متفرقات

“التربية الى التدويل” ، هذا ما خُطط له.

كتب علي شفيق مرتضى
١٩ كانون الثاني ٢٠٢٢

الوضع التربوي في لبنان لا يحتاج إلا لجولة صغيرة وقراءة هادئة لتجد أن ما خطط له هو تدويل التربية وتسليم رقابها ومقدراتها لجهات دولية تحت مسمى “جهات مانحة”.

📍المرحلة الاولى : من بداية عهد الياس بو صعب (وزير التربية الأسبق) حتى بداية جائحة كورونا.

بدأت المرحلة الأولى في عهد وزير التربية الأسبق بو صعب عندما حصر تعليم الطلاب السوريين في المدارس الرسمية مع علمه المُسبق أن القطاع الرسمي “يعرج” أنذاك ب ٣٠% من مجموع الطلاب اللبنانيين، بل أكثر من ذلك فقد منع المدارس الخاصة المجانية من الإستفادة من المنح لغير اللبناني بغية تضييق الخناق على خيارات الطالب السوري وإجباره على التسجيل في المدارس الرسمية في فترة ما بعد الظهر ، ناهيك على إجبار الجهات المانحة بإنهاء العقود مع الجمعيات التي كانت تعمل على تعليم الطلاب السوريين في المدارس الخاصة في فترتي قبل وبعد الظهر على كامل الأراضي اللبنانية، مع العلم أنه يوجد في لبنان ١٢٠٠ مدرسة رسمية وأكثر من ١٦٠٠ مدرسة خاصة.

وتعتبر المرحلة الاولى التي أسس لها بو صعب المدماك الاول في بداية إنزلاق التربية وصولاً الى ما نحن عليه اليوم بعد تدهور الوضع الإقتصادي وقد نتج عن سياسة بو صعب خلق مآسي تربوية جديدة وفي مقدمتها بما يسمى “المستعان بهم” كالمرأة البكر “لا معلقة ولا مطلقة” و “لا طايلة سما ولا طايلة أرض” في حين أن وزارة التربية تعاني منذ عقود من المتعاقدين والعجز في تثبيتهم.

لن ندخل في التحقيقات الصحافية عن هذه الحقبة وما كُتب عن “مدارس من رمال” وعن الفريق المستحوذ على الهبات والزبائنية في توزيعها ونهبها كما يحلو للمستحوذ والأزلام وجيوش المستشارين، بغية عدم تكرار من كتبه غيرنا من المتابعيين التربويين.

📍المرحلة الثانية : إمتداد طبيعي للمرحلة الاولى وتزامنها مع الإنهيار الإقتصادي.

أما المرحلة الثانية فهي نتائج حتمية للمرحلة الاولى، لا مفرّ بإدارة جهات خارجية، وربما من نفذ المرحلة الاولى يُمكن تصنيفه “أداة” لهذا الخارج للوصول الى ما نحن عليه.
ما يحدث اليوم هو محاولة خارجية لتدويل التربية والسيطرة عليها تحت مسمى “جهات مانحة” وهذه المرحلة تتطلب قرارا من وزارة التربية بإعلان حال الطوارئ التربوية، اي إنهيارها تماماً وما طلب هذه الجهات لتعليم الطلاب السوريين في فترة ما قبل الظهر كشرط لتقديم المساعدة برخاء، إلا دليلا دامغاً على ما يُخطط له مع علمهم المُسبق أن قدرة إستيعاب القطاع الرسمي ل ١٧٠ الف طالب سوري مع ٣٥٠ الف طالب لبناني في فترة ما قبل الظهر يأتي في خانة التعجيز في الطلب ، وهنا المطلوب هو إنهيار القطاع الرسمي والسيطرة عليه من باب إنقاذه وإدارته.

تكمن خطورة المرحلة الثانية في عمل هذا الخارج على إنهيار الثقة بين الروابط الرسمية (اساسي، ثانوي، مهني) ووزارة التربية، إذ تعمّد على إطلاق الوعود لوزير التربية بالمساعدة الذي يخرج بدوره كل مرة لنقل ال “بشرى” للمعلمين ويطلق وعداً على وعودهم، وفي نهاية المطاف “يكذبون” وتضيع هيبة الوزير والوزارة ككل وتتناثر بقايا الثقة عند كل وعد أُسس على وعدٍ كاذب.

المطلوب اليوم هو إنقاذ التربية من براثن فكّ التدويل وسعاة الداخل الذين يمارسون اليوم سياسة الصمت بعد النهب والزبائنية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى