أخبار محلية

حياد اللغة..واشكالية المصطلح

د. احمد فخر الدين

تحريض ،بث شائعات ،تأليب ،حث ،حض،مفردات يكثر استعمالها عند احتدام المواقف والاصطفافات الحادة في مواقف الاطراف المتخاصمة سواء في السياسة او الاجتماع او الاقتصاد او ادارة الازمات.. … هو التحريض اذن وجذره اللغوي (حرض)هو مصطلح يقصد به لغة الحض والحث والدفع باتجاه ردفعل معين مواز لفعل التحريض…. هذا الامر ينطبق على الكثير من الاحداث التي تجري في الاجتماع البشري ..كما يشكل احد قوانين الطبيعة في الفيزياء والكيمياء كما في علم الفلك والجيولوجيا ولا ننسى فزيولوجية وبيولوجية علم الاحياءالعامة والبشرية ولعل اقرب مثال على فعل التحريض في الجسم البشري فعل اللقاح لاثارة رد فعل مناعي لمواجهة الامراض الفيروسية

التحريض اذن هو فعل حيادي قد يؤدي الى نتيجةاو رد فعل ايجابي او رد فعل سلبي …هو بهذا المعنى اذا حاولنا التشبيه كالسكين ..فهي تستعمل لتحضير الطعام..والحصول على نتيجة ايجابية وذات فائدة…كما يمكن استعمالها للقتل وارتكاب الجرائم ..ويمكن استحضار مثال آخر كالهاتف الذي يمكن استخدامه في التواصل الايجابي ونقل الارشادات والمعلومات المفيدة بين البشر كما يمكن اساءة اسخدامه بايقاع الفتن وبث الفرقة والاخبار المغرضة، حياد اللغة امر حيوي للاستخدام السليم لها ،،هي طريقة التواصل الاولى بين البشر منذ ان نزل آدم الى الارض وعلمه ربه الاسماء كلها… لم تتصف هذه اللغة بجندر معين انثوي اوذكروي ولا باتجاه معين رغم ان كل قوم ابتدعوا لأنفسهم لغتهم الخاصة بهم

هنا لا بد ان نذكر ببعض معاني التحريض كما اوردتها معاجم اللغة حيث ترد معاني الترغيب والتشجيع والتزيين ..والاثارة بما يوحي بالمعنى الايجابي للتحريض . ومن لطيف الامثلة على المعنى الايجابي للمصطلح ما ورد في القرآن الكريم في آيتين وحيدتين اقتصرتا على المفهوم الايجابي للمصطلح، حيث ورد في سورة الانفال آية٦٥ : “يا ايها النبي حرض المؤمنين على القتال ان يكن منكم عشرون صابرون يغلبوا مئتين… ” وكذلك في سورة النساءآية٨٤ ” ..فقاتل في سبيل الله لا تكلف الا نفسك وحرض المؤمنين عسى الله ان يكف بأس الذين كفروا….”صدق الله العظيم.

الاشكالية في المصطلح تقع عند استخدامه بطريقة ما توحي للمتلقي وتدخل في وعيه المفهوم السلبي للمصطلح وتقف عند حدوده السلبية ليس الا، يذكي هذا الاستخدام السيئ الواقع السياسي والاجتماعي المأزوم ،فيصبح التحريض مرادفا للمعنى السلبي غالبا،،،فهو تحريض على العنف ،،وعلى الكراهية ،،،وعلى القتل ،،،وعلى العصيان!!؟

وبالعودة الى فعاليات الجسم البشري وهو المخلوق الأسمى،نرى انها تنطلق من افعال تحريض تليها ردود افعال تكون بغالبيتها ايجابية وغايتها حفظ النظام السوي للجسم واداء مهامه البيولوجية والفزيولوجية على احسن وجه،فالغدد الصماء وغير الصماء تفرز هرموناتها وموادها لتحرض نتائج واعمالا مفيدة ولابد منها لحياة طبيعية ، وكذلك الاعصاب ترسل سيالاتها الى الى المشابك العصبية لاثارة وتحريض ردود افعال مهمتها حفظ وسلامة الكائن البشري. مأساة اللغة هي خضوعها للبيئة التي تستخدم فيها سلبا او ايجابا لتخرج عن حدود المفاهيم المجردة لها،….لكن هل نقول رغم ذلك ان الذي يعج به وسطنا السياسي والاجتماعي خال من التحريض بمفهومه السلبي؟!.. بالتأكيد لا .! والنقاش مفتوح…

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى