قبس من نور عاشوراء:
الحلقة الخامسة
بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاة والسلام غلی المبعوث رحمة للعالمين وعلی آله الأطهار الميامين ورحمة الله وبركاته.
السلام علی الحسين
وعلی علي بن الحسين
وعلی اولاد الحسين
وعلی اصحاب الحسين
السلام علی مسلم بن عقيل ناصر الحسين وليث الحسين الهمام.
موضوع الحلقة: رسل الحسين عليه السلام
مازلنا ننتبع خطوات المولی أبي عبدالله الحسين روحي لتراب مقدمه الفداء، لنستشعر ألم المصاب بجوارحنا ونعلم لأي مدی ما جری عليه واهل بيته واصحابه عليهم السلام يدمي القلوب اسی وحرقة وتحسرا.
وها هو عليه السلام يرسل رسوله الاول الی البصرة سليمان بن رزين لدعوة اخماس البصرة لنصرته وكان مراد الامام ع من دعوة هؤلاء القاء الحجة عليهم وتبليغ ما امكن من شيعته عليه السلام.
أما رسوله الثاني فكان اول من استشهد من بني هاشم لذلك لابد من الفات السادة القراء لهذا الامر فاول شهيد للثورة كان سليمان رضوان الله عليه لو تنزلنا وقلنا ببداية الثورة من تاريخ ارسال طلب المبايعة منه من ذلك الملعون الطاغية يزيدبن معاوية والا فبداية الثورة علی الظلم بدات يوم السقيفة المشؤوم وماجری من حينها …
والمهم في المقام أن الامام سلام الله عليه عندما قرر ارسال رسله ان للبصرة او للكوفة كان مراده واضحا بينا وهو انشاء قوة شيعية داعمة للثورة علی الطغيان الاموي انذاك مع علمه بمصيره ومصير اهل بيته واصحابه ولكن عندما نقرا ما بين سطور الثورة لابد من وضع الاصبع علی مسالة انتصار الدم علی السيف واعادة احياء الاسلام من جديد بعد ان حاول ارذال امية الملاعين محو كل معلم للدين المحمدي الاصيل في كافة البلاد الاسلامية،فارسل الامام ع رسوله وابن عمه مسلم بن عقيل وغايته البدء بالثورة في الكوفة وانشاء ركائز داعمة لثورته المباركة ضد الحكم الاموي ولم يكن لاستطلاع راي الناس كما يصوره بعض القراء ولنا في ما بلغه لمسلم وقفة مهمة في هذا السياق.
وهكذا كان خطابه لاهل الكوفة:
كتب (عليه السلام): بسم الله الرحمن الرحيم، من الحسين بن علي إلى الملا من المؤمنين، سلام عليكم، أما بعد، فإن هاني بن هاني، وسعيد بن عبد الله قدما
علي بكتبكم فكانا آخر من قدم علي من عندكم، وقد فهمت الذي قد قصصتم وذكرتم ولست أقصر عما أحببتم، وقد بعثت إليكم أخي وابن عمي وثقتي من أهل بيتي مسلم بن عقيل بن أبي طالب (رضي الله عنه)، وقد أمرته أن يكتب إلي بحالكم ورأيكم ورأي ذوي الحجى والفضل منكم، وهو متوجه إلى ما قبلكم إن شاء الله تعالى والسلام ولا قوة إلا بالله. فإن كنتم على ما قدمت به رسلكم وقرأت في كتبكم فقوموا مع ابن عمي وبايعوه وانصروه ولا تخذلوه!
فلعمري! ليس الأمام العامل بالكتاب والعادل بالقسط كالذي يحكم بغير الحق ولا يهدي ولا يهتدي، جمعنا الله وإياكم على الهدى وألزمنا وإياكم كلمة التقوى، إنه لطيف لما يشاء والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
ثم طوى الكتاب وختمه ودعا مسلم بن عقيل؛ فدفع إليه الكتاب وقال (عليه السلام) له:
إني موجهك إلى أهل الكوفة، وهذه كتبهم إلي، وسيقضي الله من أمرك ما يحب ويرضى، وأنا أرجو أن أكون أنا وأنت في درجة الشهداء، فامض على بركة الله حتى تدخل الكوفة، فإذا دخلتها فأنزل عند أوثق أهلها، وادع الناس إلى طاعتي، واخذلهم عن آل أبي سفيان، فإن رأيت الناس مجتمعين على بيعتي فعجل لي بالخبر حتىط أعمل على حسب ذلك إن شاء الله تعالى. ثم عانقه وودعه وبكيا جميعا.
ودعا الإمام الحسين عليه السلام ابن عمه مسلم بن عقيل بن أبي طالب رضي الله عنه، فسرحه مع قيس بن مسّهر الصيداوي وعمارة بن عبد الله السلولي وعبد الرحمن وعبد الله ابني شداد الأرحبي، وأمره “بالتقوى وكتمان أمره، واللطف”، فإن رأى الناس مجتمعين مستوسقين عجّل إليه بذلك.
ودفع الإمام عليه السلام إلى مسلم رضي الله عنه كتاباً وختمه بختمه، وفيه:
“إني موجهك إلى أهل الكوفة، وسيقضي الله من أمرك ما يحب ويرضى، وأنا أرجو أن أكون أنا وأنت في درجة الشهداء، فامضِ ببركة الله وعونه حتى تدخل الكوفة، فإن دخلتها فانزل عند أوثق أهلها، وادعُ الناس إلى طاعتي، فإن رأيتهم مجتمعين على بيعتي فعجّل عليّ بالخبر حتى أعمل على حساب ذلك إن شاء الله تعالى”
وههنا بعض النقاط التي ينبغي الاسارة اليها ومنها:
الكتمان المطلوب من مسلم لا يعني إتباع مسلم رضي الله عنه أسلوب العمل السري في الدعوة إلى طاعة الإمام عليه السلام ذلك لقوله عليه السلام:
“وادع الناس إلى طاعتي”
هو العلانية في العمل. ولاضير أن تكون البداية والمنطلق من أهل الثقة والولاء، لان الامام ع طلب منه النزول عند اوثق اهلعا وذلك قوله عليه السلام :
“فإذا دخلتها فانزل عند أوثق أهلها”
هذا وقد اشعر الامام ع مسلم بمصيره
وهو الفوز بالشهادة من خلال قوله عليه السلام:
“وأنا أرجو أن أكون أنا وأنتَ في درجة الشهداء”
ممّا يدل على أن مسلم رضي الله عنه قد علم من قول الإمام عليه السلام أنه متوجه إلى الشهادة.
فخرج مسلم رضي الله عنه من مكة في النصف من شهر رمضان حتى قدم الكوفة في الخامس من شوّال.
وخروج مسلم مع علمه بمصيره يردُّ ما ورد ان مسلم طلب الاستعفاء الذي ذكره البعض فمن عرف شخصية مسلم بن عقيل واخلاقه السامية وهو الذي كان في ميمنة امير المؤمنين ع في صفين، ويكفينا بالمقام لقبه بليث بني هاشم سيعلم ان قصة الاستعفاء مختلقة فما حمله مسلم من الثبات والطمأنينة وعشق الشهادة يدفع اي شبهة حول ذلك.
فسلام الله علی من بلغ النبي ص واله بحبه له قبل ولادته..
زينب حسن البزال