بناء الشباب بالشباب..
.*خاص *.Bawwababaalbeck .
كتب خالد المقداد تقتضي نظرية الظروف الطارئة الناظمة للتوازن المالي في العقد الإداري أن تتحمل الإدارة جزءاً من الصعوبات المالية التي نجمت عن الظرف الطارئ، وأن يتحمل المتعاقد معها الجزء الآخر. وفي القانون السوري تم توزيع هذه النسبة وفق 85% تتحملها الإدارة. و15% يتحملها المتعاقد معها. فإذا قلت لكم أنه وفي أثناء الإجابة على تساؤلي عن هذه النسبة في إحدى محاضراتي الجامعية، لم تتجاوز النسبة المتوقعة من الطلاب لنسبة تحمل الإدارة من المخاطر ال 20% لقلنا إن هناك مشكلة ثقة بين الجيل الناشئ وبين الإدارة حالياً..
فهل أخفقت الإدارة في مخاطبة هذا الجيل الذي أصبح على أبواب الاعتماد عليه في بناء الوطن؟ وهو ذات السؤال الذي يطرح في كل مناسبة شبابية..
باعتقادنا، إن مخاطبة الجيل لها عدد من المستويات. تبدأ من الأسرة والمجتمع، والمدرسة والجامعة، والإعلام.. فإذا افترضنا غياب التوجيه والإعداد الأسري، وفساد الإعداد المجتمعي، فإن الإعداد أصبح مهمة تقع على عاتق الإدارة.
لست هنا بصدد الدعوة لتكرار تجربة طلائع البعث، أو شبيبة الثورة.. فبالرغم من أهمية هذه التجارب في وقتها. إلا أن ما لحقها من فتور أدى إلى غياب النتائج الحقيقية وتحولها في معظمها إلى شكليات..
فالآن، نحن بحاجة إلى خطاب شبابي عصري حقيقي، يخاطبنا بفاعلية، نحن من نقوم بإعداده وتقديمه، بحيث ندرك ماهية مشكلاتنا، وندرك برامجنا لحلها، فمن أراد مخاطبتنا، عليه أن يخاطبنا بأسلوبنا وليس بأسلوبه.. الذي نشأ عليه قبل نصف قرن..
وفي هذا الصدد، يمكن لنا أن نذكر تجربة مدرسة الإعداد المركزية في سورية، والتي تبنت برنامجاً تدريبياً متكاملاً لإعداد مدربين شباب على مهارات التواصل الفعال، بحيث بدأ هذا البرنامج من انتقاء مجموعة شبابية من ذوي الكفاءات العلمية والأكادمية، وجرى صقل مهاراتهم وعلومهم تاريخياً وجغرافياً وسياسياً محلياً وإقليمياً ودولياً، إلى جانب مجموعة من المعارف الاقتصادية والثقافية، فمن تجاوز منهم الامتحانات الكتابية والشفهية والبحثية، الفجائية والموقتة، إلى جانب النجاح في المعيار الاجتماعي، انتقل إلى مرحلة ثانية اعتمدت على التعمق في العلوم والمعارف التكنولوجية والرقمية والتشريعية، وانتهت بتقديم ملخص شفهي من كل متدرب عما حصله من معارف على مدار العام. فمن استطاع تجاوز معيار التقديم، انتقل إلى صقل مهارات التواصل الفعال، ليتم تدريبهم على أنماط التواصل المختلفة، ومهارات الحوار البناء، والذكاءات المختلفة، وغيرها.. إلى جانب الإعداد العلمي الدقيق في مجال التحليل السياسي من جهة، والتنمية السياسية من جهة أخرى..
هذا الإعداد، الذي استمر لأكثر من ثلاث سنوات، نستطيع القول إنه اللبنة الأولى في مسيرة بناء سورية القوية والمحصنة داخلياً وخارجياً. فالشباب يميلون إلى الاستماع لبعضهم، والاستفادة من تجارب أقرانهم. لأننا نجد فيها محفزاً قابلاً للتطبيق. على خلاف الحاجز النفسي الذي يخلق لديهم من تجارب الكبار الذي يوصفون بأنهم أوصياء. وبالتالي يرفض الشباب الاستماع لهم، بل يخالفونهم دوماً بحجة أنهم لا يمثلون جيلهم..
وختاماً، نستطيع القول، إننا بحاجة إلى جدية الإدارة في استثمار كفاءاتها الشبابية المدربة، فكما قال القائد الأسد مند 40 عاماً: “كل امرئ قد يخطئ ويصيب في رأيه واجتهاده، ولكن عدم البحث عن الصواب أو تعمد الخطأ والاستمرار فيه شيء آخر، فلنضع أمامنا مصالح الشعب، ولنقل في ضوئها وعلى هديها ما يجب أن نقول، لنذكر دائماً تضحيات شعبنا وجهاده دوماً من أجل الوطن والأمة، لنذكر ما يقدمه شعبنا من جهد ومال ودم من أجل الوطت والأمة.. إن بلادنا رغم كل المصاعب.. لم يستطع أحد أن يفرض عليها إرادته أو أن تتنازل عن جزء من إرادتها.. وهكذا ستكون في الغد الآتي.. فلنبنها ونقوي البناء في العقل والنفس لأن القادم أشد خطراً..”.