أخبار محلية

‏ترامب وشياطين الردهة الصهاينةمالئ الدنيا وشاغل الناس

‏ترامب وشياطين الردهة الصهاينةمالئ الدنيا وشاغل الناس، هذا هو حال مزاج الشارع السياسي العالمي بعامته ونخبه المثقفة عقب عودة دونالد ترامب إلى تمثيل الإدارة الأمريكية في البيت الأبيض مطلع هذا العام.‏ولمن قرأ عن سيرة الشاعر الأشهر أبي الطيب المتنبي الذاتية، وعن أحلامه الوردية في السياسة، والتي وظف لأجلها مهاراته الأدبية، فله أن يدرك السمات المشتركة ما بين شخصيته وشخصية الممثل الهوليودي الأكبر دونالد ترامب. إن ما يجمع بين الشخصيتين، هو تلك الصفة المشتركة الفريدة التي صنفها علماء النفس بالنرجسية، إلا أن العلماء لم يثبتوا بأن صاحب تلك الشخصية مريض نفسي، بل مجرد شخص يتمتع بسمات خاصة وفريدة منها القيادة والطموح و الذكاء الحاد والإصرار الشديد وغير ذلك؛ لكن الذي لم يلتفت إليه إلا القليل، هو أن صاحب الشخصية النرجسية هو إنسان لديه نوع خاص من الاستراتيجيا، والتي تجعل لصاحبها حظا وافرا من الحضور و التأثير والسيطرة.‏تقسم الاستراتيجية في علم السياسة بما جرت عليه العادة إلى نوعين هما: الهجومية والدفاعية، وقد لاقت تلك التسمية رواجا كبيرا لارتباطها بعلم الاجتماع السياسي وكذلك بعلم النفس الاجتماعي، فعلم الاجتماع السياسي الذي يجيب عن الأسئلة في مجال ‏ما يلبي احتياجات الأمة الفعلية كي تبقى أمة موحدة وكيانا مستقلا، وعلم النفس الاجتماعي الذي يجيب عن الأسئلة في مجال المزاج الجمعي للأمة الاجتماعية وعلل اعتداله و اختلاله، كلها وافقت على أن الاحتياجات والرغبات المجتمعية واقعة في ثلاث حلقات ‏هي: الثقافة والأمن والاقتصاد. ‏و باختصار، فلقد ربطت العلوم الاجتماعية الأسباب الذاتية لنشأة وبقاء واستمرار الأمة بالثقافة، و الأسباب الموضوعية بالاقتصاد، إلا أن الأمن باقي يشكل القيمة المضافة التي تجعل الأمة تسعى في بناء هويتها وترسيخ نموذجها الحضاري، فتبني مواقفها ‏على أساس ‏الاستراتيجيا الهجومية في السياسة والاقتصاد، أو أنها تذهب باتجاه موضوعي بعيدا عن الهوية والثقافة، وذلك حينما يتهدد كيانها، وتعاكسها ‏ظروف الواقع، ومن هنا نشأت الاستراتيجيا الدفاعية. ‏في العادة، فإن المفكرين ‏العاملين كمستشارين لدى الدولة العميقة، ‏لا يجدون بدا من أن تتبدل المواقف وتنقلب السياسات من هجومية تقدمية مع خط الزمان إلى دفاعية، تحاول الحصول على ميزان أمني مناسب للتقدم؛ هذا ما يعرفونه باستراتيجية الدفاع الشاملة، حيث توظف كافة القدرات والإمكانات والموارد في الدفاع حتى زوال الخطر و التهديد المحدق بهوية الأمة.‏إلا أن بعض الشخصيات ذات النموذج الفريد لا تعمل وفق هذه المنظومة أصلا؛ إذ أنها لا تعترف سوى بأصالة استراتيجيا واحدة هي الهجومية، لكن هذه الشخصية تمارس الدفاع على نحو خاص بها باعتباره أداء ثانويا، وفكرة تقوم على عزل وتطويق أسباب الأخطار، ‏وتثبيط فاعليتها في السياسة دونما الحرب، هذا لكي تبقي المسار آمنا لعبور الأفكار التقدمية والاستمرار في سلم الصعود.‏يدرك كبار القادة في حكومة الظل الأمريكية ومستشاروهم هذه الحقائق، كيف لا وهم أصحاب فكر وأهل علم وتجربة، وهم من يضع على رأس سلم الموازنة المالية أرقاما مهولة للدراسات والأبحاث العلمية؛ فإن كان هذا هو حال واقع القيادة الأمريكية، فما السر في السماح “لأبي الطيب ترامب” أن يعتلي ‏الكرسي الرئاسي ويمثل إرادة إدارة السياسة الأمريكية في هذه المرحلة؟‏يدرك شياطين الردهة، وهم كبار الساسة الأمريكيين الذين يقفون خلف ترامب ويديرون العالم من أروقة البيت الأبيض والبنتاغون، بأن ظروف المرحلة باتت خطيرة للغاية بعد صعود الصين اقتصاديا، وإيران ثقافيا، وروسيا تكنولوجيا، ‏و أن عصر أمريكا الذهبي الذي لم يصمد بعد انتهاء ولاية كلنتون قد بدأ بالأفول؛ غير أن كبرياء شيطنتهم لا حدود لها، فهم ما زالوا يعتقدون بإمكانية توفير الظروف المثلى للصعود، وما زالوا واثقين بأنهم سيحتنكون ذرية آدم ‏بكيدهم فائق الوصف، وبمكرهم السحري الذي يمني الآخرين ويضعهم في أوهام واقع خيالي افتراضي، فيأخذهم حيث يشاء وتبقى لهم السيادة.‏إذن، وطالما هم يدركون ذلك، فلم أتوا بترامب إلى مسرح السياسة الأمريكية؟ نسأل.حتى لا اطيل في المقال، فالاستراتيجيا هي وسيلة في السياسة، هي الفكرة التي تخدم السياسة، ولقد صاغ الإنسان علما ‏بهذا الشأن أسماه علم الاستراتيجيا، وذلك لكي ينتظم توظيف الفكرة في إطار علم السياسة عبر تدبير مبرمج، فالحاجة هي أم الاختراع.‏إلا أن التخطيط وإدارة التخطيط لا يأتي على أساس من فكرة في المدى المنظور، بل بالمدى البعيد، وعليه تصاغ الأفكار لينتظم العمل عليها، و تتحقق الأهداف وفقها في المدى المنظور، وإلا فسنحكم مسبقا على القيادة الأمريكية بقصر النظر، لكن مخطئ من يظن هذا.بالمحصلة، يجد ساسة الردهة الأمريكيون جدوى من توظيف مهارات ترامب ‏الذي لا يتوقف عن التقدم في الوقت الذي يدافع فيه، وذلك حتى لا تفقد الولايات المتحدة المبادرة على الصعيد الاستراتيجي، وبالتالي تسلمها لدول الشرق الصاعدة، هذا من جهة.‏من جهة أخرى، يبدو أن أولائك ماضون في أحلامهم ببقاء أمريكا على سدة قيادة العالم، وهم يرون أنها لم تزل تمتلك الكثير من الأسباب الذاتية و الموضوعية لذلك، فما يتعين عليهم فعله هو اقتناص الفرص المتاحة في وجه التهديدات الممكنة لجعل أمريكا سيدة العالم ‏دوما وبلا منازع.‏لقد فبركوا الخطط الاستراتيجية على المدى البعيد، أما في المدى المنظور، فالفكرة متوقفة على حدود استجماع القوى والمقدرات اللازمة للمواجهة الكبرى، ليس مع الصين فحسب، بل مع كل كيانات الشرق الصاعدة.‏لقد اختاروا الشخص المناسب الذي يستطيع بوقاحة تجاوز المحظور على الشخصية الأمريكية فعله، وهو النهب الوقح، ولا ضير في ذلك بحكم الديمقراطية التي سمحت لمثل ذلك اللص الأبله إعتلاء سدة الحكم، والتحكم بالسياسات الداخلية والخارجية الأمريكية.إنها واحدة من مكايد وألعاب ‏الصهيونية العالمية التي يقف على رأس إدارتها الولايات المتحدة الأمريكية، ولا يظنن أحد بأن ما تورده وكالات الأنباء العالمية عن معارضة حلفاء الولايات المتحدة لسياسات ترامب، أنها تأتي في معرض مقاومة التنمر، بل هي تمثيلية مشتركة يؤدون أدوارها مناوبة في ما بينهم، إلا أن بطلها هو الرئيس الأمريكي دونالد ترامب.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى