أخبار محلية

الدبلوماسية الأميركية الزائفة


الدبلوماسية الأميركية الزائفة
الموقف الأميركي من اغتيال سماحة السيد نصر الله
تحليل موقف
مقدمة
تشير التصريحات الأميركية الرسمية حول اغتيال سماحة الأمين العام لحزب الله، السيد حسن نصر الله، في 2024/9/27، إلى أن اغتيال السيد يؤمن اتمام الاتفاقات والمفاوضات في غزة ولبنان وإزالة التهديدات على الكيان وإعادة رسم منطقة الشرق الأوسط. تدرك واشنطن أن الاغتيال نجم عنه فرا ًغا قياديًّا، ومحاولة ملء هذا الفراغ قيد المراقبة وفق كلام مستشار الأمن القومي الأميركي، جون كيربي. نحن نراقب لنرى ما يفعلونه لمحاولة ملء هذا الفراغ القيادي. سيكون من الصعب أن يتم القضاء على الكثير من هيكل قيادتهم الآن”. هذا هو المخطط الأمريكي الصهيوني للمنطقة الذي تكشفه أهم التصريحات الرسمية الأميركية وأبرزها: بيان الرئيس بايدن بعد عملية الاغتيال، وبيان النائبة المرشحة للرئاسة، كاميلا هاريس، تصريحات كل من وزير الدفاع لويد أوستن، وجون كيربي، إضافة إلى جاريد
كوشنير. ويمكن إجمال تو ّزع اتجاهات المواقف الأميركية من الاغتيال بالعناوين التالية:
الاتجاهات

  • مشروعية الاستهداف: يو ّجه الأميركي الأنظار نحو مشروعية العملية باعتبار أنها تخدم تحقيق “العدالة” للقتلى الأميركيين. ا ّدعى الرئيس جو بايدن في بيانه الصادر في 28 أيلول 2024، أن “حسن نصر الله والجماعة الإرهابية التي قادها، حزب الله، مسؤولين عن قتل مئات الأميركيين على مدى أربعة عقود من حكم الإرهاب. إن وفاته بغارة جوية إسرائيلية هي مقياس للعدالة لضحاياه العديدين، بما في ذلك الآلاف من الأميركيين والإسرائيليين والمدنيين اللبنانيين”. في بيان متسق للمرشحة نائبة الرئيس هاريس، اتهمت فيه سماحة الأمين العام لحزب الله بأنه كان “إرهاب ًيا ملطخة يداه بالدماء الأمريكية.. واليوم، يتمتع ضحايا حزب الله بقدر من العدالة”. والأهم في ذرائع حيازة المشروعية هي تأمين حماية العدو، فيرى مستشار الأمن القومي في البيت الأبيض، جون كيربي: “كان حزب الله تحت قيادة السيد نصر الله يشكل تهدي ًدا مميتًا للشعب الإسرائيلي”. وعليه، تقول الرسالة الأميركية إن إلتزام واشنطن بأمن الكيان يفرض إزالة التهديدات على المستوطنين والكيان، فـ “الناس أكثر أمانًا
    بدونه”، وفق ا ّدعاء كيربي في برنامج “حالة الاتحاد” على شبكة سي إن إن، في 29 أيلول 2024.

    لم يتمايز موقف رئيس الوزراء بلينكن، بل كان متماث ًلا في التطرف، فأشاد بالعملية خلال اجتماع وزاري في واشنطن للتحالف “ضد داعش” وص ّورها كإنجاز ضخم تستفيد منه دول المنطقة كلها. استخدم كلمات فظة في وصف السيد ورفع مستوى التخويف منه في سياق امتصاص أي موقف متردد قد يصوب اتهامات التصعيد نحو الكيان، وتُظهر كلمته أنه يحاول تقديم “النصر” المحتفى به إلى الجماعات المعارضة والإرهابية في دول المحور ومما قال: “كان حسن نصر الله “إرهابيا وحش ًّيا” شملت ضحاياه العديد من الأميركيين والإسرائيليين والمدنيين في لبنان والمدنيين في سوريا والعديد من الآخرين أيضا.. المنطقة والعالم أكثر أمانا بدونه.. حزب الله أرعب
    الناس في جميع أنحاء الشرق الأوسط ومنع لبنان من “المضي قدما بشكل كامل” كدولة..
  • التزييفومسؤوليةحزباللهعناللاستقرارفيالمنطقة:يعمدالأميركيإلىتزييفالحقائقمنخلالالتنصل من مسؤوليته عن حروب المنطقة وتغذية الفتن فيها، والتعمية عما قام به من سياسات اقتصادية وعسكرية وأمنية زعزعت استقرار المنطقة ونموها. البيان الأميركي الرسمي سواء الصادر عن الرئيس بايدن أو نائبته هاريس يح ّمل حزب الله وتحدي ًدا” قيادة الحزب بزعزعة استقرار الشرق الأوسط على مدى عقود من الزمان”. بدوره، جون كيربي يربط بين الفوضى وعدم الأمان في المنطقة ودور سماحة الأمين العام، السيد نصر الله، بقوله: “مقتل نصر الله أمر جيد للمنطقة والعالم”. وتال ًّيا، يرسل الأميركي رسالة مفادها أن المرحلة ما بعد السيد نصر الله
    مرحلة جديدة وأن معوقات الاستثمار والتطور في المنطقة قد أزيلت.
  • التضليلالدبلوماسي:التضليلهوالفنالذييتقنهالأميركي؛فهويقومبكافةالإجراءاتالتيتحميالكيان وتسمح بالقضاء على التهديدات عليه. وبينما يتيح لنفسه كل الأساليب ويغطي كل آليات العدو في التدحرج نحو الحرب الواسعة، يعمل على كبح الطرف المقابل من القيام بأي إجراء عبر فن “الدبلوماسية” المزيفة، ونشر المعلومات المضللة حول التهدئة والمفاوضات ووقف إطلاق النار. ّصرحت النائبة هاريس: “لا نريد أنا والرئيس بايدن أن نرى الصراع في الشرق الأوسط يتصاعد إلى حرب إقليمية أوسع نطاقًا. لقد عملنا على إيجاد حل دبلوماسي على طول الحدود الإسرائيلية اللبنانية حتى يتمكن الناس من العودة بأمان إلى ديارهم على جانبي تلك الحدود. تظل الدبلوماسية أفضل طريق للمضي قد ًما لحماية المدنيين وتحقيق الاستقرار الدائم في المنطقة. هذا النوع من التطمينات والرسائل الدبلوماسية الأميركية والفرنسية دائمًا تخدم المصلحة الإسرائيلية، كل مرة تركز الرسائل على السقوف في الصراع وأهمية الالتزام بالضوابط من ًعا من الحرب الإقليمية بينما تبيح للإسرائيلي
    العمل على تحييد التهديدات والقضاء عليها.
    الدبلوماسية التي يتحدث عنها الأميركي تقوم على التعمية والتضليل، فالعدوان الإسرائيلي الجاري على لبنان منشمالهإلىبقاعهيتناقضمعالهدفالأميركيوفًقاللرئيسبايدن،أي”تهدئةالصراعاتالجاريةفيكلمن غزة ولبنان من خلال الوسائل الدبلوماسية”. وعلى الرغم من التحذيرات التي ارتفعت بشأن ازدياد سخونة مستوى التصعيد واحتمال الاندفاع نحو الحرب نتيجة اغتيال سماحة السيد، خرج كيربي لمعاودة الحديث عن المسعى الأميركي للدبلوماسية المعهودة في التضليل والتلفيق. واشنطن تعلم حجم الضغط على محور المقاومة التي أحدثته العملية، وازدياد احتمالات التصعيد وتفجير المنطقة، ومع ذلك ي ّصرح: “نعتقد ونستمر في الاعتقاد بأن الحرب الشاملة مع حزب الله، وبالتأكيد مع إيران، ليست الطريقة للقيام بذلك. إذا كنت تريد إعادة هؤلاء
    الأشخاص إلى ديارهم بأمان وبشكل مستدام، فنحن نعتقد أن المسار الدبلوماسي هو المسار الصحيح”. 1

    الدبلوماسية الأميركية هي التي تخدم الأهداف الإسرائيلية، غير ذلك لا معنى للآليات الدبلوماسية، وهو ما اوضحه بلينكن تما ًما بقوله: “الولايات المتحدة ستواصل العمل مع شركائنا في المنطقة وحول العالم للتوصل إلى حل دبلوماسي يوفر الأمن الحقيقي لإسرائيل ولبنان ويسمح للمواطنين على جانبي الحدود بالعودة إلى ديارهم”. والنقطة الثانية التي يركز عليها التضليل الأميركي هو الموقف من “مقتل” المدنيين، حيث لا يتوقف ادعاء البيت الأبيض بالشعور بالأسى لفقدان المدنيين، في محاولة للتعمية على مسؤوليته بتزويد الكيان بأقوى القنابل التي نّفذبهامجازرهضدالنساءوالأطفالوالرجالالمدنيين.علىالرغممنالتعبيراتالأميركية”المنمقة”فيالخوف على المدنيين، لم تقدم واشنطن أي خطوة تمنع العدوان الإسرائيلي على المدنيين سواء في فلسطين أو لبنان. وفي ذلك، يقول جون كيربي: “كل وفاة مدنية هي مأساة، وفي حين لا أحد ينعى وفاة نصر الله، فإننا بالتأكيد نحزن
    على أي خسارة في أرواح المدنيين”.
  • إحياءمشروعشرقأوسطجديد:بايدنيرىأنالاتفاقاتالجديدةفيغزةولبنانقابلةللتطبيقوارتفعرصيدها. بالنسبة لبايدن، “في غزة، سعينا إلى التوصل إلى اتفاق يدعمه مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة لوقف إطلاق
    النار وإطلاق سراح الرهائن. وفي لبنان، واصلنا التفاوض على اتفاق من شأنه أن يعيد الناس إلى ديارهم في إسرائيل وجنوب لبنان سالمين. والآن حان الوقت لإتمام هذه الاتفاقات، وإزالة التهديدات التي تواجهها إسرائيل، وتحقيق قدر أعظم من الاستقرار في منطقة الشرق الأوسط الأوسع نطاقًا”. أوضح جاريد كوشنر، صهر ترامب ومبعوثه إلى الشرق الأوسط، ضرورة المشروع الذي يخدم إنعاشه مصلحة الولايات المتحدة الأميركية، فكتب
    “القدرة على إعادة تشكيل الشرق الأوسط الآن غير محدودة. لا تفسدوا هذه اللحظة”.
  • التحريضعلىاستهدافالمنشآتالنوويةالإيرانية:تصدىكوشنرعلىمنصةتويتربالتحريضعلىالاستفادة من وضع حزب الله في استهداف البرنامج النووي، وهو للعلم طرح موجود في الإعلام العبري الذي يؤكد على
    أهمية استغلال الفرصة الحالية. قال كوشنر: “اليوم، مع القتل المبهج لنصر الله و16 قائ ًدا بار ًزا تم تصفيتهم في تسعة أيام فقط، كان اليوم الأول الذي بدأت أفكر فيه في شرق أوسط بدون الترسانة الضخمة لإيران الموجهة نحو إسرائيل. هناك العديد من النتائج الإيجابية الممكنة. يوم اغتيال سماحة السيد نصر الله بالنسبة لكوشنر “هو اليوم الأكثر أهمية في الشرق الأوسط منذ اختراق اتفاق إبراهام”. اليوم إيران مكشوفة الآن تما ًما. السبب
    في أن منشآتهم النووية لم تُدمر، على الرغم من أنظمة الدفاع الجوي الضعيفة، هو أن حزب الله كان مسد ًسا مشحونًا موج ًها نحو إسرائيل.. المشكلة الرئيسية بين لبنان وإسرائيل هي إيران؛ بدونها، هناك فائدة كبيرة لسكان الدولتين من العمل المشترك”. كيربي يرجح حجم الخسارة التي أصابت إيران باغتيال سماحة الأمين العام لكنه يحذر بشكل مبطن من إفساح المجال لها من القيام بالانتقام، وقد يكون في ذلك الدعوة الى القيام بخطوة استباقية ضد إيران قبل أن يأتي الرد منها، وذلك قوله: “قد يكون مقتل نصر الله انتكاسة لإيران وداعميها، لكن المرشدالأعلىالإيرانيآيةاللهعليخامنئيقالإنه”لنيمردونانتقام”.وعندما ُسئلعماإذاكانالرئيسجو بايدنقلًقابشأناحتمالنشوبصراععسكريمباشربينإسرائيلوإيران،أوبينالولاياتالمتحدةوإيران،قال
    كيربي “إنه كان مصدر قلق منذ البداية”.
  • التصعيد في الجبهة الشمالية: يقول جاريد كوشنر، في منشوره على منصة التويتر:”كلما تلاشت الرسائل والتهديدات الإيرانية، زاد الأمن والازدهار الإقليمي لكل من المسيحيين والمسلمين واليهود. تجد إسرائيل نفسها الآن بينما تم تحييد التهديد من غزة إلى حد كبير مع فرصة لتحييد حزب الله في الشمال. من دعا إلى وقف إطلاق النار في الشمال مخطئ. ليس لدى إسرائيل طريق للعودة. لا يمكنهم أن يتحملوا الآن عدم إنهاء العمل
    2
    وتفكيك الترسانة التي تُوجه إليهم تما ًما. لن يحصلوا على فرصة أخرى أب ًدا.عدم الاستفادة الكاملة من هذه الفرصة لتحييد التهديد هو عدم مسؤولية.. كتب الفيلسوف برنارد هنري ليفي على تويتر: “ما زلت أقرأ في كل مكان أن لبنان على حافة الانهيار. لا. إنه على حافة الارتياح والإنقاذ”. مثل هذه اللحظات تأتي مرة واحدة في
    الجيل، إذا جاءت على الإطلاق”.

    التنصل من العواقب: المتحدث باسم وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) أكد أن الولايات المتحدة لم تتلق إشعارا
    موقع “أكسيوس” عن مسؤولين أميركيين
    نفيهم ما ذكره مسؤول إسرائيلي بأن تل أبيب أبلغت واشنطن بالعملية قبل تنفيذها. هذا الادعاء لا يرمي إلا إلى التنصل من العواقب في سياق التضليل تجن ًبا لأي مسؤولية تدفع ثمنها القواعد والمصالح الأميركية. وهنا، لا بد من الإشارة إلى أن الإعلام العبري أشار إلى العزم الإسرائيلي على اغتيال السيد ثلاث مرات خلال يومين، بينما كشف أستاذ العلاقات الدولية في جامعة لندن، فؤاد جرجس، أن إحدى أهم الصحف الأمريكية اتصلت به أحد صحفييها واخبره أنهم يعملون على تحديث النعي الخاص بسماحة السيد نصر الله. وهذا الأمر إما مبني على اعتقادات أو معلومات أو تحليلات لكن الأكيد أن الإعلام الأميركي والإسرائيلي كان يملك خلفية معينة سواء
    معلوماتية أو تحليلية ما كانت لتأتي من فراغ.
    مسبقا بشأن ضربة إسرائيل على الضاحية الجنوبية في بيروت. ونقل
  • تعزيزالردعفيحمايةالكيان:فيمعرضتعزيزالردعفيحمايةالقواعدفيالمنطقةتحّسًبامنأيردعلىعملية الاغتيال، أعلن الرئيس بايدن في بيانه الرسمي توجيه وزير الدفاع لتعزيز الموقف الدفاعي للقوات العسكرية الأميركية في منطقة الشرق الأوسط لردع العدوان والحد من خطر اندلاع حرب إقليمية أوسع نطاقًا. وقال المتحدث باسم البنتاغون بات رايدر، “إن وزير الدفاع أوستن أعرب عن دعم الولايات المتحدة الكامل لحق إسرائيل في الدفاع عن نفسها يوم الجمعة، و”أوضح أن الولايات المتحدة لا تزال على استعداد لحماية القوات
    والمرافق الأميركية في المنطقة وملتزمة بالدفاع عن إسرائيل”.

  • https://bawwababaalbeck.com/wp-admin

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى