أخبار محلية

.عن مجزرة البايجرات ( pagers ) ومجتمع المقاومة:


كتب: د.عبدالله بدوي

إرادة لا تنكسر من كربلاء إلى واقعنا.
في ظل الأزمات والصراعات التي تعصف بالمنطقة، يظهر مجتمع المقاومة مرة اخرى كرمز حي للصمود والثبات الذي لا يعرف الانكسار. هذا المجتمع الذي عانى وما زال يعاني من الاعتداءات الصهيونية، يجسد إرادةً لا تقهر وعزيمةً تتجلى في وجه الألم والموت.
في خضم المعاناة، تتألق قصص الجرحى والمقاومين لتبرز كحكايات عن شجاعة الإنسان وقدرته على تحويل الألم إلى قوة دافعة نحو الحرية والكرامة.
عند زيارة المستشفيات التي استقبلت ضحايا الجريمة الصهيونية على لبنان والتي عرفت بجريمة( pagers )، لا يمكن للمرء إلا أن يتأثر بالمشاهد الإنسانية المعبرة، حيث اكتظت اقسام الطوارئ والمختبرات في المستشفيات بالمتبرعين بالدم تعلوها أصوات الجرحى المفعمة بالأمل.
على الرغم من جراحهم، تحدث هؤلاء الأبطال بروح من التحدي والتفاؤل. أحدهم يقول: “سهلة، كم يوم وبرجع للشغل”، وآخر يواجه فقدان البصر بعزم قائلاً: “عين واحدة تكفي، وأصبعان في اليد الأخرى!”، في إشارة إلى استعدادهم لتحمل أي ألم في سبيل الحفاظ على كرامتهم وأرضهم. هؤلاء الجرحى ليسوا مجرد ضحايا، بل هم رمز للعزيمة والشجاعة، حيث يستمدون قوتهم من إيمانهم بعدالة قضيتهم.
هذه الروح تعيدنا إلى مشاهد كربلاء الخالدة، حيث وقف علي الأكبر، ابن الإمام الحسين، أمام الموت بشجاعة مطلقة مخاطباً والده: “ألسنا على الحق؟ إذن لا نبالي أوقعنا على الموت أم وقع الموت علينا.” تلك الكلمات، التي تلخص فلسفة المقاومة، تعبّر عن حقيقة أنّ من يقف على الحق لا يخشى الموت، بل يواجهه بثبات وإيمان عميق.
كيف لا وهم ابناء مدرسة الإمام علي بن أبي طالب القائل: “موتكم في حياتكم مقهورين، وحياتكم في موتكم قاهرين.” هذه العبارة تبرز فلسفة أخرى في مواجهة الظلم، حيث يعتبر الإمام أن الحياة بلا كرامة وحرية هي موت، بينما الموت في سبيل الحق هو الحياة الحقيقية. وهذا ما يجسده أبناء المقاومة في مواجهتهم للاحتلال والظلم.
في مجتمع المقاومة، تتجلى تضحيات الأمهات بشكل ملهم أيضاً من خلال التأسي بالسيدة زينب بنت علي.
إحدى الأمهات تقف بجانب ابنها الجريح، تغالب دموعها، فيواسيها ابنها بكلمات قوية: “لا تبكي يا أمي، الحسين تقطع قدام السيدة زينب، وما رأيت إلا جميلاً.” هذه الكلمات تذكّرنا بصمود السيدة زينب بعد استشهاد أهلها في كربلاء، عندما قالت للطاغية: “كيد كيدك، واسعى سعيك، وناصب جهدك، فوالله لن تمحو ذكرنا.” هذه الروح المقاومة، التي تستمد قوتها من الإيمان والثبات على الحق، تظل شاهدة على أن الظلم مهما طال، لا يمكنه محو إرادة الأحرار أو طمس ذكرهم.
أن مجتمع تتصدر قياداته وابناؤها مشهد الشهادة والجراح لجدير بالنصر حيث تستمر تضحيات القيادات في هذا المجتمع، وعلى منهج الأمينين السيدين عباس الموسوي وحسن نصرالله الذي قال نحن في المقاومة لا ندخر ابناءنا للمستقبل سار قادة المقاومة، بالأمس قدم الحاج محمد رعد ولده واليوم قدم الحاج علي عمار وحسن فضل الله، وآخرين ابنائهم للوطن، مؤكدين أن المقاومة ليست مجرد خيار، بل واجب تَحمله الأجيال المتعاقبة.
لقد أثبتت التجارب ان مجتمع المقاومة هو تجسيد حي لقوة الإرادة في مواجهة الموت والظلم.
من كربلاء إلى حاضرنا، تتجلى نفس الروح الثابتة التي لا تنكسر أمام الطغاة، رغم الآلام والمحن، يبقى هذا المجتمع مصمماً على الدفاع عن قضيته، مؤمناً بأن الموت في سبيل الحق هو حياة أبدية.
إن قصص الجرحى والشباب والأمهات المضحيات تؤكد أن الأمل لا يموت، وأن ذكرى الأحرار لا تُمحى، مهما اشتد كيد الظالمين.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى