أخبار محلية

كتب خليل القاضي بعد ميثاق 1943 .. هل ترعى القاهرة ميثاقا جديدا؟

إن الحديث عن العلاقة بين ومصر ولبنان لا تكفيها اسطر، فالعلاقة بين البلدين ضاربة في التاريخ، وجذورها متينة ولم تتأثر بكل المتغيرات التي مرا بها، ولطالما امتازت العلاقة بالتوافق التام والتماهي تجاه القضايا السياسية التي عصفت بالعالم العربي وبلبنان، فقد كان على الدوام مسانداً لمصر كونها الشقيقة الكبرى، وهي صاحبة الدور المحبب على اللبنانيين بجميع اطيافهم السياسية، وكيف لا ومصر الكنانة كانت اول دولة عربية تعترف باستقلال في العام 1943، كما أن القاهرة كانت مركزاً للتفاوض من أجل الاستقلال، وفي أربعينيات القرن الماضي رعت برئاسة رئيس وزراء مصر الأسبق الراحل مصطفى النحاس اجتماع الزعامات اللبنانية وتحديدا الرئيس بشارة الخوري ورئيس الحكومة رياض الصلح ونتج عن اجتماعهم إعلان “الميثاق الوطني” الذي أسس نظام الحكم في لبنان، فمصر دورها متجذر في الحياة السياسية اللبنانية، وبعد ثورة يوليو تعمقت العلاقات المصرية اللبنانية مع حفاظ مصر الدائم على الخصوصية اللبنانية، وعلى هذا الحرص العديد من الشواهد التاريخية لا مجال لتفصيلها الآن، وكذلك الأمر بالنسبة الى لبنان الذي دعم القاهرة على الدوام وقدم لها كل مساندة ضمن الاجماع العربي. وعلى الرغم من انقطاع العلاقات بعد اتفاق كامب ديفيد وتوقيع السلام مع إسرائيل مازال اللبنانيون يحفظون للرئيس انور السادات كلمته التي قالها في خطابه الشهير في افتتاح دورة مجلس الشعب المصري بتاريخ 18-10-1975 “….نحن نريد للبنان ما اراده له مؤسسوه ليس للاستعمار مقراً ولا ممراً ونموذجاً للتعايش بين الطوائف والمذاهب …” ثم قال “ارفعوا ايديكم عن لبنان”. وكما كانت على الدوام دعمت مصر اتفاق الطائف الذي جمع النواب اللبنانيين في المملكة العربية السعودية و انهى سنوات اقتتال الاخوة.

غير ان الدور المصري استمر وفي اعقاب الزلزال الذي عصف بلبنان في أعقاب اغتيال الشهيد رفيق الحريري عام 2005 لعبت مصر دورًا مهمًا مع المنظومة العربية والعالمية، من اجل كشف الحقائق، ووقفت بجانب الشعب اللبناني ودعمته في ضد العدوان الإسرائيلي في تموز 2006، حيث أكدت مصر أن سياسة العصا الغليظة لن توفر أمنا ولا سلاما ولا استقرارا لإسرائيل وأن عليها أن تعود للطريق الصحيح، طريق التفاوض والحوار لتحقيق السلام والأمن المتكافئ للجميع، وأكدت على حق لبنان في مقاومة الاحتلال كما قرر الرئيس الاسبق الراحل حسني مبارك قيام مصر بإصلاح كافة محطات الكهرباء التي دمرها العدوان الإسرائيلي ، و ارسلت مستشفى ميداني عسكري للمساعدة في لملمت الجراح اللبنانية ، ولم تسحبه بعد انتهاء العدوان حيث مازال يقدم المساعدة للشعب اللبناني.

وفي انفجار مرفأ بيروت في 4 أغسطس 2020 كانت توجيهات الرئيس السيسي بإرسال مساعدات عاجلة الى لبنان وفتح لذلك جسر جوي لإغاثة الشعب اللبناني طبياً وغذائياً ناهيك عن اسطول من السفن حملت المواد الاولية من اجل اعادة البناء والترميم.

ولأن مصر تبقى المرجع الذي يلوذ إليه لبنان في أزماته أتت زيارة رئيس الحكومة المكلف سعد الحريري الى القاهرة ولقاء الرئيس عبد الفتاح السيسي الذي أكد على متانة العلاقات بين البلدين مؤكداً حرص مصر على الحفاظ على قدرة الدولة اللبنانية بالمقام الأول، ولإخراج لبنان من الحالة التي يعاني منها حالياً، داعياً كافة القادة اللبنانيين إلى إعلاء المصلحة الوطنية،ِ وتسوية الخلافات، وتسريع جهود تشكيل حكومة مستقلة قادرة على التعامل مع التحديات الراهنة وصون مقدرات الشعب اللبناني، مشدداً على استعداد مصر لتقديم كافة أوجه الدعم والمساعدات لتجاوز الأزمات التي يواجهها لبنان، لاسيما التداعيات التي خلفها كل من حادث انفجار مرفأ بيروت وجائحة فيروس كورونا.

زيارة الرئيس سعد الحريري الى القاهرة تأتي في توقيت حرج يمر به لبنان في ظل الخلاف على شكل الحكومة المقبلة، وفي ظل ترداد البعض ان الازمة في لبنان هي أزمة نظام وليس فقط أزمة حكومة، ولا ننسى ان الرئيس الفرنسي الذي اطلق مبادرة تجاه لبنان في اعقاب انفجار المرفأ المح الى ان لبنان يحتاج الى انتاج عقد اجتماعي سياسي جديد ما يفسره المراقبون دعوة الى تغيير النظام فهل ستشهد القاهرة على ولادة ميثاق لبناني جديد ترعاه و دولة الإمارات وبغطاء فرنسي ودولي؟ الأسابيع المقبلة كفيلة بكشف ما سيجري. المصدر مجلة الاهرام العربية

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى