أخبار محلية

“التمويل بالنمو” تقرير وحوار .

خديجة البزال


كان لنا لقاء مع الاستاذ محمد ياسر الصبان .
البحاث في هندسة أمن وسعادة المجتمع والإنسان.‏ ولدى سؤالنا عن عن مشروع التمويل من النمو الاقتصاد
حيث قال( التمويل بالنمو …الإنفاق العام للسلطة السياسية وإداراتها وموظفيها قال أ. الصيام
ان التمويل بالنمو إختصار لفكرة ثورية في علم السياسة والاقتصاد هي: “تمويل الإنفاق العام للسلطة السياسية وإداراتها وموظفيها، بحسب معدلات النمو الاقتصادي التي يحققها المجتمع بتطوير انتاجه وثقافته وبيئته وأخلاقه وحاجاته الطبيعية والصحية والبيئية لتحقيق الأمان والسعادة، وهو ما سينعكس نمواً في القيمة الشرائية للوحدة النقدية (العملة) المستخدمة في المجتمع. أي نمو البركة والنعمة في المال، وهو ما سيحوّل السلطة السياسية الى موظف متفانٍ في خدمة أمان المواطن وحمايته وتحقيق سعادته. وهي فكر متطور بديل عن المدارس الاشتراكية والمدارس الرأسمالية، تعمل بأسلوب متطور في تمويل الإنفاق العام بعيد عن التمويل بالجباية الضريبية المتخلفة والمكلفة أو التمويل بالعجز الذي يسهل البذخ والفساد. وهما وسيلتان ثبت أنهما يولدان المسؤول السياسي البليد، الفاسد والمستبد.

وقد يعتقد المرء أن التضخم المالي والقطاع المصرفي التجاري هما حالة طبيعية ملزمة لاقتصاد المجتمعات بسبب عدم وجود أي مجتمع في العالم لا تتعرض عملته للتضخم المالي، ولا يوجد مجتمع بدون قطاع مصرفي تجاري، وهذا أمر غير سليم وغير ثابت. بينما يعتمد منهاج “التمويل بالنمو” على نمو كثافة الثروة الوطنية التي تنقلها الأوعية النقدية أي نمو القيمة الشرائية للعملة الوطنية وبنفس الوقت لا يسمح لغير السلطة السياسية بتوليد النقود وهو ما تفعله البنوك التجارية حالياً، مع إلغاء تام لنظرية الجباية الضريبية واعتماد السلطة على ضخ النقود كوسيلة ضريبية حصرية، على أن تكون نسبة نمو كثافة الثروة في العملة الوطنية مقياساً لقدرة السلطة السياسية على الإنفاق من ثروة المجتمع، ومقياس نجاح المسؤول في مهمته ليكافأ على النجاح ويحاسب على الفشل، وبذلك تلجم السلطة عن البذخ والتوظيف العشوائي أو التدخل في ملكية أدوات الإنتاج وازحتكارها، فإدارة المجتمع أو سياسة شؤون الناس هي واجب ومسؤولية. والمجتمعات ليست ملكية لفرد أو حزب أو فريق بل إن أهمية أي فرد أو مجموعة تأتي من خلال الخدمة التي تقدمها للإنسان في المجتمع لتحقيق أمانه وسعادته. وتكافأ أو تحاسب على حسب نمو ثروة وخيرات المجتمع من خلال نمو البركة والنعمة والثروة في العملة الوطنية.

والحقيقة أن كل البشرية اليوم تتطلع الى إنجازات الحضارات السالفة بإعجاب معتقدة أن هذه المنجزات من العجائب وليست من صنع إنسان، خاصة بعد التطور العلمي الكبير الذي جاء بعد عصر النهضة وهو تطور علمي هائل ترافق مع انتشار البؤس وتراجع منسوب السعادة وحضارة عمارة الأرض، إلا أن هذا التراجع الحضاري الملفت له سبب فيزيائي يتعلق بالنظام النقدي التضخمي الذي ولد أواسط القرن السادس عشر وولّد عصر النهضة كما ولّد بنفس الوقت الفساد السياسي والإداري والأخلاقي. فتمكنت السلطات السياسية والنقدية من استخدام موارد اقتصادية هائلة تستعبد بواسطتها  الإنسان وتروضه فيخضع للفقر والبؤس والفساد والظلم وتحوّل المواطنون الى قطعان أغنام ترضى بما هو مقسوم لها من القيصر السلطان وأحزابه وزبانيته.

ولمعرفة السبب الحقيقي للتخلف الحضاري الحالي المتزامن مع التطور العلمي الكبير لا بد من فهم بعض الحقائق المغيبة عن عامة الناس، ومنها:

1 – إن المال مادة ككل المواد المعروفة في الطبيعة، ولها كتلة وحجم وكثافة. وأن كل من يستطيع تكبير الحجم عن طريق توليد النقود يمكنه فرض ضريبة غير منظورة على الناس دون أي كلفة تذكر.

2 – إن كل شعوب العالم تبحث عن المادة التي يمكنها أن تكون الملاذ الآمن للثروة، بينما كل العملات العالمية تتسرب منها الثروة مثل تعبئة الماء بالسلة.

3 – إن رأي جون كينز بضخ النقود وتسييل الدورة المالية في جسم المجتمع رأي سليم. وهو كتسييل الدورة الدموية في جسم الإنسان، وهذا ما يحميه من التجلطات وافلاس المؤسسات الانتاجية. وأي تفكير بالإصلاح الاقتصادي عن طريق لجم ضخ السيولة سيتسبب بتفاقم الأزمة وبإفلاس المؤسسات المنتجة وتراجع معدلات النمو، وهذا ما أعطى براءة ذمة للفكر الكينزي بعد أزمة الكساد العالمي سنة 1929.

4 – إن رأي ميلتون فريدمان بكيفية تصرف البشر عند الاستهلاك وكيف ينفقون إذا: دفع الفرد من جيبه لنفسه، أو دفع من جيبه لغيره، أو دفع من جيب غيره لغيره أو دفع من جيب غيره لنفسه، هي نظرية فيزيائية صحيحة 100% . ولذلك فإن إصلاح الموظف في السلطة (السياسي) يبدأ بجعله ينفق من مكتسباته لإرضاء صاحب العمل (المواطن) وحمايته وتطوير إنتاجه ليرضى عن إداء موظفيه.

5 – إن رأي آدم سميث بوجوب تخفيف أعباء المستثمرين وإعفائهم من الجبايات ومن ضغوطات السلطة، واعتبار أن أفضل الإنفاق العام هو أقله هو رأي سليم، وهو الذي يولد اليد الخفية التي تنهض بالمجتمعات.

6 – إن آراء اصحاب هذه المدارس الاقتصادية تفتقد جانباً مهماً يتعلق بطبيعة أهم مادة في الاقتصاد والسياسة وفي حياة البشر وهي “المال” . وأن من يستطيع توليد النقود يتمكن من فرض ضريبة غير منظورة على كل المنتجين والمدخرين والموظفين. وهذا موضوع حيوي جداً ولم يذكره أحد إلا الرسالات السماوية التي نبهت بشدة الى مسألة وجوب فهم فيزياء المال وخطورة التضخم المالي وتسرب النعمة والبركة من المال، ووجوب نمو الثروة التي تحملها الأوعية النقدية وبالتالي نمو القيمة الشرائية للمال كمادة لها وزن وحجم وكثافة.

المرتكزات الأساسية لمشروع “التمويل بالنمو”

يرتكز المشروع على محاكاة جسم الانسان كأنجح خلية حية في الكون. ومكوناته هي نفس مكونات جسم المجتمع بحيث يتشابه الدماغ مع السلطة السياسية وأجهزة الجسم تمثل قطاعات الإنتاج والدورة الدموية كمثل الدورة المالية، ويستخدم مشروع التمويل بالنمو الدورة المالية لتوليد الجهاز العصبي بين السلطة السياسية وباقي الأطراف، كما يستخدم الخيرات التي تحملها النقود لتوليد جهاز مناعة ضد الفساد كبديل عن الرقابة المكلفة جداً والتي تتمكن جرثومة الفساد من اكتساب المناعة ضدها. فيتم تمويل الانفاق العام الحكومي بحسب نمو الانتاج الذي يزيد الطلب على العملة الوطنية فتنمو قوتها الشرائية. وبالتالي يكون ضخ النقود بنسبة لا تتجاوز 20% من نمو القيمة السعرية للعملة الوطنية هو الضريبة الحصرية المسموح بها للإنفاق العام المتوازن مع معدلات النمو الذي تحققه الإدارة السياسية إذا عملت بنشاط وكفاءة وأخلاق، وهو نفس ما تفعله الدورة الدموية في الجسم مع الدماغ عندما تنقل له جزء من الخيرات والاوكسجين والاملاح والفيتامينات والمعادن والمضادات الحيوية..

1.               يعتمد مشروع التمويل بالنمو على حقيقة أن العقل البشري هو أثمن وأهم ثروة في الكون، وهو أي العقل أثمن بما لا يقاس من كل الثروات الطبيعية. وأن تفعيل العقل الجماعي وتحفيزه مادياً ومعنوياً والدمج بين مصلحة الفرد والمصلحة العامة هو أفضل وسيلة لتحقيق النمو والسعادة والعدالة للمجتمع ككل.

2.               السلطة المطلقة فساد مطلق بالنسبة لمشروع التمويل بالنمو لذلك يجب إخراج السلطة السياسية نهائياً من القدرة على الجـبايـة الضريـبـيـة العشوائية بكافة أشكالها المباشرة وغير المباشرة والتصاعدية والقيمة المضافة والرسوم على المعاملات والجمارك، واعتماد إصدار النقد كضريبة حصرية على أن لا يتجاوز الإصدار نسبة 20 بالمئة من معدل نمو القيمة الشرائية للعملة الوطنية. واعتبار التضخم المالي دليل على فساد السلطة السياسية وإنفاقها على البذخ والفساد وسلب خيرات الناس.

3.               يكون الإنفاق العام موجهاً لرعاية المجتمع صحياً واجتماعياً وتنظيمياً وللدفاع والعدالة والتعليم ودعم والتنمية وتطوير الإنتاج بكافة أشكاله، ولا يحق للسلطة السياسية التعدي على قطاعات الإنتاج أو احتكاره أو ملكيته أو فرض إتاوات عليه بأي شكل.

4.               إعـتـمـاد نظرية فيزياء العرض والطلب، وتحرير سعر صرف النقد من التثبيت القسري. والخروج من تخلف الإحتياط الإلزامي أو مجلس العملات أو إدخار أي عملة أو معدن غير العملة الوطنية. لأن القيمة الشرائية للعملة الوطنية تنمو من خلال نمو قطاعات الانتاج في مختلف الميادين، كما تنمو إذا كانت السلطة خادمة للناس والقضاء عادل والمربي معلم كفوء والصحة العامة ممتازة والبيئة نظيفة منعشة والأخلاق العامة جيدة والعسكري ورجل الأمن يقوم بواجبه، وعليه فإن توازن ضخ النقود مع معدل النمو وارتفاع الطلب على العملة الوطنية سيحقق السعادة والرفاهية والأمان لكل الناس وبنفس الوقت تنمو البركة والقيمة الشرائية للعملة الوطنية.

5.               ضبط أعمال المصارف التجـارية. ومنعها من توليد النقد بكافة أشكاله وخاصة النقد الوهمي الدفتري بواسطة مضاعف الإئتمان، فتوليد النقد هو ضريبة مخفية وسهلة ولا يحق لغير إدارة المجتمع فرضها على الناس.

6.               دعم قطاعات الإنتاج بقروض ميسرة طويلة الأمد وبدون فوائد، وإلغاء مسؤوليتها عن الضمان الاجتماعي والصحي ونهاية الخدمة، وتحويل كلفته ليكون الضمان الإجتماعي والصحي وضمان الشيخوخة والتأمينات بكافة أشكالها جزءاً من الإنفاق العام الحكومي لأن تأمين المجتمع هو أحد أهم واجبات السلطة وهو السبب الذي يعطيها الحق بالحصول ضريبة ضخ النقود.

7.               ترشيق الإدارة وإخراجها من البيرقراطية وإعاقة الإنتاج، فالسلطة مسؤولية وطنية وليست شركة للتوظيف وتوليد البطالة المقنعة.

8.               تطوير الإستراتيجية الدفاعية والأمن عن طريق إخراجه من خانة التوظيف لأنه واجب وطني مفروض على كافة أفراد المجتمع، ولذلك يجب أن يكون كل الشباب مدرباً على مواجهة العدو إذا لزم الأمر وكله منتج أيام السلم.

9.               مجانية التعليم والاستشفاء أولوية في منهاج التمويل بالنمو. وإعتماد أسلوب جديد بعيد عن توليد الوسطاء بين الأستاذ المربي وطالب العلم كما بين الطبيب والمريض، وذلك بمساعدة الأهل نقدياً بكلفة تعليم أبنائهم أو كلفة استشفائهم، وبنفس الوقت تمكين المربي المعلم والطبيب أن يكون مشاركاً مساهماً في المؤسسة التي يعمل فيها.

10.         إصلاح القضاء وتحقيق العدالة بديناميكية وسرعة وبشكل مجاني، وإلغاء الحوافز المادية للقضاة الناتجة عن المخالفات أو الرسوم، وتحويلها الى حوافز ناتجة عن تحقيق العدل وتخفيف أعباء الباحث عن الحق. ويكون الدخل المالي للقضاة مرتبط بنمو الثروة الوطنية بحيث ينمو الدخل أو ينخفض بحسب نمو كمية ضخ السيولة ونمو القيمة الشرائية للعملة الوطنية، وهو ما يتأثر بتحقق العدالة في المجتمع.

11.         مكافأة السلطة أو محاسبتها على حسب قياس النمو والعدالة والتنظيم والأمن الذي تحققه للمجتمع، فعندما ترتفع معدلات النمو يرتفع معدل الانفاق على التربية والقضاء والدفاع والأمن والتأمينات والبيئة، وبذلك يكون المجتمع كله خلية حية مرتبطة ببعضها في السراء والضراء مما يجبر كل أجهزتها العمل على حماية كل جزء منها تماماً كما تتداعى أعضاء الجسم لحماية ورعاية أي جزء مريض فترتفع حرارة كل الجسم لعلاج أي عضو مريض او مصاب.

التمويل بالنمو والرسالات السماوية

إن جذور مشروع “التمويل بالنمو” نابعة من الرسالات السماوية التي وضعت أسس سعادة الإنسان وهندسة أمان المجتمعات لنشر التراحم والمحبة والرفاهية بين البشر من خلال فيزياء المال وتحريم تضخمه أي (ربا المال)، كما فرضت أن يكون الحاكم خادماً للناس. وأشارت الى أن المال مكون من عنصرين، أحدهما النقود وهو من صناعة القيصر أو الحاكم، والعنصر الثاني هو المادة التي تحملها النقود أي الثروة أو القيمة الشرائية أي البركة والنعمة وهي من عند الله ويجب أن تزكو وتنمو لأن فيها إكسير سعادة الإنسان. كما أن الرسالات السماوية منعت الجباية وفرضت على الحاكم الخادم أن يكون منتجاً يكافأ إذا عمل واجبة وتمكن من تنمية الثروة ويعاقب إذا كان بليداً أو فاسداً ويدفع ثمن فساده وبلادته.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى