كتب الباحث السايس السوري خالد المقداد.
*خاص * Bawwababaalbeck. اكدنا في مقالاتنا السابقة، أن ما يقوم به الكيان المؤقت من غارات على الجمهورية العربية السورية يشكل جريمة العدوان التي نص عليها قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 3314 لعام 1974 في المواد 1_8 منه.
والمتتبع للمخطط البياني لمستوى التصعيد لهذه الغارات، يرى أنها قد زادت من عدوانيتها، بحيث أنها استهدفت المطارات المدنية والموانئ البحرية، وأخرجت بعضها من الخدمة..
المبدأ المستقر في علم القانون هو أن القاعدة القانونية التي لا تنطوي على مؤيد جزائي يفرض بحق من يخالفها تولد ميتة، ولن تجد طريقها للتطبيق الفعلي، ولن تجد احتراماً من المخاطبين بها، فإذا نص القانون على أن الاحتيال يشكل جريمة دون أن يفرض عقوبة الحبس، ستجد من يعد الاحتيال ذكاءاً ودهاءاً، وكذلك الأمر في التهرب الضريبي والرشوة وغيرها..
فإذا ما أردنا إسقاط هذا المثل على سياسة الكيان المؤقت ضد البرنامج النووي الإيراني، لوجدنا تردداً كبيراً من الكيان قبل أن يقوم بأي اعتداء لا عسكري داخل أراضي الجمهورية الإسلامية، ويقوم الكيان بمفاضلة ما يحققه من فائدة مع ما يلحق به من ضرر، لأن الجمهورية الإسلامية الإيرانية استطاعت فرض قواعد اشتباك مبنية على التوازن سواءاً مع الكيان المؤقت أو مع المحور الغربي.. فعندما احتجزت المملكة المتحدة ناقلة نفط إيرانية بتاريخ 4/7/2019 ردت البحرية الإيرانية على ذلك باحتجاز ناقلة نفط بريطانية، وتفتيش أخرى.. وتكرر ذلك مع اليونان التي احتجزت ناقلة نفط إيرانية بتاريخ 26/5/2022 فكان الرد الإيراني احتجاز ناقلتين يونانيتين.. أي أن ميزان الرد يرجح لمصلحة إيران.
وإذا أردنا استذكار عدوان الكيان المؤقت على لبنان في عام 2006، نستذكر قاعدة حيفا وما بعد حيفا، وقاعدة الضاحية مقابل تل أبيب، وساعر انتقاماً لبيروت. وجميعها استطاعت ردع الكيان المؤقت عن خرق هذه القواعد. وكذلك نستذكر الإنذار السوري لجيش الكيان المؤقت بأن أي دخول لقواته إلى منطقة إصبع الجليل سيعد تهديداً لأمن العاصمة دمشق مما يستتبع دخولاً سورياً لحرب تموز، واستطاع هذا الإنذار فرض قواعد اشتباك جديدة في هذه الحرب.
لن نبالغ الآن في تقدير قدرات الجيش العربي السوري على ردع الكيان المؤقت من تكرار اعتداءاته، ولكن عندما يسمع هذا الكيان أن الرد السوري سيكون باستهداف عصاباته على الأرض السورية، أو بأن الرد سيكون عاجلاً أم آجلاً، فهذا لا يعني إلا أن يبقى الكيان مطمئناً لتفلته من الرد على عدوانه، مما يستتبع زيادة خطورة اعتداءاته إلى حد التطرف.
لن ندعوا هنا إلى رد الصاروخ بالصاروخ والمطار بالمطار، بل ندعو إلى الرد وفق إمكانياتنا بما يؤثر على الكيان، فقد يكون الرد سبرانياً، أمنياً.. والأهم هو إعادة بناء مقدرات الجيش العربي السوري الذي كان قادراً على خوض حرب خارجية من ثلاث جبهات في وقت واحد. فالردع لن يكون سوى سورياً، ولا يجوز لنا أن نطلب من الآخرين القيام بمهماتنا وواجباتنا، فالأصدقاء والحلفاء قدموا لنا الدعم الكامل لتحرير أرضنا، ولكن من قام بالمهمة الرئيسة هم رجال الجيش العربي السوري.
وأخيراً، لا بد لنا من القول بأن لنا في حميدة الطاهر، وسناء محيدلي، خير عبرة لكيفية التعامل مع الكيان المؤقت..