مقالات

بريكس عربية 2

كتب خالد المقداد *خاص *Bawwababaalbeck

“إن الحديث عن الوحدة العربية هو ضرب من الوهم، وعيش في الماضي، الماضي البعيد جداً، والقراءة عنه نوع من إضاعة الوقت، أو نوع من الكوميديا الساخرة”.
قد يقول قائل ذلك، ولكن المتابع للشعب العربي من المحيط إلى الخليج يرى انتماءه الدائم لقضاياه القومية، سواءاً في فلسطين العربية، أو العراق 2003، أو لبنان 2006، وإذا ما أردنا أن نعود أكثر في تاريخنا المعاصر، سورية ومصر 1973.
في مواضع القوة، وعصر الازدهار السياسي والاقتصادي، يزدهر دائماً شعور الانتماء، أي يزداد الشعور بالانتماء إلى الوطن الكبير، لأن هذا الوطن يغذي الشعور بالعزة والكرامة، وهو شعور طبيعي تحدث عنه علماء النفس عند الحديث عن الحاجات الإنسانية.
وفي المقابل، إن عصر الانحطاط والهزيمة، سيؤدي إلى ضعف الانتماء لمتلقي الانحطاط، لأن الإنسان في حاجته لإشباع حاجة التقدير سيحاول التخلي عن كل ما يربطه بهذا الجسم المتخلف، سواءاً أكان وطناً كبيراً، أم وطناً تشكل وفق اتفاقيات التقسيم، بل أكثر من ذلك، سيحاول اكتشاف جسماً جديداً ينتمي له، يؤمن له الشعور بالكرامة والعزة، وفي سبيل ذلك قد يعود إلى العصور الغابرة، وقد يصل إلى البابليين والآشوريين والفينيقيين والأمازيغ.. وإذا ما أراد الستغناء أكثر، قد يصل إلى عصور الهيكسوس..
الشعب العربي وصل إلى درجة التخمة من الصدمات التخلفية التي تلقاها من إداراته المختلفة، وهو في هذا الإطار، فقد ارتباطه بهذه الإدارات، وحاول إيجاد نوعاً جديداً من الانتماء الوطني.. إلا أن هذا الشعب العريق في كل مناسبة وطنية، لا يتوانى عن إظهار وحدته العربية القومية دون تردد، الشعب العربي على اختلاف أقطاره، وقف خلف المنتخب المغربي، الجزائريون تعالوا على الخلافات، بل ونسوا هذه الخلافات، ووقفوا خلف مغربهم، حتى السوريون الذين عانوا ما عانوه من ويلات تآمر بعض الإدارات العربية، تعالوا على هذه الجراح العميقة، ووقفوا خلف منتخب بلاد نجد والحجاز عند فوزه..
إن كان الشعب العربي يعبر عن انتمائه القومي في هذه المناسبات البسيطة التي ترتبط بألف باء الانتماء القومي، فكيف لنا أن ننمي هذا الشعور ونستفيد منه في سبيل تغيير الواقع العربي الحالي؟
باعتقادنا، إن ذلك يحتاج كمارقلنا سابقاً، إلى إيجاد منظمة فاعلة ذات أهداف حقيقية، وأعضاء منتمون ومؤمنون بوحدة أقطارهم. ليس المطلوب من هذه المنظمة تحقيق الوحدة السياسية بداية، وإنما إيجاد نوع من التكامل الاقتصادي والوحدة الاقتصادية الحقيقية، التي يغدو معها الصراع البيني مستحيلاً، كما ليس المطلوب اجتماع كافة الأقطار العربية في هذه المنظمة، وإنما الصادقون والمنتمون حقيقة، فالولايات المتحدة الأمريكية لم تتحد ب 50 ولاية في عام 1787. وإنما اقتصرت على ثلاث عشرة ولاية فقط..
الوحدة العربية ليست ضرباً من الخيال، وليست أحلاماً وردية، فقادة الكيان المؤقت اعتقدوا في مرحلة ما، في عام 1948، بأن الجيل الأول سينتهي، والجيل الثاني سيضعف انتماؤه، والجيل الثالث سيفقد انتماءه. أما الواقع الحالي فقد أثبت أن الجيل الثامن بعد النكبة أصبح هو الحامي الأول للقدس، والمواجه الأول لجرائم الإبادة، والمبدع في طرق المقاومة لسياسات الكيان المؤقت..
الوحدة العربية هي المستقبل العربي الحقيقي، وعلينا إيجاد النواة المناسبة للسير في هذا الطريق، لأن المستقبل الآخر هو محو الوجود العربي وأمته من خارطة الحياة، ومن خارطة التاريخ والمستقبل..

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى