أخبار محلية

قبسات من نور زيارةالإمام الحسين(ع)

بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاة والسلام علی المبعوث رحمةللعالمين سيدنا وشفيع ذنوبنا وحبيب قلوبنا محمد وعای آله الطيبين الطاهرين..
السلام علی الحسين وعلی علي بن الحسين وعلی أولاد الحسين وعلی أصحاب الحسين….
بسم الله نبدأ….
مما لا شك فيه أن الثورة الحسينية تصدرت علی مر الزمن كل الثورات التي قام بها الأنبياء والمرسلين والأولياء الصالحين، ولعل هذا الأمر بين واضح لا يحتاج للتوضيح ويدل عليه بكاء الناس علی سيد الشهداء ع وأهل بيته ع وأخذهم العبر من كربلاء الحسين ع حتی يومنا هذا ، فعلی الرغم مما جری علی أنبياء الله جميعا وأوصيائهم وأولياء الله الصالحين إلا أن ما جری في كربلاء تصدر كل ما جری في السابق لدرجة أن لسان الطفل يلهج بذكر أبي عبدالله ع ومصابه منذ نعومة أظافره…..
ولن نطيل الكلام في ما هو واضح للأنام ولكن الكلام في ما يتعلق بأحداث واقعة الطف وما سبقها وما تلاها من أمور لم نجد الا القلة القليلة من الخطباء الحسنيين يحدثون الناس عنها، لا لعدم معرفتهم بها ، بل لأن الأعم الأغلب من الناس يركز في حضوره في مأتم أي عبدالله ع علی الناحية العاطفية أكثر منها العقلية والعقدية، وربما السبب في ذلك هو الانشداد الروحي والعشق الذي لا ينضب لسيد الشهداء ع وأهل بيته الطاهرين.
ولكن ما ينبغي الالتفات اليه هو أن الواجب الملقی علی أعناقنا ليس فقط الحب بل تبليغ هذه الرسالة الخالدة المتمثلة بكربلاء لكافة ارجاء البسيطة لينعم الِخلق جميعا بهذه النعمة عنيت بها حب الحسين ع و معرفة حقه فقد قال احدهم لامامنا الصادق ع :” انهم يرون ان من زار قبر الحسين عليه السلام كانت له حجة وعمرة قال من زاره والله عارفا بحقه غفر الله له ما تقدم من ذنبه وما تأخر.”
وهذا غيض من فيض..،
ويبقی السؤال :
كيف لنا من خلال عاشوراء معرفة حق الامام الحسين ع….
نحن في حقيقة الامر لن نستطيع معرفته الا بما اتيح لنا، فبقدر اخلاص افعالنا واقوالنا للنهج الحسيني والثورة المباركة بقدر ما يمكن أن نقف علی اعتاب معرفته حيث إن شهادته عليه السلام كانت عين الفتح لبقاء دين الله تعالی وانتشاره، وعادة الامر أن الشهداء يمهدون بدمائهم الزاكية للفتح، الا اننا ههنا أمام شهيد هو عين الفتح ومصرعه هو عين الانتصار والغلبة ، فاتحدت عاشوراء بالاسلام المحمدي الاصيل اتحادا لا انفكاك له، وصار الاسلام محمدي الوجود وحسيني البقاء …..
لذلك ولنعرف حق الإمام ع يجب أن نعرفه من آل الحسين ع وها هو مولانا الامام علي الرضا- عليه السلام يقول-:”من زار الحسين بن علي عارفاً بحقه كان من محدثي الله فوق عرشه ثم قرأ – عليه السلام- “إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَنَهَرٍ{٥٤} فِي مَقْعَدِ صِدْقٍ عِندَ مَلِيكٍ مُّقْتَدِرٍ{٥٥}””(سورة القمر٥٤-٥٥).
فلنتعرف منه على بعض مقامات سيد الشهداء الحسين – صلوات الله عليه-.
الحديث كما لاحظتم هو في فضل زيارة السبط الشهيد وأحد أعظم آثارها…ونصه عام لا يخصص هذه الزيارة في مناسبة معينة ولا بكيفية معينة وكذلك لا يخصصها أن تكون من قريب أي بزيارة المشهد الحسيني، فآثارها متحققة لمن زار الحسين- عليه السلام- في إحدى زياراته المخصوصة أو من قريب أو من بعيد.
نعم ثمة شرطٌ أساسي ووحيد ينبغي توفره في هذه الزيارة لكي يتحقق الأثر الخاص بها المذكور في هذا الحديث الشريف، أي أن يصبح الزائر من محدثي الله عزوجل فوق عرشه.
إن المستفاد من النصوص الشريفة أن للحسين عليه السلام حقين على الناس كافة، الأول عام بأعتباره إمام معصوم ومن خلفاء الرسول الأعظم- صلى الله عليه وآله- ومن أولي الأمر الإلهي فله عليهم حق الطاعة والإتباع والوفاء بعهد زيارته، وغير ذلك من الحقوق المذكورة في الكتب العقائدية للإمام وولي الأمر المعصوم على الأمة.
هذا هو الحق العام لسيد الشهداء- عليه السلام- على الأمة، أما الحق الثاني فهو الحق الخاص المنبثق من خصوصية ما قام به – سلام الله عليه- من أجل الأمة في واقعة عاشوراء الملحمية.
ففي هذه الملحمة الفدائية العظمى، ضحى الإمام الحسين- عليه السلام- بكل وجوده وبأولاده وإخوانه ورضي بسبي عياله، وكل ذلك من أجل حفظ الإسلام المحمدي الأصيل لاجيال المسلمين.
وهذا يعني أن للحسين – عليه السلام- حق الحياة المعنوية على الناس الى يوم القيامة لأن الحياة المعنوية الكريمة إنما تتحقق في ظل معرفة الدين الحق والعمل به وهذا ما حفظه لنا سيد الشهداء بملحمته التضحوية الخالدة- سلام الله عليه -.
إذن فمن زار الحسين وهو عارف مقر بحقه – عليه السلام- بكلا قسميه العام والخاص حصل على الأثر الذي يذكره الإمام الرضا – عليه السلام- له وهو أن يكون من محدثي الله عزوجل فوق عرشه؟ فما معنى ذلك؟

إن الحسين ع جمرة لن تنطفئ في قلوب المؤمنين وحرارة ستستمر في وجدان كل مؤمن، الامام الحسين ثار لتترسخ قيم السماء ومن اجل ان يثبت دين محمد بن عبد الله صلى الله عليه واله والذي حصل في كربلاء كان ظاهرة نادرة في تاريخ الثورات وفي تاريخ النهضات وفي تاريخ الاصلاح وبالتالي بهذه الحالة المأساوية التي حصلت ومن خلال اصرار ابي الاحرار على هذه الشهادة المباركة وفي صحراء الطف لذلك فإن هناك جملة من المعاني تجسدت من اجل ان نواسي ابا عبد الله، نواسيه بدمعتنا، نواسيه بأخلاقنا التي نستشرفها من اخلاق وقيم هذه الثورة. الحقيقة انما نواسي ابا عبد الله لأن هذه المصيبة عمت على الدنيا وبكى لها اهل السماء قبل اهل الارض وبالتالي هذه المصيبة والفاجعة لابد ان يتألم لها المؤمن الذي يتقي الله والذي يعرف من هو الحسين ريحانة رسول الله وهو احد السبطين وهو الشهيد والذي نحر في كربلاء وكثير من الروايات المؤكدة التي جاءت عن رسول الله صلى الله عليه واله كانت تنبأ بهذه المقتلة الشريفة وكذلك الائمة سلام الله عليهم من بعد ابي عبد الله كانوا يواسون ويحييون ذكرى ومجالس ابي الاحرار وبالتالي هذا هو صورة من صور المواساة الى جانب ذلك لابد ان تكون هذه المواساة واعية منطلقة من فهمنا لمضمون هذه الثورة وهذه النهضة الحسينية، هذه النهضة رسخت قيم التضحية والفداء والاخلاص والصدق، الشجاعة، الصداقة، التصدي للظالم هذه القيم وغيرها اعتقد انها المبدئية، هذه القيم لابد ان نتمثلها حينما نواسي ابا عبد الله بدموعنا، بعواطفنا، بأفكارنا، بأحياءنا لهذه المناسبات هذا التأسي لابد ان يفرض على اتباع الحسين عليه السلام وعلى محبيه ان يتمثلوا اخلاقيته وقيمه وصبره وشجاعته وصدقه وبالتالي فأن الامام الحسين عليه السلام هو مدرسة القيم ومدرسة التضحية والذي يريد ان يستفيد من ابي عبد الله من يكن هذا الانسان مصلحاً، فقيهاً، استاذاً، رائداً من الرواد في العمل السياسي او الاجتماعي يجد انه يستطيع ان يأخذ من معين هذه الثورة القيم التي ينتفع بها وينطلق بها لبناء ذاته وامته وبناء هذا التحرك الذي هو ينشده فالامام الحسين ثورة معطاء وثورة القيم، قيم الفضيلة على قيم الرذيلة وحقاً انما نقول ان الدم انتصر على السيف، نعم ان فاجعة كربلاء جسدت لنا كيف ان قيم المظلوم الشهيد ابي الاحرار الحسين الذي ذهب شهيداً في صحراء كربلاء كيف ان هذه القيم التي حملها انتصرت في وقتها وفيما بعد على الرذيلة التي كان يحملها يزيد واتباع يزيد وبالتالي فلابد ان نتأسى بهذه القيم التي فجرها ابو الاحرار سلام الله عليه وعلى من استشهد بين يديه ورحمة الله وبركاته.
وبالعودةالی حديث مولانا الإمام الرضا – عليه السلام- (من زار الحسين بن علي عارفاً بحقه كان من محدثي الله فوق عرشه، ثم قرأ عليه السلام قوله تعالى “إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَنَهَرٍ{٥٤} فِي مَقْعَدِ صِدْقٍ عِندَ مَلِيكٍ مُّقْتَدِرٍ{٥٥}””.
وقد اتضح أن المستفاد من هذا الحديث الشريف أن كل من زار الحسين عارفاً بحقه- عليه السلام- حصل له هذا الأثر المذكور دون تحديد لأن تكون الزيارة من قريب أي في الحرم الحسيني المبارك أو من بعيد بالتوجه القلبي إليه…نعم الشرط الوحيد هو أن يزوره.
وهو عارف مقرٌ بحقه على الإمة كامام معصوم واجب الطاعة وكذلك كسيد الشهداء الذي ضحى بأعظم التضحيات لحفظ الإسلام النقي فله- عليه السلام- على الأمة حق الحياة المعنوية التي لا تتحقق للإنسان إلا في ظل الدين الحق الذي حفظه له الحسين- عليه السلام-.
فاذا تحقق هذا الشرط كان الزائر من محدثي الله فوق عرشه، وهذا التعبير يشتمل على معان عدة أهمها إشارة الى فوز الزائر بالمراتب العالية من قرب الله عزوجل معنوياً بالطبع كما هو واضح من تعبير( فوق عرشه)…
ومن مصاديق هذا الأثر هو الإشارة الى قوة الارتباط بالله عزوجل وحصوله على نفحات من (العلم اللدني) الذي يقذفه الله عزوجل في قلوب من شاء من عباده المؤمنين كما ورد في الأحاديث الشريفة.
وهذا المعنى مستفادٌ من استخدام الإمام الرضا- عليه السلام- لتعبير (كان من محدثي الله عزوجل).
وهذه الآثار حاصلة في الدنيا قبل الأثر الأخروي وهو ظهور القرب المعنوي من الله عزوجل كما أشار لذلك الإمام بتلاوته للنص القرآني في نهاية حديثه- عليه السلام-.

والسلام عليكم جميعا
تقبل الله عزاءنا وعزاءكم وجعلنا واياكم من المقرين العارفين بحق الامام الحسين ع

زينب حسن البزال
1محرم1445 هجرية

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى