أخبار محلية

حكومة الحرب الإسرائيلية.. كيف اجتمع الخصوم وهل يصمدون؟

في ظل حالة من الارتباك، تحت سقف حكومة غير متجانسة، وجد نتنياهو نفسه مضطراً، بعد ملحمة طوفان الأقصى، تشكيل حكومة طوارئ، لتدير الحرب على قطاع غزة. هذا الواقع ألزم نتنياهو بأن يضيف إلى المزيج غير المتجانس في الحكومة، مكوناً جديداً زاد في تنافر أقطابها.

توالت في الأسابيع الأخيرة التقارير والتحليلات، التي تناولت العلاقات المتوترة بين أقطاب الحكومة الإسرائيلية المصغرة، أو حكومة الحرب الإسرائيلية، التي تم تأليفها برئاسة بنيامين نتنياهو، بعد ملحمة “طوفان الأقصى”.

فمن ضمن مجموعة من التحدّيات التي تواجه نتنياهو، في عام 2024، أورد الموقع الإلكتروني لصحيفة “بلومبرغ” أكثر من نقطة تتعلق بمستقبل الحكومة الإسرائيلية المصغرة، من فقدان نتنياهو للشعبية، إلى مأزق الموازنة وتضخمها، وصولاً إلى الاحتمال الجدي المتمثّل بانفصال زعيم المعارضة بيني غانتس عنها، وهو ما تراه مقدمةً لانتخابات جديدة.

وتحت عنوان “نتنياهو يُفسد الحرب.. يجب أن يرحل“، تحدثت مجلة “ذي إيكونومست” يوم الأربعاء، في الثالث من الشهر الجاري، عن أخطاء فادحة تُفسد الحرب يرتكبها نتنياهو، وقالت إنه “من أجل إسرائيل، على نتنياهو أن يرحل”.

وأُثير في الأسابيع الأخيرة، في الإعلام الإسرائيلي، الخلاف الذي نشب داخل أقطاب الحكومة بشأن خطوة رئيس الأركان هرتسي هاليفي تشكيل لجنة للتحقيق في إخفاقات السابع من تشرين الأول/أكتوبر 2023، والتوقعات بعدم صمود هذه الحكومة طويلاً، واتهام المتحدثة باسم حزب “الليكود”، ميري ريغيف، لغانتس بأنه “يبحث عن أعذار لخرق تعهده بالبقاء في حكومة الوحدة حتى نهاية الحرب”.

في محاولة لفهم حقيقة الصراعات داخل حكومة الحرب، واستشراف احتمالات مآلها في المستقبل القريب، سنحاول في هذا التقرير الإجابة عن الأسئلة التالية: من الأقطاب التي تتكون منهم حكومة الحرب الإسرائيلية؟ ما الاختلافات بينهم؟ وما الاحتمالات المطروحة؟

في 29 كانون الأول/ديسمبر 2022 تشكّلت الحكومة الإسرائيلية الـ37. وتألّفت الحكومة اليمينية بالكامل، من 6 أحزاب، هي: الليكود، يهودية التوراة المتّحدة، شاس، الحزب الصهيوني الديني، عوتسما يهوديت ونوعم، بقيادة بنيامين نتنياهو، الذي تولى منصب رئاسة الوزراء للمرة السادسة.

أتت هذه الحكومة بعد مرحلة طويلة من الإرباك السياسي، بحيث شهدت “إسرائيل” 5 انتخابات تشريعية في أقل من 4 أعوام. انتهت بانتخابات الكنيست الـ25، والتي حقّق فيها المعسكر اليميني بقيادة نتنياهو فوزاً واضحاً بسبب تحالفه مع الأحزاب الصهيونية المتطرّفة، بحيث شهدت هذه الدورة الانتخابية صعود “الصهيونية الدينية” إلى منصة الحكم في “إسرائيل”. 

تميّزت هذه الحكومة بتطرفها الشديد، وبإثارتها عدداً من الاضطرابات في الداخل الإسرائيلي من خلال سعي أقطابها المتطرفين المنتمين للصهيونية الدينية للسيطرة على مفاصل الحكم في “إسرائيل” وإضعاف “المؤسسات الدستورية”، وكانت خطوتها الأكثر إثارةً للجدل لدى “المجتمع” الإسرائيلي توجهها لفرض قانون يقوّض صلاحيات المحكمة الدستورية، وهو ما أثار موجة كبيرة من التظاهرات والاضطرابات، والتي ما لبثت أن انتقلت إلى داخل الحكومة مع معارضة وزير الأمن يوآف غالانت تلك التعديلات، وقيام نتنياهو بعزله، ثم اضطراره إلى إعادته من جديد تحت ضغط الاحتجاجات الشعبية.

وقبل أن تستطيع الحكومة التعامل مع حالات الاضطراب الداخلي، اختارت المقاومة الفلسطينية مفاجأتها في ملحمة “طوفان الأقصى”، التي شكلت صدمةً كبيرة، سياسياً وأمنياً وعسكرياً وشعبياً، في “إسرائيل”.

على وقع الفشل والإخفاق الكبيرين، أمنياً واستخبارياً، واللذين ظهرا مع “طوفان الأقصى”، اختار بنيامين نتنياهو أن يوسع حكومته الحالية لتتحول إلى “حكومة طوارئ حرب”، ليضيف إليها عدداً من الأحزاب المعارضة، على أن تقتصر قراراتها حصراً في الشؤون المتعلّقة بحربها على قطاع غزة والتي أعلنتها تحت اسم “السيوف الحديدية”.

عرض نتنياهو على خصميه بيني غانتس ويائير لابيد المشاركة في حكومة الحرب. رفض لابيد المشاركة، ووافق غانتس بشرط عدم مشاركة الوزيرين المتطرفين، وزير “الأمن القومي” إيتمار بن غفير، ووزير المالية بتسلئيل سموتريتش، في اجتماعات “الكابينت المصغر”.

وبعد مرور 5 أيام على “طوفان الأقصى”، اتفق نتنياهو وغانتس على تشكيل “حكومة الطوارئ”، عبر إضافة 5 من أعضاء حزب “المعسكر الوطني” (الذي يرأسه غانتس) إلى الحكومة بلا حقائب وزارية، على أن تبقى هذه الحكومة قائمة طوال فترة الحرب.

وبموجب هذا الاتفاق انضم وزراء “المعسكر الوطني” إلى الحكومة المصغرة السياسية والأمنية (“الكابينت”)، والتي باتت تضم 15 وزيراً، ضمنهم بن غفير وسموتريتش. وتم الاتفاق على تشكيل “كابينت” حربي مصغر، تألف من نتنياهو، وغانتس، ووزير الأمن يوآف غالانت، بالإضافة إلى غادي آيزنكوت من “المعسكر الوطني”، ووزير الشؤون الاستراتيجية رون ديرمر من حزب الليكود.

مكونات الحكومة الإسرائيلية خلال الحرب على غزة

وبذلك، أصبحت الحكومة الإسرائيلية تتألف من 3 دوائر طولية:

1-  كابينت الحرب المصغر: ويضم الأسماء الخمسة المذكورة أعلاه، وفيه تتخذ كل القرارات التي تتعلق بمجريات الحرب العسكرية ضد غزة، ويجتمع مرة كل 48 ساعة.

2-   الكابينت الأمني والسياسي: ويضم إلى جانب أعضاء الكابينت الحربي، مجموعة من الوزراء، أهمهم وزيرا الأمن القومي والمالية ووزراء المعسكر الوطني، الذين انضموا بفعل تشكيل حكومة الطوارئ، وقائد الأركان.

3-  حكومة الطوارئ المكونة من وزراء الائتلاف اليميني، يضاف إليه الأعضاء الجدد من “المعسكر الوطني”.

وبذلك احتوت الحكومة بدوائرها الثلاث على عناصر متنافرة، لم تستطع، على ما يبدو، حتى صدمة بمستوى “طوفان الأقصى” جمعهم وردم الهوة المتسعة بينهم.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى