قبس من نور عاشوراء: الحلقة الثالثةالموضوع:كيفية الاستفادة من النصوص الواردة عن الامام الحسين ع في فترة النهضة الحسينية المباركة
بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاة والسلام علی المبعوث رحمة للعالمين وعلی آله الأطهار الميامين
السلام علی الحسين وعلی علي بن الحسين وعلی اولاد الحسين وعلی أصحاب الحسين ورحمة الله وبركاته.
وبعد مازال الكلام في أبعاد الثورة الحسينية المباركة، وكلامنا اليوم في الاستفادة من النصوص التي وردت عن لسان سيد الأحرار عليه السلام وكيفية تلقيها اذ لابد لنا من معرفة هوية المخاطَب بهذه النصوص، والنظر اليها كوحدة مجموعة، ورد المتشابه منها الی المحكم.
ومن هذه النصوص ما يشتبه به الباحث بأن الإمام عليه السلام إنما خرج الی كربلاء للنجاة بنفسه من المتربصين به، ومنها ما يدل علی أنه خرج بناء علی مكاتبة أهل العراق له ومنها ما يدل علی أن خروجه للكوفة كان سببه طلب بني عقيل منه الثأر لمقتل مسلم بن عقيل.
لذلك كان لابد من وضع النقاط علی حروفها من خلال ايراد هذه النصوص ومناقشتها ليستفاد منها ما هو حق لا ما هو مبهم.
ومن هذه النصوص محاورة وردت بين الامام عليه السلام وبين ابي هرة الازدي في منطقة الثعلبية تقول الرواية:
فلمَّا أصبح إذا برجل من أهل الكوفة ـ يكنَّى أبا هرة الأزدي ـ قد أتاه فسلَّم عليه ، ثم قال : يا ابن رسول الله ، ما الذي أخرجك عن حرم الله وحرم جدك محمد ( صلى الله عليه وآله ) ؟ فقال الحسين ( عليه السلام ) : ويحك أبا هرة ، إن بني أمية أخذوا مالي فصبرت ، وشتموا عرضي فصبرت ، وطلبوا دمي فهربت ، وأيم الله لتقتلني الفئة الباغية ، ليلبسنهم الله ذلا شاملا ، وسيفاً قاطعاً ، وليسلِّطن عليهم من يذلّهم حتى يكونوا أذلَّ من قوم سبأ إذ ملكتهم امرأة منهم ، فحكمت في أموالهم ودمائهم .
فهذه الرواية ظاهرها يوحي بأن الامام عليه السلام كان همه الاكبر النجاة بنفسه فقد صبر علی شتمه واخذ ماله ولكن حين ارادوا قتله هرب وكانه ليس هناك رفض بيعة ولا طلب اصلاح ولا امر بمعروف ولا نهي عن المنكر ولا قيام…..
وفي معرض الجواب علی ما يمكن الاستفادة من هذه الرواية لابد للباحث من التطرق لمحاورة الامام ع مع اخيه محمد بن الحنفية حيث قال ع:
يا اخي قد خفت أن يغتالني يزيد بن معاوية في الحرم فاكون الذي يستباح به حرمة هذا البيت.
وهكذا فمع ضم النصين لبعضهما البعض يتضح جليا أن خروج الامام ع كي لا يغتالوه هو مخافة استباحة البيت الحرام بدمه الشريف لا خوفا علی نفسه وطلبا للنجاة.
وهكذا فان النصوص الواردة في تلك الفترة يتحتم قراءتها مضمومة الی بعضها لا اخذ كل منها علی حدة.
ويتضح أن الامام عليه أبی علی بني أمية أن يختاروا هم مكان قتله وكيفيته والظروف المحيطة بل اختار لنفسه مكانا لا يمكن لبني امية التعتيم علی مظلوميته فيهز مصرعه الشريف أعماق ووجدان الامة ويحركها بالاتجاه الذي اراده عليه السلام لا بالاتجاه الذي اراده بني امية، كما اراد الامام ع ان تجري وقائع كربلاء في وضح النهار ويدل عليه طلبه منهم امهاله من ليل تاسوعاء الی صبيحة عاشوراء، كي لا يتمكنوا من التعتيم علی هذه الفاجعة الاليمة.
وكذلك الامر فمع كون رسائل اهل الكوفة اليه كانت حجة عليهم الا ان توجهه للكوفة لا لاجل الثأر لمقتل مسلم بن عقيل بل وفاء بالوعد الذي قطعه الامام ع لهم فلو لم يتوجه بعد مقتل مسلم ع لذكر التاريخ والناس الی يومناهذا انه اخلف الوعد وهذا قبيح، ولم يكن خروجه اليها لطلب الثأر كما ورد في بعض النصوص ويدل عليه كلامه مع مسلم حينما وجهه للكوفة حيث قال له ع:
إني موجهك إلى أهل الكوفة، وهذه كتبهم إلي، وسيقضي الله من أمرك ما يحب ويرضى، وأنا أرجو أن أكون أنا وأنت في درجة الشهداء، فامض على بركة الله….
ويؤكده كلامه للفرزدق:
رحم الله مسلما فلقد صار الی روح الله وريحلنه وجنته ورضولنه اما انه قد قضی ما عليه وبقي ما علينا…
فلا يعني ان مواساة بني عقيل كانت السبب الاساسي في اصراره للذهاب الی الكوفة بالرغم من بلوغه بانقلابهم عليه.
والحق بان يقال بانه ما خرج الا ليفتح الله به فتحا مبينا…
ويدل عليه ايضا قوله ع :
هذه كتب اهل الكوفة الي ولا اراهم الا قاتليَّ…
وهذا كان قبل استشهاد مسلم ع.
الخلاصة
علينا ان نكون حذرين في تلقي النصوص الواردة في هذه الفترة والتدقيق بفحواها وربطها ببعضها لتتم الاستفادة منها بالشكل الصحيح.
والسلام عليكم ورحمة الله
السلام عليك يا ابا عبدالله الحسين.💔
زينب حسن البزال
3محرم 1446هج