أخبار محلية

قرارات بايدن البيئية تفشل في إعادة استقطاب الشباب.. ما علاقة غزة؟

إن التوتر بشأن جهود بايدن المناخية، لهو مجرد مثال واحد على الانقسام المتزايد بين الرئيس وقاعدته التقدمية حول دعمه القوي لـ “إسرائيل”.

فرضت الحرب الدموية الجارية في غزة نفسها على المشهد السياسي الصاخب في الولايات المتحدة، بعدما اقتحمت وبقوة، ساحة المنافسة الرئاسية، إلى حدّ أنها دفعت الرئيس الحالي جو بايدن الذي كان وعد بأن يكون “رئيس المناخ” عندما فاز بالبيت الأبيض قبل 4 سنوات، إلى القيام بمحاولات جديدة لجذب الناشطين البيئيين مرة أخرى، بما في ذلك اتخاذه، الخميس الفائت، الخطوة الدرامية، والمتمثلة بوقف التصاريح الجديدة لصادرات الغاز الطبيعي.

ومع ذلك، فهذه الرسالة، قد تخفق في تحقيق هدفها المأمول بالنسبة إلى الرئيس الأميركي، المعرّض لخطر الفشل في السباق الانتخابي، إذ يعبّر العديد من دعاة حماية البيئة الشباب عن إحباطهم من رفض بايدن المطالبة بوقف فوري لإطلاق النار في غزة.

كيف تؤثر حرب غزة في حملة بايدن الانتخابية؟

في الواقع، إن التوتر بشأن جهود بايدن المناخية، لهو مجرد مثال واحد على الانقسام المتزايد بين الرئيس وقاعدته التقدمية حول دعمه القوي لـ “إسرائيل”، وهي ديناميكية تمس أيضاً قضايا مثل العرق وحقوق الإجهاض. ولهذا، تظهر استطلاعات الرأي، أن الناخبين الشباب من المرجح أن يدعموا بشكل غير متناسب كلاً من برنامج العمل المناخي لبايدن، وبالقدر نفسه حقوق الفلسطينيين، ما يعقّد جهود الرئيس الأميركي لحملهم على التدفق على صناديق الاقتراع لصالحه في تشرين الثاني/نوفمبر المقبل.

وتبعاً لذلك، أدت الاحتجاجات المطالبة بوقف إطلاق النار في غزة من قبل هذه الشريحة الشبابية، إلى قطع وتعكير صفو سلسلة من المظاهر والمناسبات الانتخابية العامة لبايدن ومساعديه في الأسابيع الأخيرة، وأبرزها مقاطعة خطاب المناخ الذي كانت تلقيه مديرة الوكالة الأميركية للتنمية الدولية، سامانثا باور، في 30 كانون الثاني/يناير الماضي، عندما حثها أحد الحضور على “الاستقالة والتحدث”.

وبالمثل، وأثناء إلقاء السفير الأميركي السابق للأمم المتحدة، محاضرة عن صدمات المناخ في مركز “بلومبرغ” بجامعة “جونز هوبكنز” بواشنطن، تصدى له أحد الأشخاص وخاطبه قائلاً: لقد قتل 27 ألف شخص، تعرف ما الذي سيسبب الكثير من صدمات المناخ؟ هو قصف غزة”.

أما ذروة مشاهد الغضب من سياسات بايدن ومشاركته في قتل الفلسطينيين، فقد وقعت، في وقت سابق من الشهر الماضي، حين هتف أعضاء من الجمهور مطالبين بـ “وقف إطلاق النار الآن” خلال تصريحات بايدن حول التطرف والديمقراطية في كنيسة “الأم إيمانويل إيه إم إي” في تشارلستون بولاية ساوث كارولينا (موقع مقتل 9 من رواد الكنيسة السود عام 2015 على يد عنصري أبيض).

ورد بايدن بالمقابل قائلاً: “أتفهم شغفهم… لقد كنت أعمل بهدوء مع الحكومة الإسرائيلية لحملهم على تقليص حجمهم والخروج بشكل كبير من غزة. لقد استخدمت كل ما بوسعي للقيام بذلك”.

وعلى المنوال ذاته، قاطع أكثر من 10 متظاهرين الأسبوع الماضي بايدن أثناء خطابه في مسيرة لحقوق الإجهاض في فرجينيا مع نائبة الرئيس كامالا هاريس، وهم يهتفون بشعارات مثل “الإبادة الجماعية جو” مراراً وتكراراً.

المثير في الأمر، أن رفض الشباب الأميركي ذوي التوجهات البيئية، واستنكارهم المذابح المرتكبة بحق مدنيي غزة وأطفالها، كان وصل أيضاً إلى قمة المناخ للأمم المتحدة في دبي في تشرين الثاني/نوفمبر الماضي.

ولهذا، قالت إليز جوشي، المديرة التنفيذية للمجموعة البيئية التي يقودها الشباب “Gen Z for Change”: “لا ينبغي لي أن أقول مدى أهمية وقف إطلاق النار من الناحية الأخلاقية، ولكنه مهم أيضاً من الناحية السياسية إذا كان هذا هو كل ما تهتم به هذه الإدارة”.

وأضافت: “قاعدتكم تطالب بوقف إطلاق النار وإنهاء الوقود الأحفوري. لقد فعلت واحداً منهما [الأسبوع الماضي]. أحسنت. والآن حان الوقت لوقف إطلاق النار”.

إشارة إلى أن علاقة بايدن مع بعض الناشطين الشباب في مجال المناخ، كانت هشة بالفعل، على الرغم من تعهداته بخفض التلوث الكربوني، وإنفاقه مئات المليارات من الدولارات على تقنيات الطاقة الخضراء، مثل طاقة الرياح والسيارات الكهربائية.

كيف يعمل بايدن على جذب قاعدته الشبابية الرافضة للحرب على غزة؟

عملياً، يجهد فريق بايدن لإعادة ضبط قاعدته المناخية واستقطابها من جديد. ففي الأسبوع الماضي، عندما أعلنت الإدارة وقفها مؤقتاً لتصاريح تصدير الغاز، وصف البيت الأبيض هذه الخطوة بأنها استجابة لنداءات “الشباب” الذين يريدون من الولايات المتحدة أن تتخلص بشكل أكثر قوة من الوقود الأحفوري الذي يؤدي إلى تسخين الكوكب.

المفاجأة، أن هذا الإجراء لم يكن كافياً في نظر الشباب، فغزة تعمل على تعقيد تلك العلاقة بين الطرفين. وتعقيباً على ذلك، قالت إليز جوشي “إنه بلا شك قرار رائع. وفي الوقت نفسه، أدعو بشكل لا لبس فيه إلى وقف إطلاق النار، وهذا لا يغير ذلك. أعتقد أن الشباب يشعرون بالطريقة نفسها إلى حد كبير”.

بدوره،  كشف أحد الناشطين من “مجموعة الشباب المناخية” المعروفة باسم “أيام الجمعة من أجل المستقبل في مدينة نيويورك”، والتي تستمر في ترديد الدعوات إلى وقف إطلاق النار وإطلاق سراح الأسرى “أن الشباب يشعرون بخيبة أمل حقيقية من هذه الرئاسة – خيبة أمل من خيارات [بايدن] بشأن المناخ وغزة وما هو أبعد من ذلك بالنسبة إلى السياسة الخارجية وفي جميع المجالات”.

استطلاعات الرأي وموقف الشباب من بايدن

أدت مواقف  بايدن وإجراءاته الداعمة للكيان الغاصب إلى تنفير نسبة كبيرة من الشباب وإحجامهم عن التصويت له، وهو ما أظهرته دانييل ديزروث، المديرة التنفيذية لمركز الأبحاث الليبرالي وشركة استطلاعات الرأي “بيانات من أجل التقدم”، التي أوضحت أن الناخبين الشباب يتعرضون “لضغوط متبادلة” بشأن “إسرائيل” وغزة.

وأضافت أنه في حين أن 62% من الناخبين الذين تتراوح أعمارهم بين 18 و29 عاماً يفضلون فرض قيود على صادرات الغاز الطبيعي مقارنة بـ 19% يعارضونها، فإن هذه الفئة السكانية نفسها تشعر بالإحباط تجاه موقف بايدن من فلسطين.

ليس هذا فحسب، وجد استطلاع للرأي أجرته صحيفة “نيويورك تايمز” و”كلية سيينا” للناخبين المسجلين في كانون الأول/ديسمبر أن 46% من الناخبين الذين تتراوح أعمارهم بين 18 و29 عاماً “رفضوا بشدة” رد فعل بايدن على الوضع في غزة، في حين أن 26%، “رفضوا إلى حد ما”،  بينما  قال 45%  إن بايدن “داعم جداً لإسرائيل”.

هل يحدد الشباب مستقبل بايدن؟

يحتاج الرئيس إلى الناخبين الشباب في السباق الانتخابي ضد أي جمهوري، خصوصاً الرئيس السابق دونالد ترامب، الذي يتقدم على بايدن في استطلاعات الرأي في الولايات الرئيسية، والذي قال بالفعل إنه سوف يلغي قرار وقف التصدير إذا أعيد انتخابه. مع أن ترامب لم يقدم خططاً ملموسة لما سيفعله بشأن القتال بين “إسرائيل” وحماس، باستثناء الكتابة على موقع Truth Social بأن “الهجوم لم يكن ليحدث أبداً لو كنت رئيساً”.

في السياق ذاته، صحيح أن قرار بايدن منع إصدار تصاريح جديدة لصادرات الغاز الطبيعي، شجّع الناخبين الشباب، بحسب ميشيل ويندلينج، المديرة السياسية لمجموعة ناشطي “حركة شروق الشمس”، لكنها رأت أن إدارة بايدن لا تزال أقل من توقعات أقرانها بشأن قضايا أخرى، مثل تعاملها مع الحرب بين “إسرائيل” وحماس.

 فالشباب الأميركي، استناداً إلى ويندلينج، بحاجة إلى رؤية أكثر وضوحاً حتى تتعزز ثقتهم بأنهم لن يستمروا في الشعور بالغربة في الانتخابات المقبلة. وعليه، ترى أن الخطوة التالية يجب أن تكون حول غزة بشكل واضح.

إلى جانب ذلك، يقول أليكس هاراوس، الناشط البيئي، إنه يشعر بالارتياح لأن المزيد من الناس من مختلف الأيديولوجيات يدعمون بشكل متزايد العمل المناخي الأكثر عدوانية، لكنه أشار أيضاً إلى أن الناس يهتمون بالعديد من القضايا، وليس المناخ فقط.

في المحصّلة، صحيح أن بايدن سجل نقطة لصالحه عبر سياساته المناخية التي تلقى تأييداً من قبل الشباب المهتم بالبيئة نوعاً ما، لكن بالمجمل، لا يزال قسم كبير من هؤلاء غاضبين من موقفه إزاء الإبادة الجماعية الجارية في غزة. من هنا، يحتاج الرئيس الأميركي إلى خطوات وإجراءات حاسمة، للتخلص من هذه النقمة الشبابية عليه، كوقف المذبحة في غزة. وهنا، يطرح السؤال نفسه، هل يقوم بايدن بالضغط على “إسرائيل” لأجل ذلك، ويرفع بالتالي حظوظه الانتخابية، أم أنه سيقدم إيمانه وشغفه بالصهيونية على كل ما عداه؟

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى