أخبار محلية

• لماذا يرتاب “حزب الله” من “تبشير” البعض بـ”لبنان شيعي”؟


“النهار” ــ ابراهيم بيرم ــمنذ فترة وبعض المحللين والكتّاب السياسيين يؤثرون في كتاباتهم ولقاءاتهم المتلفزة الاضاءة تكراراً على “فكرة” تكاد تكون حصرية وهي”التبشير” بانه بعد زمن لم يُحدَّد مداه #لبنان في طريقه ليصير”شيعيا”، أو بمعنى اوضح سيصير زمامه في قبضة “#الشيعية السياسية”.
ولكي يعطي هؤلاء هذه “البشارة” وهذا “الاستنتاج” الصدقية والاسناد، ينصرفون الى تعداد المناصب القيادية الحساسة، الامنية وغير الامنية، ومنها مثلا قيادة الجيش الى نيابة رئيس الجمهورية بعد استحداث هذا المنصب، اضافة الى تفاصيل اخرى. الفكرة اياها جذبت بطبيعة الحال في مستهل اثارتها انتباه كثر فتوقفوا عندها ملياً مستفسرين متبحرين في أبعاد طرحها، ومنهم بطبيعة الحال اركان “الشيعية السياسية” بثنائيتها المعلومة انطلاقا من خلفيات اربع. الاولى ان لا علم لهذه الثنائية بما هو معروض ومطروح، وان احدا لم يفاتحهم بالامر جديا ولم يجسّ نبضهم حياله اطلاقا. والثانية ان اي خطوة عملية يستشفّ منها ترجمة عملانية لهذه الفكرة وجعلها واقعا ماديا لم تطرأ. والثالثة ان الجهة المعنية بهذا العرض (اي الثنائية) لاعلم لها الى الآن بالجهة صاحبة العرض ولا تعرف حقيقة قدراتها وامكاناتها على الايفاء به. والرابعة ان أحدا لا يعلم شيئا عن الآليات التي ستُعتمد لإحداث مثل هذا التغيير العميق في بنية التركيبة السياسية اللبنانية التي يقر الجميع باستعصائها على كل محاولات التعديل والتبديل وحتى الاصلاح الشكلي والمحدود، فهل سيكون مؤتمرا موسعا على غرار مؤتمر الطائف، واستطرادا من هي الجهة التي ستُمنح حق الولاية والرعاية؟
وبناء على كل هذه التساؤلات التي يمتلك طرحها واثارتها مشروعية كبرى، فان الثنائي بامكانه بعد الطَّرق المتكرر على جدران هذه النظرية وتسويقها على هذا النحو الواثق، ان يقف لينفي علمه بكل هذا العرض جملة وتفصيلا.
لا بل ان المصادر العليمة بالخفايا لدى هذا الثنائي باتت بعد تكرار العزف على وتر هذا العرض على شك وريبة منه، وهي حياله بدأت تتبنى ضمناً استنتاجاً مفاده ان الطرح “الواعد والمغري” اياه هو تكملة لعوامل اغراء اخرى ترد الى الثنائي، وتحديدا الى احد طرفيه، اي “#حزب الله” خدمة لغرض اساسي هو تعزيز مقولة ان ثمة من يريد ان يمنح الشيعة عصب القيادة في لبنان ولكن الحزب يمانع ويستعصم ويمضي قدماً في اسر البلاد بمغامراته وتحدياته للآخرين، ما ينعكس سلباً على كل الواقع اللبناني كما هو واقع الحال منذ فترة.
وبمعنى آخر لا يجد مقربون من الحزب الا ان هذا العرض المغري شكلاً، والمحكي عنه هو فصل من فصول “لعبة الجزرة والعصا” التي تمارسها مع الحزب منذ فترة جهات شتى كانت “اغرقت الحزب” منذ عام 2000 أي بعد تحرير الجنوب بما يقارب العشرة عروض تقوم على مدخل اساسي هو “اننا مستعدون لنفتح ابواب الحوار بيننا وبينكم حول كل الملفات، وهو حوار لا بد من ان ينتهي بـ”جوائز ترضية” تكون على خاطركم”. وقبل ان يأتي عرض الحوار هذا ومواده الترغيبية، يسبقه في العادة فيض من الضغوط والتهديدات بالويل والثبور، وهي تمثل بطبيعة الحال الوجه الآخر، اي وجه الترهيب والعصا الغليظة.
ولا تخفي الدوائر المعنية في الحزب ان لتكرار طرح “لبنان الشيعي” والتركيز عليه مقاصد اخرى خفية منها اقناع شرائح في الاجتماع اللبناني بنظرية بان الحزب هو حزب سلطة وانه اولا واخيرا يستهدف الحلول محل آخرين في دست هذه السلطة ومغانمها. وفي طوايا هذا الطرح ثمة سعي لوضع الحزب في صورة الطامع بحكم لبنان.
لا يجد الحزب نفسه، وفق المصادر عينها، مضطرا دوما امام كل تحليل او رأي يطلقه هذا المحلل او ذاك الكاتب، لان يبادر الى الرد والدحض، ولكن ثمة في المشهد مفارقة كبرى، اذ ان هناك من يزعم بان لبنان قد سقط منذ زمن بيد الحزب وبات تحت الوصاية و”الاحتلال” الايرانيين ويتعين التصدي لهذا، في حين ان هناك من يحذر من ان هذا البلد على وشك ان يسقط بيد الحزب من خلال عروض تأتي تباعا، وان ما عليهم الا ان يومئوا بعلامة الموافقة والرضا لكي تصير الامور طوع بنانهم وتصير الصفقة امرا مقضيا.
ومن باب التذكير، تكشف المصادر عينها ان الحزب سبق له ان اعلن بلسان اكثر من قيادي فيه انه لا يضع في برامجه المعلنة وغير المعلنة اطلاقا فكرة حكم هذا البلد لان لديه فلسفة خاصة لهذا الرفض لطالما تحدث عنها وتباسط في الكلام عن اضرارها ومخاطرها، ومبدأها الاصل ان التجارب القريبة والبعيدة اظهرت لكل ذي عقل ان ليس بمقدور فريق بعينه او جهة بذاتها ان تقبض على زمام الامر والنهي في هذا البلد الذي لا يسلس القياد لأحد.
وعندما طرح الامين العام للحزب السيد حسن نصرالله عام 2006 فكرة الذهاب الى مؤتمر تأسيسي قامت الدنيا ولم تقعد وطفت على السطح من يومها نظرية “الخشية من المثالثة”. وحيال هذه الموجة من التخويف والترهيب سارع نصرالله الى التحلل من هذه الفكرة ليس لانه خشي وخاف بل لانه اقتنع بان ثمة من لايزال يريد خوض التجارب والمغامرات ولا يريد سلوك طريق البحث عن حلول جذرية. ولكن عندما طرح الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون وهو في بيروت صيف عام 2019 فكرة ضرورة ابرام عقد سياسي جديد بين اللبنانيين، كان لافتا ان احدا لم يجهر بالاعتراض.
وفي الحصيلة تؤكد المصادر إياها ان “حزب الله” صار اكبر وارشد واعقل من ان يقع تحت تأثير اغراءات وهمية بإمساك السلطة والحكم في لبنان، لكنه في المقابل يرى ان من حق اللبنانيين ان يمضوا الى البحث عن اسس تجربة شراكة سياسية جديدة تأخذ في الاعتبار كل المتغيرات والتحولات التي عصفت منذ انفجار الحرب الاهلية، واولها الخروج من رهانات عقيمة، ومنها فكرة الاستنجاد بمؤتمرات ورعايات خارجية بغية تثبيت معادلات يرى البعض انهم الاَولى بوضعها.

• حزب الله يستعد للاستحقاق: «باقون» بحجمنا
ميسم رزق ــ الاخبار ــ قليلاً ما يتطرّق مسؤولو حزب الله إلى تفاصيل الانتخابات النيابية، مكتفين بالتركيز على نقطتين رئيسيتَين: الانتخابات حاصلة، والحزب وضع برنامجاً يُحاكي المرحلة ويتضّمن نقاطاً كثيرة.
النقاش في تطورات السنتين الأخيرتين أمر لا يتجنّبه الحزب، بل يقرّ مسؤولوه بـ«تقصير» يعتبرونه «نقطة ضعف». كما يقرّون بأن الاستياء الذي يسود القواعد الجماهيرية لمختلف القوى السياسية ليس بعيداً عن جمهوره أيضاً، وإن كان هذا الجمهور يحاول العضّ على جرحه. فهو من جهة يعلم المشروع الذي يستهدف المقاومة في الداخل والخارج، كما يعلم أن حزب الله لا يستطيع أن يستثمر قوته الإقليمية للقضاء على جزء كبير من الفساد، سواء داخل بيئته أو في البلاد بصورة عامة، وخصوصاَ أن محاولته لمعالجة أنشطة فساد، يتورّط فيها بعض من في داخل البيئة أو لدى الحلفاء، اصطدمت بعقبات كثيرة. رغم ذلك، «حماسة» الحزب للانتخابات كبيرة، وخصوصاً بعد الـ«ماتراكاج» المتواصل، منذ 17 تشرين 2019، لدقّ الأسافين بين الحزب وبيئته.
مع علمه بهذا الواقع وإدراكه لتأثيرات الأزمة الاقتصادية ــــ المعيشية على مزاج الناس، ورغم ما يُهمس به عن احتمال تطيير الانتخابات، يستكمل حزب الله التحضيرات اللوجستية والسياسية والشعبية لخوض الاستحقاق في أيار بشعار «نحمي ونبني» (وهو العنوان الذي تبنّاه الحزب في انتخابات عام 2018)، مع إضافة كلمة «باقون» (باقون نحمي ونبني). و«باقون» يقصد بها الحزب الاستمرارية بالموازاة بين فعل المقاومة ضد إسرائيل ومحاولة الحدّ من الانهيار الداخلي كي لا تندثر الإنجازات التي تحققت إذا ما انفجرت الجبهة الداخلية، علماً بأن المعركتين مختلفتان، «ولا شك أن الحرب على الفساد أصعب من الحرب ضد إسرائيل». إذ إن للحزب الكثير من الاعتبارات الجوهرية التي تقيّد حركته في الداخل مع حلفائه وأصدقائه، وهو لذلك تحمّل اتهامه بتأمين غطاء للمتورطين في منظومة الفساد. ليس الحزب غافلاً عن هذه النقطة، لكن الفرق أنه «مع إسرائيل لا يوجد حساب حتى للموت، أما الداخل فيحتاج إلى إجراءات مدروسة بدقة».
عملياً، وضع الحزب اللمسات الأخيرة على برنامجه الانتخابي الذي يعبّر عن رؤيته للتطورات الداخلية، أما المواقف من التحالفات السياسية والانتخابية، فلا تزال «قيد الدرس». باستثناء التحالف المحسوم مع «حركة أمل» في كل الدوائر، من المفترض أن يُعقد اجتماع بين قيادتَي حزب الله والتيار الوطني الحر الأسبوع المقبل، «بعدما حُلّت المشاكل الأخيرة»، للاتفاق حول الدوائر التي يُمكن التحالف فيها، أما «الأصدقاء» الآخرون، فخريطة التحالفات تنتظر اتضاح صورة توزيع المقاعد في المناطق.
أسماء مرشحي الحزب هي أيضاً قيد الدرس، ولن يُعلن عنها قبل الشهر المقبل، إلا أن المسؤولين يؤكدون أن «التغيير سيطال بعض الأسماء»، ولا سيما أن هناك نواباً «طالبوا بإعفائهم من الترشح»!
لا يفصل حزب الله بين المشروع السياسي والانتخابي، فهو مشروع واحد يُخاض في مواجهة الحرب الأميركية والخليجية (تحديداً السعودية) التي تسعى الى ضرب صورة حزب الله وتحجيمه في الداخل، إما مباشرة أو من خلال حلفائه، وخاصة أن جهات كثيرة في الداخل والخارج تراهن على الانتخابات لسلب الأكثرية من الحزب وحلفائه، وتصويره كأنه تراجع في شعبية الحزب. مع العلم بأن إحصاءات «استكشافية» أكدت أن حزب الله لا يزال يحافظ على موقعه وحجمه في بيئته، لاعتبارات عديدة، وحتى لدى الكتلة التي لم تحسم خيارها في التصويت، والتي «من المؤكد» أن أصواتها لن تصبّ في مصلحة خصومه، وسيعمل الحزب حتى موعد الانتخابات على استقطابها.
أما في ما يتعلق بالتطورات السياسية العامة في البلاد، ولا سيما انسحاب رئيس تيار «المستقبل» سعد الحريري من العمل السياسي وقراره عدم خوض الانتخابات النيابية القادمة، فيؤكد الحزب أن ذلك «لم يسبّب إرباكاً لديه»، ويرى أن «هناك إمكانية للتحالف مع قوى سياسية وحزبية على الساحة السنّية في عدد من المناطق، من بينها مجموعات مدنية ليس لها ارتباطات بالسفارات».

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى