الإمام الصدر الغائب الحاضر
بقلم: أ.حسن مرتضى.
تقف الكلمات حائرة عندما يكون الحديث عن الإمام الرؤيوي المغيب السيد موسى الصدر، وكيف لا تحتار وهو الذي شكل في حضوره وغيابه حالة فريدة من تجسيد القيم الإنسانية وليس الدينية، فكان في كل حركته قمة مضافة على التجربة الإنسانية، حيث تتركز منهجية الإمام الصدر في أن يتولى الناس تحديد حاجاتهم الحياتية ويتمكنوا من حلّها بأنفسهم. والناس بالنسبة إليه هم المرأة والرجل، وهذه كانت إضافة جوهرية في الأرياف والحواضر الشرقية، حيث ينتج عن هذه المشاركة حالة من الإحساس بالرضى والثقة بالنفس، وهي الشرط الضروري للثقة بالآخرين تمهيدًا للعمل معهم، ويصح هذا المنطق والمنهج على مستوى العائلة الصغرى والمجتمع ككل، كما على مستوى العلاقات بين الطوائف والدول والشعوب، وكان خيار الإمام الصدر أن يكون لبنان هو المصداق على صحّة أطروحته في تحقيق العدالة الاقتصادية والاجتماعية والسياسية، هو الحلم المستدام التحقق.
قد يظن البعض أن الإمام الصدر كان عراب استنهاض الشيعة في لبنان فيما الواقع أنه عرّاب استنهاض المحرومين لأية طائفة انتموا، هذا و تتركز رؤية الإمام الصدر على تعزيز الكرامة الإنسانية وخدمة الإنسان تقربًا إلى الله تعالى، لهذا بذل جهودًا جبارة للتقريب بين اللبنانيين على اختلاف انتماءاتهم السياسية والطائفية ومعتقداتهم الدينية ؛ كما كانت مسيرته زاخرة بمواقف الدفاع عن الضعفاء، وهو ما دفعه لإنشاء عشرات المعاهد والهيئات والجمعيات لخدمتهم وخدمة المجتمع بكل تلاوينه.
والجدير ذكره ان الإمام الصدر وظّف الأسس المنهجية العلمية في خدمة العمل الاجتماعي، فقد جال الإمام الصدر لبنان طولاً وعرضًا وحمَلَ هموم الوطن والمنطقة إلى معظم العواصم. فحالة الاستنهاض الاجتماعي التي حمل لواءها والمراكز والهيئات والتنظيمات التي أطلقها، قد أحدثت انعطافًا اجتماعيًا وتاريخيًا ما تزال تداعياته وتجلياته تتردد وتتفاعل يومًا بعد يوم.
هذا غيض من فيض فكر ونهج الإمام الصدر التي تحل ذكرى تغيبه الـــ46، والمقاومة التي اطلق شرارتها في وجه الشر المطلق اسرائيل تحقق الانتصار تلو الانتصار فقد انبت زرع الامام الصدر رجال صدقوا فيما عاهدوا الله عليه ، وهو تحرير الانسان والارض، كما لو أنه حاضر ولم يغيب.