حرب «بالطول والعرض»: إسرائيل تريد الملاذ فقط
وجدت إسرائيل “خلاصها” من المعضلة الاستراتيجية التي شخّصتها منذ بدء الأزمة الروسية – الغربية في أوكرانيا، عبر إلباس نفسها لبوس الوسيط، وإن كانت تدرك مسبقاً أن لا جدوى من وساطتها. ذلك أن أسباب هذه الحرب وأهدافها وأدواتها وربّما أيضاً ما قد تصل إليه إن تجاوزت حدّها من سيناريوات متطرفة، أعلى مستوى وأوسع نطاقاً بما لا يقاس، مقارنةً بكيان محدود القدرة نسبياً، ومتواضع الحضور على المسرح الدولي، حيث للصغار كإسرائيل حيّز محدود جداً للتأثير. وعلى رغم أن “الوساطة” صفريّة النتائج، كما اتّضح منذ انطلاقها، إلّا أنها حقّقت الفائدة المرجوّة إسرائيلياً منها، عبر إزاحة تل أبيب، مؤقتاً – لا نهائياً كما تأمل الأخيرة – عن منصّة الاتهام بأنها تقف إلى “الجانب الخطأ من التاريخ”، إذ كانت إسرائيل مطالَبة، قبل “الوساطة”، باتخاذ موقف يتماشى مع أقرانها وحلفائها بقيادة الولايات المتحدة، كما كانت الانتقادات تَصدر من هنا وهناك، وحتى داخل الكيان العبري نفسه، إزاء الموقف الذي يكتفي حتى الآن ببيان إدانة “بلا أسنان”، لا يتساوق أبداً مع الموقف الغربي. أما في أعقاب “الوساطة”، فقد باتت إسرائيل تملك وسيلة قتالية دفاعية تأمل أن تُسكت من خلالها حلفاءها، ومطالبتهم لها بموقف واضح يتساوق مع هويتها وتموضعها الدولي إلى جانب الغرب والولايات المتحدة؛ إذ يستدعي كونك وسيطاً “بروفايل” معتدلاً لناحية الإدانات والتعليقات واتخاذ المواقف إلى جانب هذا الطرف أو ذاك.