسيين الأمريكيين سراً عن شعورهم بالغضب والصدمة واليأس بسبب ما اعتبروه تأييداً “أعمى” من جانب واشنطن لإسرائيل، وهو ما يفرض على الإدارة الأمريكية الدفاع عن سياساتها في الخارج، وفي منطقة الشرق الأوسط على وجه الخصوص، والداخل على حد سواء.