مابعد الانتخابات : الاعجوبة وحدها توقف الانهيار .. ولبنان أمام مخاض عسير
الصحافي والكاتب السياسي حسن سلامه
سؤال كبير يطرحه كل لبناني مخلص وكل من يكتوي من نار الازمة ، حول المشهد الجديد الذي سيسلكه الوضع الداخلي بعد النتائج التي تمخضت عنها الانتخابات النيابية ، ومعها بعض التغيير في توازنات الكتل النيابية على كل ضفاف السياسات الداخلية .؟
قبل الاجابة على هذا السؤال ، لايبدو ان مشهد الانقسام السياسي والنيابي الذي كان قائما قبل الانتخابات سيختلف كثيرا، ولو أن الرئيس سعد الحريري وتياره غائبان عن المشهد النيابي ، وفوز عدد لابأس به من مرشحي الحراك الشعبي ( رغم الاختلافات الكبيرة ببن هؤلاء حول مسائل إستراتيجية ، بدءا من سلاح المقاومة ). كما ان الامر الاخر الذي يفترض تبيان خيوطه في الايام المقبله ، ليس إنتخاب رئيس لمجلس النواب ، مع حسم الامر مسبقا للرئيس نبيه بري ، بغض النظر عن مزايدات بعض الكتل ، كالقوات اللبنانية والكتائب ، لكن القضية الاساس تتعلق بتشكيل الحكومة الجديدة ، فإذا ماحصل توافق على إعادة تكليف نجيب ميقاتي قد يمر تشكيل الحكومة بسلاسة ، وإلا ستدخل البلاد في ازمة مطولة ، ينتج عنها إستمرار ميقاتي وحكومته بتصريف الاعمال ، مع كل ما ينتج عن ذلك من إنهيارات داخلية أوسع وأشمل ، رغم أن ميقاتي لن ” يشيل الزير من البير ” ، بل سيحاول تمرير الاشهر المتبقية من ولاية الرئيس ميشال عون بنفس الطريقة التي أدار فيها حكومته الحالية ، عبر صرف ماتبقى من إحتياط في مصرف لبنان ووعود وهمية لاتسمن ولا تغني من جوع وإنهيار متزايد .
لكن السؤال الذي يطرح نفسه ، وبغض النظر عن طبيعة الحكومة الجديدة – في حال تمرير هذا الاستحقاق – ماذا ينتظر اللبنانين ، وماذا في جعبة الكتل النيابية ، قديمها وجديدها .؟
حتى لايقال أنني متشائم مما تنتظره البلاد ، لابد من الاجابة٧ على أسئلة ثلاث وهي :
- ماهي التوجهات الجديدة المغايرة لما سبق من جانب كتل وحلفاء ٨ أذار على المستوى الداخلي ، حتى الان لا نرى برامج واضحة وشاملة ستعمل لها هذه الكتل ، وهل بالاساس هناك إمكانية للتوافق بين كتلها على هكذا برامج ، في ضؤ ماشهده اللبنانين من تعطيل مقابل التعطيل بين بعض هذه الكتل ( بغض النظر عن صوابية ماكان يطرح سابقا في جملة واسعة من الملفات الداخلية )، وبالتالي لا مؤشرات ولو متواضعة للاتفاق على برنامج إصلاح متكامل ….. يوقف الانهيار ويضع البلاد على طريق التعافي ، وللحديث عن هذه القضية تفصيلات وتفصيلات لاتتيح مقالة واحدة لشرحها ، ولو أن ماطرحه الامين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله في كلمته الاخيرة بما خص الانتخابات النيابية ونتائجها من حيث دعوته لتعاون الجميع ، رغم الخلافات الكبرى لانقاذ لبنان ، قد توفر الفرصة المعقولة للحد من الانهيار ، إذا ما لقيت تجاوبا من الخصوم .
- ما هي حقيقة مواقف مايسمى بحلفاء السعودية ، وبخاصة القوات اللبنانية والكتائب والحزب الاشتراكي وعدد من النواب الذين يسمون أنفسهم مستقلين من أشرف ريفي الى اخر السبحة ،، لاشيء أيضا يشي بأن لدى هؤلاء متغيرا مختلفا عن السابق سوا الشعارات والوعود الوهمية ،، ونقول بوضوح هنا ، فمن يشتري ضمائر البعض للفوز في الانتخابات النيابية – كما فعلت القوات اللبنانيةوأشرف ريفي والمخزومي على سبيل المثال وليس الحصر ) فهؤلاء بالعشرات بل أكثر من ذلك بكثير ، فهل ننتظر من هؤلاء إصلاحا وبناء دولة العدالة لكل اللبنانين ( هذا إذا أردت التفاؤل وليس توصيف كل فريق على ماهو عليه ).
الا ان الازمة الاكبر التي يرجح دخول البلاد فيها ، الى جانب مزيد من إهتراء الدولة وإفلاسها ، فتتمثل في إمعان أدعياء السيادة من القوات ، الى الكتائب ، وريفي وغيرهم من السذج والمهووسين بالرهانات على الاميركي وحتى الاسرائيلي وأسيادهم في دول البترودولار في إجترار شعارات الفتنة والدفع نحو الحرب الاهلية ، بدءا مما يزعمونه سلاح غير شرعي – أي سلاح المقاومة – وصولا الى جنون البعض وعلى رأسهم صاحب الرهانات الخاسرة سمير جعجع ،بسحب سلاح المقاومة وإستطرادا تسليم لبنان للاميركي والاسرائيلي .
أما الخطر الاكبر على البلاد ، سيكون بعد نهاية الرئيس ميشال عون في ٣١ تشرين الاول المقبل ، حيث كل المعطيات تؤكد بما لايقبل الشك أن لبنان ذاهب نحو فراغ غير واضح في موقع رئاسة الجمورية ، بالتوازي مع تعطيل شبه كامل لكل مؤسسات الدولة من أكبرها الى أصغرها ، وعندها سيضرب لبنان بالافلاس الكامل التي قد تبلغ المجاعة في غير منطقة ، خاصة إذا إستحال إنتخاب رئيس جديد ولم يحصل توافق إقليمي – دولي على شخص الرئيس العتيد .