قصة كرم حاتم الطائي
عُرف حاتم الطائي بجوده وكرمه، وكان من الذين اشتُهروا بإكرام الضيف في الجاهليّة وحُسن الضيافة، ومن القصص التي شاعت وأصبحت مثلًا يُضرب في الجوده والكرم، هو ما فعله في سنة قحط وجدب أصابته وقومه. فقد كانت اللّيالي باردة، وأولاده عدي، وعبد الله، وسفانة جياع حوله، فعانى هو وزوجته الوقت الطويل حتى أسكتا الأولاد من الجوع،[١]وبعد ذلك نام الأولاد إلى جانب أبيهم وأمهم، وبدأ حاتم الطائي يقنع زوجته بأن تنام، فاصطنعت النوم أمامه. فلمّا حلّ الظلام، جائتهم جارة لهم تطلب منهم طعاماً لأبنائها الذين منعهم الجوع من النوم، فوعدها بأن يشبع أولادها ويطعمهم في ذات اللّيلة، فقام حاتم الطائي إلى فرس له فذبحها وأشعل النار فشواها وأطعمهم، وبقي جالساً ينظر إليهم فلم يأكل منها، مع أنّه كان أكثرهم حاجة للطعام، فكان الكرم بذلك أحد أهم صفات حاتم الطائي التي اشتهر بها.[١]قصة زواج حاتم الطائي تزوج حاتم الطائي من امرأتين؛ الأولى هي زوجته نوار، والثانية هي ماوية بنت عفزر، التي كانت ملكة ذات شأن، وأرسلت بطانتها ليأتونها بأوسم رجال العرب فجاؤها بحاتم الطائي، وحصلت بينهما قصة يطول ذكرها، وانتهت بزواجه منها بعدما توفيت زوجته نوار.[٢] وكان لحاتم الطائي ثلاثة أبناء؛ وهم عبد الله، وعدي، وسفانة، وكان عبد الله وأخته سفانة أبناء زوجته نوار، وكان عدي ابن زوجته ماوية
وابنته سفانة كانت من أفضل نساء العرب وأجودهنّ وأكثرهنّ فصاحةً، وكانت تنافس أبيها في الكرم والجود، وسيأتي الحديث عنها وعن ابنه عدي أيضاً.[٢] قصة شعر حاتم الطائي كان حاتم الطائي من شعراء الجاهليّة الذين عُرفوا بفروسيّتهم وإجادتهم للشعر، وكان شعره يشتمل على عدّة أمور؛ منها تغنّيه بالكرم والجود، وظهر في شعرِه إنكار الذات، ويُصنف شعره هذا بالتمثيلي؛ حيث إنّه يمثّل الكرم في أشعاره ويصّدق ذلك في أفعاله. وكان يتضمّن شعر حاتم الطائي الحديث عن مكارم الأخلاق وأحسنها، كذّمه للنفاق والرياء، والحثّ على العفة والإحسان، وصلة الأرحام، والعطف على الضعيف.[٢] وكان يتحدّث كذلك عن الإحسان للصديق، والرفق بالحيوانات، كما اشتملت أبياته حثاً على الإيمان بالله -تعالى-، وعن إخراج المال والإنفاق لوجهه -تعالى-، وإيماناً بأنّ قدر الإنسان هو الموت، وأنّ الرزق بيد الله -تعالى-، وأنّ الإنسان محاسبٌ. وكان في شعره بعض المدح؛ كما نَظم مدحاً في بني بدر، فكان شعره بالنسبة للأشعار في الجاهليّة مثالياً، والجدير بالذكر أنّه لم يتبقّى من أشعار حاتم الطائي سوى ديوان صغير.[٢] قصة إسلام عدي بن حاتم الطائي روى عدي بن حاتم الطائي حديثاً طويلاً ذكر فيه تفاصيل إسلامه؛ حيث ذكر كيف كان يبغض رسول الله -صلَّى الله عليه وسلَّم- عند بعثته، حتى قرّر أن يذهب إلى النبيّ -صلَّى الله عليه وسلَّم- ليعلم منه إن كان صادقاً أم لا، فلمّا وصل إلى المدينة المنورة رحّب به النّاس وسرّوا بمجيئه.[٣] ولقي رسول الله -صلَّى الله عليه وسلَّم- فقال له: (يا عَديُّ بنَ حاتمٍ أسلِمْ تسلَمْ)،[٤] فردّ عليه عدي بأنّ له ديناً يدين به، فحاوره رسول الله -صلَّى الله عليه وسلَّم- في ذلك.[٣] ثمّ قال له: (يا عَديُّ بنَ حاتمٍ أسلِمْ تسلَمْ فإنِّي قد أرى أو كما قال رسولُ اللهِ -صلَّى اللهُ عليه وسلَّم- إنَّه ما يمنَعُك أنْ تُسلِمَ خَصاصةٌ تراها مِن حولي وتوشِكُ الظَّعينةُ أنْ ترحَلَ مِن الحِيرةِ بغيرِ جِوارٍ حتَّى تطوفَ بالبيتِ ولَتُفتَحَنَّ علينا كنوزُ كِسرى بنِ هُرْمُزَ ولَيَفيضَنَّ المالُ أو لَيفيضُ حتَّى يُهِمَّ الرَّجُلَ مَن يقبَلُ منه مالَه صدقةً)،[٤] فلمّا سمع عدي منه ذلك آمن به.[٣] وقال عدي بن حاتم بعد روايته للحديث: (فقد رأَيْتُ الظَّعينةَ ترحَلُ مِن الحِيرةِ بغيرِ جِوارٍ حتَّى تطوفَ بالبيتِ وكُنْتُ في أوَّلِ خيلٍ أغارَتْ على المدائنِ على كنوزِ كِسرى بنِ هُرْمُزَ وأحلِفُ باللهِ لَتَجيئَنَّ الثَّالثةُ إنَّه لَقولُ رسولِ اللهِ -صلَّى اللهُ عليه وسلَّم- لي)،[٤] فصّدق رسول الله -صلَّى الله عليه وسلَّم- بما أخبره وصدق عهده مع الله -تعالى-.[٣] قصة إسلام سفانة بنت حاتم الطائي كانت سفانة بنت حاتم الطائي من سبايا قبيلة طيئ التي وقعت في أيدي المسلمين، فتحدّثت إلى رسول الله -صلَّى الله عليه وسلَّم- مراراً وطلبت منه العفو، فأمرها رسول الله -صلَّى الله عليه وسلَّم- أن لا تستعجل الرحيل حتى تجد ثقةً يوصلها لبلادها، حتى قدم وفد من بلادها. فبعد وصول الوفد أرسلها رسول الله -صلَّى الله عليه وسلَّم- معهم، وأعطاها نفقةً وكسوةً وأرسلها إلى أخيها عدي إلى بلاد الشام، ثمّ أسلمت وحسن إسلامها.[٥]