✳️ “غالوب”: ما هي خطوط الصدع الرئيسية في انتخابات الاتحاد الأوروبي؟ ✳️
مؤسسة “غالوب” الأميركية تنشر مقالاً للكاتبين بنديكت فيغرز وزاك ريتر، تحدثا فيها عن خطوط الصدع الرئيسة انتخابات الاتحاد الأوروبي التي تتمحور حول الاقتصاد وملف الهجرة والحرب المستمرة في أوكرانيا، التي يدعمها الاتحاد الأوروبي. أدناه نص المقال منقولاً إلى العربية:
خلال هذا الأسبوع، يتوجه الملايين في 27 دولة أوروبية للتصويت في انتخابات برلمان الاتحاد الأوروبي “الفريد”، كونه المؤسسة الوحيدة في العالم العابرة للحدود الوطنية والمنتخبة بشكل مباشر من الشعب، مما يمنحها سلطة تشريعية واسعة النطاق ومؤثرة بحياة وعيش سكان دول الأوروبية بمستوى بالغ.
وقد سجّلت موافقة الأوروبيين على قيادة بروكسل بين الدول الأعضاء نمواً مطرداً على مدى العقد الماضي، رغم تعرضه لنكسة في العام 2012، بعد وقت قصير من الانهيار المالي العالمي وأزمة الديون في منطقة اليورو، حيث تراجعت الموافقة على قياد بروكسل إلى أدنى مستوياتها على الإطلاق ووصلت إلى نسبة 40%.
الآن، يوافق ما يقرب من ثلثي سكان دول الاتحاد على صيغة زعامة بروكسل الأوروبية، تقدمتها 3 دول حافظت على تأييد مستقر هي، لوكسمبورج، وسلوفاكيا، وبلغاريا، حيث جدد سكان هذه البلدان في عام 2013 موافقتهم على هذا الأمر. وفي العام الماضي، تمت الموافقة بأغلبية شعبية في 22 دولة من أصل 27 دولة عضو، وقد ارتفعت نسبة الدول المؤيدة من بعض البلدان الأكثر تضرراً من الأزمة المالية العالمية في عام 2008، من ضمنها أيسلندا وإسبانيا والبرتغال وأيرلندا واليونان.
مع ذلك، لم تنخفض نسبة الرافضين لقيادة بروكسل، وحافظت على ثباتها بنحو 30%، مشيرةً إلى أنّ ارتفاع نسبة المؤيدين تعود إلى انخفاض عدد الأشخاص الذين لا يعبرون عن رأيهم. ومنذ عام 2018، انخفض معدل المصوتين الحائرين، أو من غير المؤيدين إلى أقل من 10%، وانخفض إلى النصف في العام الماضي، فما يقرب من ثلث سكان البلدان الأوربية الأعضاء في الاتحاد لا توافق عن التخلي عن سيادتها الوطنية لزعامة بروكسل.
تزايد أعداد المهاجرين إلى دول الاتحاد الأوروبي في السنوات الأخيرة. حثّ البرلمان الأوروبي مؤخراً على تشريع “ميثاق اللجوء والهجرة”، الذي من شأنه تشديد القواعد ويلزم الدول الأعضاء بتقاسم المسؤولية عن طالبي اللجوء، على أن يدخل حيز التنفيذ في العام 2026. ومن المؤكد أنّ الأحزاب اليمينية المتطرفة ستجعل من الهجرة جزءاً أساسياً في حملاتها الانتخابية طمعاً بتحقيق مكاسب إضافية بعدد المقاعد في البرلمان الأوروبي.
أجرت مؤسسة “غالوب” الإحصائية دراسة جديدة، حول ما إذا كان الأوروبيون يعتقدون أنّ المهاجرين الذين يعيشون في بلادهم، ويصبحون جيرانهم ويتزوجون من عائلاتهم، هي أشياء جيدة أم سيئة، وهل مسألة قبول المهاجرين يؤشر على قوة الاتحاد الأوروبي أو العكس، حيث تفاوتت النسب بين بلد وآخر، لكن بشكل عام تقبل المهاجرين يتراوح بين المتوسط والضعيف، ويرتبط أيضاً ارتباط وثيق بأعداد المهاجرين القدامى، فكلما ارتفعت نسبة مواطني دول الاتحاد المولودين خارج الكتلة الأوروبية، كلما كان تقبل تلك الدولة للمهاجرين أكثر، وسجّلت أيرلندا أعلى النتائج في مؤشر قبول المهاجرين في حين سجلت كرواتيا أدنى مستوى.
تحظى مسألة الهجرة بمكانة مهمة بخلفية انتخابات برلمان الاتحاد الأوروبي، والمواقف العامة تجاهها ترتبط أيضاً بعدم التعاون الوثيق وتحمل المسؤوليات بشكل عادل بين الدول الأوروبية.
انتعشت الأسواق الأوروبية في العامين المنصرمين، لكنها لا تزال أقل من مستويات ما قبل انتشار جائحة كورونا، في حين أنّ الاقتصاد لا يشكل سوى عامل واحد في هذه الانتخابات، من بين مجموعة كاملة من العوامل الأخرى من التحالفات السياسية المحلية أو الأوروبية الأخرى، مع ذلك يشكل الاقتصاد خلفية مهمة للتصويت، بعد سنوات الاضطراب وعمليات الإغلاق حيث بلغ التضخم 11.5% في العام 2022، وهو أعلى مستوى له منذ سنوات، و-من ناحية أخرى- أدّت الحرب في أوكرانيا إلى ارتفاع أسعار الطاقة في العالم عموماً وفي أوروبا خصوصاً.
في العام الماضي، عبّر الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي عن أنّ اقتصادهم المحلي يتحسن مع بداية تراجع التضخم الذي بلغ ذروته في العام الذي سبق. ومع ذلك، فإن الأمور لم تعد بعد إلى مستويات ما قبل الوباء، حيث في عامي 2018 و2019، شعر 45% في جميع الدول الأعضاء أنّ اقتصاداتهم المحلية تتحسن، وهو الشعور الأكثر تفاؤلاً منذ عام 2007، وقبل الأزمة المالية العالمية مباشرة.
إنّ الانتخابات البرلمانية المقبلة في الاتحاد الأوروبي مهمة ليس فقط في كيفية إدارة الاتحاد الأوروبي والتوجه السياسي للكتلة على مدى السنوات الخمس المقبلة، بل وأيضاً في ما تكشفه عن المشاعر السياسية الوطنية داخل الدول الأعضاء. وتقع خطوط الصدع الرئيسة في هذه الانتخابات على الاقتصاد، والهجرة، والحرب المستمرة في أوكرانيا، التي يدعمها الاتحاد الأوروبي بمليارات اليورو. وبمجرد إعلان نتائج التنافس الانتخابي، سيظهر كيف ستغير من مشاعر الجمهور تجاه القضايا التي تعني الكتلة في السنوات المقبلة.
المصدر: الميادين نت