التجربة الصينية .. حل.*خاص* بوابة بعلبك
كتب د. خالد المقداد.
تعد الأحزاب السياسية المحرك الرئيس للحياة السياسية المعاصرة، وقد أدى النشاط الحزبي المعاصر إلى تبديل العديد من مفاهيم المبادئ المستقرة في فقه القانون الدستوري، فمبدأ الفصل بين السلطات كان يعني فصل الاختصاص التشريعي عن الاختصاص التنفيذي عن الاختصاص القضائي للدولة، بحيث تم توزيع هذه الصلاحيات على أجهزة مستقلة، تتولى كلاً منها الرقابة على السلطة الأخرى.
ومع ظهور الأحزاب السياسية، وسعيها الدائم للوصول إلى السلطة – الهدف الرئيس لها – أصبحت الأحزاب السياسية تتولى تكوين السلطة التشريعية من خلال الانتخابات التشريعية، ويتولى الحزب الفائز في هذه الانتخابات تكوين الحكومة، وبالتالي عدنا للحديث عن تركيز السلطة في يد الحزب الفائز في الانتخابات التشريعية، ولذلك غابت مظاهر الرقابة البرلمانية الحقيقية على الحكومة، تجنباً لإحراجها، لأن هذه الحكومة منبثقة عن الأغلبية البرلمانية الداعمة لها، وبذلك انتقلت الرقابة على الحكومة من يد السلطة التشريعية إلى يد الأحزاب المعارضة التي تتولى إظهار أخطاء الحكومة لإقناع الرأي العام بانتخابها في الدور التشريعي اللاحق، وتعد هذه القواعد ملخص التجربة السياسية الغربية، والتي تحاول الولايات المتحدة الأمريكية نشرها في العالم بما يتلاءم مع سياساتها وإيديولوجياتها.
وفي صعيد مشابه لهذه الأممية، هناك تجربة الحزب الواحد التي تمثلت سابقاً في القواعد التي تبناها الحزب الشيوعي السوفييتي، والتي كانت تقتضي الوصول الى الأممية الشيوعية، بغية صبغ العالم أجمع بفكر وإيديولوجية هذا الحزب.
وفي الجهة المقابلة، هناك تجربة الحزب الشيوعي الصيني، الذي نقل الصين من مرحلة التموج مع هبات الرياح من حرب الافيون والحربين العالميتين، إلى مرحلة المنافسة الاقتصادية والسياسية مع الولايات المتحدة.
لسنا هنا في صدد الحديث عن تفاصيل النهضة التي قادها الحزب الشيوعي الصيني، ولكننا نريد أن نشير إلى التجربة الدولية له، فالولايات المتحدة وحلفائها الغربيين بنوا نظامهم السياسي والاقتصادي وخاضوا الحروب لنشره، وإكراه الدول الأخرى على تطبيق أنظمتهم. وكذلك عمل الحزب الشيوعي السوفيتي أيضاً على نشر الماركسية الدولية.
أما الحزب الشيوعي الصيني، فتبنى قاعدة “قواعد النظام خاصة بالصين، والخير الاقتصادي الصيني حق للبشرية جمعاء”، وهو ما يعد ترجمة لسياسة برنامج الصين “طريق واحد.. حزام واحد” الذي يسعى إلى نشر الخير المشترك للبشريه جمعاء.
ولا يعني ذلك أن الصين تعمل على توزيع الهبات، وإنما يعني أن الصين تحقق تنميتها بما يتشارك مع تنمية البشرية جمعاء، على خلاف الولايات المتحدة التي تعمل على نهب خيرات الشعوب تحقيقاً لمصالحها، وما الحرب على سورية، وتسعير الحرب الأوكرانية إلا أحدث الأمثلة على السياسة الاستعمارية الأمريكية.
إن نجاح الصين في تحقيق نهضتها الاقتصادية والسياسية إنما تحقق من إيمانها بصيننة التجارب، وليس باستيرادها وتطبيقها جاهزة كما هي..
إن تحقيق النهضة العربية إنما يتم بسواعد أبنائها، وبفكر باحثيها، والنظريات التي تناسب واقعنا العربي..
فإذا كانت مواجهة الكيان المؤقت تتطلب اتباع تكتيكات المقاومة التي استطاعت تحقيق التوازن العسكري بل وردع العدوان أيضاً، فليس من الحكمة بشيء المناداة بالتخلي عن أدوات القوة في مواجهة العدو الفاشي..