خياران أمام نتنياهو.. صفقة بايدن أم مصلحة إسرائيل؟
ذكرت صحيفة “فاينشال تايمز” البريطانية أن “أثناء زيارته لإسرائيل بعد هجمات حماس في 7 تشرين الأول، أعلن الرئيس الأميركي جو بايدن أمام رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو دعمه الكامل لإسرائيل. وجادل النقاد بأن هذا كان بمثابة “شيك على بياض” خطير، لكن كبار المسؤولين الأميركيين أصروا على أن احتضان بايدن سيسمح بتقديم المشورة لنتنياهو وتشكيل الحملة العسكرية الإسرائيلية. هذا الأمر ساهم في تأخير الغزو البري الإسرائيلي الأولي لغزة واحتوى تداعيات إقليمية كبيرة، وقد جنب لبنان حتى الآن حملة عسكرية إسرائيلية واسعة النطاق، لكن هذا لا يخفف من معاناة الفلسطينيين في غزة وعائلات الرهائن الإسرائيليين المتبقين”.
وبحسب الصحيفة، “في الأشهر الثمانية التي تلت ذلك، حاول بايدن تملق نتنياهو وإقناعه والضغط عليه للمشاركة في المناقشات حول “اليوم التالي”. فقام البيت الأبيض بتحديد مواعيد نهائية وحتى خطوطًا حمراء، لكنها تلاشت كلها. ويقول منتقدو بايدن من اليسار إنه لم يستخدم قط نفوذاً حقيقياً، أما اليمين فانتقده لأنه لم يمنع ولو شحنة واحدة من الأسلحة لإسرائيل. ويوم الجمعة، استخدم بايدن أخيرًا الجزء الآخر من رأس المال السياسي الذي كان يمتلكه عندما ذهب إلى إسرائيل في تشرين الأول، حيث لاقى موافقة كبيرة من الإسرائيليين الذين يشعرون بالامتنان لدعمه. فقد قام الرئيس الأميركي بتجاوز نتنياهو وخاطب الشعب الإسرائيلي مباشرة قائلاً: “إلى شعب إسرائيل، اسمحوا لي أن أقول هذا، وأطلب منكم التراجع خطوة إلى الوراء والتفكير في ما سيحدث إذا ضاعت هذه اللحظة. لا يمكننا أن نخسرها”. وأضاف: “الحرب إلى أجل غير مسمى سعياً وراء فكرة غير محددة للنصر الكامل لن تؤدي إلا إلى تعثر إسرائيل في غزة”.
وتابعت الصحيفة، “حذر بايدن من زيادة عزلة إسرائيل في العالم، والأهم من ذلك، أنه من خلال الحديث عن الهدوء المحتمل على الحدود مع لبنان واحتمال التطبيع مع المملكة العربية السعودية، فقد قدم طريقًا إيجابيًا للمضي قدمًا في بلد أصبح مزاجه مظلمًا بشكل متزايد وسط الانجراف الاستراتيجي والضغوط الخارجية والانقسامات الداخلية. واحتج ما يقدر بنحو 100 ألف إسرائيلي على الأقل في عطلة نهاية الأسبوع في تل أبيب، ورفع العديد منهم لافتات كتب عليها: “وافق على الصفقة” و”بايدن أنقذ الرهائن من نتنياهو”. وكان الإحباط من نتنياهو واضحا في كيفية تخطيط الإدارة الأميركية لما أعقب بيان بايدن، حتى أنه كان هناك بيان مشترك غير عادي مع مصر وقطر يدعو كلاً من حماس وإسرائيل إلى وضع اللمسات الأخيرة على الصفقة”.
وأضافت الصحيفة، “الأهم من ذلك هو أن وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن اتصل بالوزراء في حكومة نتنياهو الحربية، يوآفغالانت وبيني غانتس، وكاد أن يقترح أمراً واقعاً من خلال “الإشادة باستعداد إسرائيل لإبرام صفقة”. وتركز الكثير من التعليقات على ما إذا كان هذا بالفعل اقتراحًا إسرائيليًا كما ذكر بايدن، لكنها نقطة خلافية، ولا تزال العديد من التفاصيل بحاجة إلى العمل، بما في ذلك التفاصيل الشائكة: كيفية الانتقال من المرحلة الأولى لوقف إطلاق النار إلى وقف دائم للأعمال العدائية. وهدد وزراء نتنياهو اليمينيون المتطرفون بالاستقالة. ورفض وزير آخر الصفقة وقال: “لا استسلام، لا للضغوط الأميركية، ولا لأي شيء”.
ورأت الصحيفة أنه “سيتعين على نتنياهو الاختيار بين رفض صفقة الرئيس الأميركي لإنقاذ ائتلافه اليميني أو قبول الصفقة من أجل الرهائن ومصالح بلاده الاستراتيجية على المدى الطويل. يمكنه نظريًا البقاء سياسيًا من خلال تشكيل ائتلاف جديد واسع النطاق، ويمكنه شراء الوقت من خلال قبول المرحلة الأولى والتراجع عن المرحلة الثانية، وكذلك الأمر بالنسبة لحماس. وتعتقد واشنطن أن نتنياهو سيجد طريقة لقبول الصفقة. ويعتمد الكثير الآن على رد فعل يحيى السنوار، زعيم حماس في غزة”.
وختمت الصحيفة، “إن اقتراح بايدن هو الخيار الأخير لإيجاد طريقة للخروج من نفق الحرب المظلم”.
المصدر: ✳️ فاينشال تايمز: ✳️