يستغل العرب الفرصة لتصفية الحسابات مع الغرب.كتب وضاح الجندي
ابرزت انعكاسات الحرب في اوكرانيا و المواجهة الروسية مع الغرب وجها جديدا لتعامل الدول العربية المحسوبة على المعسكر الغربي مع امريكا زعيمة هذا المعسكر.
فلقد رفض معظمها التبعية و الانحياز الى المطالب الامريكية بانتقاد روسيا و مقاطعتها.
لتكون سابقة من نوعها اظهرت استقلاليتهم و محافظتهم على توازن منطقي و مكانة سياسية اقتصادية ازدادت ثقلا مع ازدياد حزمة العقوبات الغربية على روسيا و خاصة مع حظر شراء النفط و الغاز الروسي الذي سبب ارتفاعا في اسعار النفط بنسبة وصلت الى 69% و الغاز الى 190% .
و رافق ذلك زيارات غربية – امريكية الى الدول العربية و ترجيات لرفع الانتاج و تعويض السوق عن الانتاج الروسي,
لكن معظم الدول العربية رفضت الانصياع الى الضغوط الامريكية و زيادة الانتاج واكدت على التزامها باتفاقياتها مع روسيا في اطار اوبك بلس.بما يخدم مصالحها و اقتصادها.
و تحدث المراقبون عن عملية اعادة حساب لهذه الدول مع الصديق الامريكي الذي استغل لاكثر من مرة في السنوات الاخيرة العلاقات لصالحه, بل غدر بشركائه العرب في اكثر من موقف مما جعل فاتورة الحساب طويلة.
هذه الحالة اعادت الى الاذهان استخدام العرب لسلاح النفط في حرب 73 امام الضغط الشعبي و الانحياز الكامل لامريكا و بعض الدول الغربية لاسرائيل, مما خلق اول ازمة نفطية اثرت على الاقتصاد الغربي .
لتكون المرة الثالثة التي لجأ فيها العرب لاستخدام سلاح النفط, فاول مرة كانت ردا على العدوان الثلاثي على مصر في 1956 و الثانية في حرب 1967 و لكن في الحالتين لم يكن له اثر كبير و السبب عدم التزام جميع الدول و زيادة الانتاج من قبل البعض كايران (الشاه) و فنزويلا.
اما اليوم فالظروف اكثر من مؤاتية, سواء من الناحية السياسية لوجود دول مؤثرة حريصة على استقلاليتها و الدفاع عن مصالحها و سيادتها و ترفض احادية القطب و الانصياع لامريكا.
و مؤاتية اقتصاديا لان معظم الدول النفطية خرجت عن الطاعة الامريكية و مع حظر نفط و غاز روسيا -التي تعتبر من اكبر الدول المصدرة- فان اثر وقف التصدير العربي سيكون كارثيا على الدول الغربية, بشرط التنسيق الكامل و الالتزام التام من قبل هذه الدول.
فبالرغم من الشراكة الاستراتيجية مع امريكا و التطبيع المباشر مع اسرائيل في السنوات الاخيرة الا ان الشارع العربي ازاداد امتعاضا من الاستغلال الغربي و ازدواجية التعامل مع القضايا العربية خاصة بعد تدمير العراق و ليبيا و العدوان الاسرائيلي المستمر على سوريا و غزة و قتل الفلسطينين بشكل مستمر دون ان يتدخل احد, و اتى مقتل الصحفية الفلسطينية شيرين ابو عاقلة ليؤكد الانحياز الغربي مع اسرائيل ضد العرب و يشعل هذه الاحاسيس.
و في المقابل ظهرت روسيا كحلبف موثوق به في سوريا، كما انها لم تتردد في استخدام القوة لحماية الروس و امنها في اوكرانيا, فظهر ميول الشارع العربي الى روسيا التي بدت مواجهة ضد الغرب و الاوليغاركية اليهودية التي تحكم اوكرانيا.
لهذا فان المواجهة الروسية مع الغرب هي افضل فرصة يجب ان يستغلها الزعماء العرب للدفاع عن وجودهم وشعوبهم و فرض احترام الغرب و امريكا لحقوقهم و تسديد جزء من فاتورة الذل و الانكاسارات التاريخية.
دراسات اوراسية