الرسالة السعودية .الرسالةوحسابات باسيل وجعجع.
عماد مرمل
تتركّز اهتمامات الافرقاء السياسيين على محاولة فك شيفرة الرسالة السعودية «المُلتبسة» التي نقلها السفير وليد البخاري الى الداخل اللبناني بعد عودته من الرياض.
لم تحسم جولة السفير البخاري على بعض القيادات السياسية والدينية الاجتهادات الداخلية حول حقيقة موقف الرياض من الاستحقاق الرئاسي، بحيث استمرت التأويلات لهذا الموقف وذهبت كل جهة الى تفسير الكلام المقتضَب البخاري بعد زياراته، وفق ما يناسبها، خصوصاً ان تصريحاته تعمّدت الغموض الذي ترك الباب مفتوحاً امام الأخذ والرد.
ولعل التفسير الغالب للموقف السعودي الحالي هو ان الرياض لم تعد تمانع في انتخاب سليمان فرنجية اذا كان خيار الأكثرية النيابية ولن تتصرف معه بعدائية مسبقة بل ستعطيه فرصته، لكنها في الوقت نفسه لن تخوض معركته كما تفعل فرنسا، وبالتالي لن تفرض على حلفائها دعمه او تأمين النصاب لجلسة انتخابه.
وبناء عليه، فإن إنجاز عملية انتخاب الرئيس بات يتطلّب واحداً من أمرين، فإمّا ان يتطور الدور الخارجي في الملف الرئاسي نحو الضغط المباشر لفرض تسوية رئاسية بعد انتهاء فترة السماح، وإمّا ان يطرأ تعديل على الاصطفاف الداخلي، خصوصا المسيحي، لكسر المراوحة الراهنة.
وبهذا المعنى، تتجه الانظار الى التيار الوطني الحر والقوات اللبنانية في اعتبارهما مكوّنَين مسيحيين كبيرين ومؤثرين في الشق المحلي من معادلة إنتاج رئيس الجمهورية الماروني.
ويبدو انّ كلّاً من جبران باسيل وسمير جعجع أصبح أمام الاحتمالات الآتية:
- أن يَعدُل أحدهما عن رفضه لفرنجية فيقرر التصويت له أو أقله إكمال النصاب لجلسة وصوله.
- أن يتّفقا على مرشح مشترك يُحرج الداعمين لفرنجية من الثنائي الشيعي الى العاصمة الفرنسية.
- أن يظل كل منهما على تموضعه الراهن، ما يفقدهما زمام المبادرة.
ومن الواضح ان تطوير التقاطع السلبي بين التيار والقوات على معارضة فرنجية الى تقاطع إيجابي على اسم آخر ليس سهلاً حتى إشعار آخر، خصوصاً ان معراب تتحسّس من إعادة الانفتاح على التيار عقب تجربة التفاهم الفاشلة، وكذلك يتفادى التيار قطع آخر الخيوط الرفيعة مع «حزب الله»، ويحرص على اختيار مرشح يطمئن الحزب ولا يستفزّه، ما يحول دون أن يذهب بعيداً في اي تقارب سياسي مع القوات.
ويكشف قيادي رفيع المستوى في التيار ان التفاهم مع «حزب الله» لا يزال في حالة غيبوبة، ربما يصحو منها وربما لا، «ونحن ننتظر ان يحدد الوقت مصيره النهائي».
ويلفت القيادي الى انه لا يمكن اعتبار التحالف مُنتهياً ولا يمكن اعتباره مستمرا، مشددا على أن المشكلة مع «حزب الله» ليست محصورة في الخلاف على ترشيح فرنجية، «إذ ان هذا الخلاف على هوية الرئيس هو نتيجة للمشكلة، امّا سببها فيتصل بتعليق البند الرابع في وثيقة التفاهم بين التيار والحزب حول بناء الدولة».
ويشير القيادي الى انّ الاجدى انتخاب مشروع إصلاحي متكامل الى جانب رئيس الجمهورية، «ولذلك وضع التيار ورقة الاولويات الرئاسية التي تقارب التحديات الاساسية امام اي رئيس مقبل». ويؤكد القيادي البارز في التيار انه لو اتفقت القوى الداخلية على الاولويات السياسية والاقتصادية للمرحلة المقبلة ونمط معالجتها، «لا يعود حينها مهماً من هو شخص رئيس الجمهورية، ما دام انّ تلك القوى الممثلة في الحكومة ومجلس النواب ستنفذ ما يكون قد تم الاتفاق عليه ولن تضع العراقيل لتعطيل الرئيس، لكن للأسف يتركز كل الاهتمام على الاسماء وليس المشروع».
ويتوقف القيادي عند الإفراط في الاتكال على الخارج وتسوياته المعلّبة، «بينما انتخاب العماد عون على سبيل المثال تمّ وفق قاعدة اللبننة وباتفاقات داخلية كانت الأساس في وصوله الى قصر بعبدا».
ويلفت القيادي البرتقالي الى ان عون خاص معركته الرئاسية من دون أن تدعمه فيها لا سفارة فرنسية ولا اميركية ولا سعودية ولا إيرانية، «في حين ينتظر كثر حالياً ما ستقرره العواصم الخارجية ليبنوا على الشيء مقتضاه».