عن الانتخابات القادمة وشروط كسبها غالب قنديل دخل لبنان بقواه السياسية والشعبية مرحلة الاستعداد للانتخابات النيابية بينما ظهرت رؤوس جسور للتدخل من منصات سياسية وإعلامية مشبوكة بالخارج يراهن محركها الأميركي والغربي والخليجي على احداث انقلاب سياسي كبير ضد المقاومة وحلفها السياسي. محور الرهان الحقيقي للعواصم المتدخلة في الانتخابات هو العودة بلبنان القهقرى عقودا وحسم الازدواج الذي فرضته التوازنات السياسية منذ عقود مع ظهور حزب الله وتصاعد قوة المقاومة وتجذرها شعبيا في البنيان الاجتماعي السياسي ونجاحها في نسج شبكة تحالفات تعمدت في معارك متلاحقة. صحيح أنه لا يمكن الزعم ان لبنان السياسي تحرر نهائيا من الهيمنة الغربية ومن معاقل نفوذها السياسية والاقتصادية الراسخة لكن حالة الازدواج التي فرضها وجود المقاومة وما استتبعته من نتائج حالت فعليا دون إحكام القبضة الأميركية الغربية على البلد وعطلت الخطط الاستعمارية التي ما تزال قاصرة ومقيدة ومغلولة رغم نجاح الضغوط التي فرضت مؤخرا في التسبب بانهيار اقتصادي ومالي غير مسبوق لكن التشخيص الموضوعي يقتضي الإقرار بأن لبنان عالق بين فالقين استراتيجيين وقاصر حتى اليوم بمعادلته الداخلية الراهنة عن حسم خياراته ولو نضجت في بناه الوطنية المؤسسية والسياسية حالة نضالية منظمة بمستوى احداث النقلة المنشودة في واقع البلد وخياراته لكنا ازاء مسار جديد ونوعي. هل يجوز أن تكتفي المقاومة حزبا وحلفا بهذا الإنجاز المحدود المحقق أم ثمة خطة ممكنة لقيادة التحول المنشود ويمكن ان تؤسس لها القوى الوطنية بمقاربة جديدة للانتخابات المقبلة التي يمكن من خلالها اطلاق عملية التحول بقيام غالبية تتبنى خيارات جذرية تترجمها في عناوين وتدابير يمكن ان تصبح خطة حكم جديد لقيادة الانتقال السياسي والاقتصادي بعد الانتخابات وهذه فرصة تاريخية تستحق حشد الطاقات القصوى لالتقاطها دون تردد وليست أمنية ذاتية حالمة وبكل بساطة ندعو سائر الوطنيين للتخلي عن الكسل الفكري وتقاليد الانتظار والتواكل لأن الفرصة مواتية والخطر كبير إن تخاذلوا . المطلوب بداية هو تدقيق الخيارات في الترشيح في جميع الدوائر وإلى سائر المقاعد بما يضمن حصاد أفضل النتائج للحلف الوطني بحيث تسقط جميع العوائق الذاتية في مفاضلة التسميات وحسم الخيارات الإسمية لصالح المرشحين الأجدر بترجيح كفة الفريق الوطني في السباق الانتخابي وحتى لا تتسرب حلقات ضعيفة تشكل عبئا على اللوائح الوطنية وثغرات في نسق المنافسة بل ينبغي تحرير الاختيار والتسمية من المحاباة والمعايير الذاتية في المفاضلة ونقترح اللجوء إلى استطلاعات الرأي النزيهة حتى في المفاضلة بين مرشحين ينتمون إلى الفريق الحزبي ذاته ليتم حسم ترشيح الأجدر بالفوز على اللوائح النهائية وهذا شرط الوجوب لتمكين القوى والأحزاب الوطنية من حصاد أكبر عدد من المقاعد بزخم شعبي تمثيلي غير قابل للتشكيك او التبخيس. لأننا على مفترق الخيارات الكبرى في زحمة تحديات وتهديدات ولأن القوى المعادية تريد من الانتخابات فرصة لتنظيم عملية انقلابية تنقل البلد من ضفة إلى ضفة على فالق الصراع الكبير في الشرق العربي لابد من حشد الطاقات وتجنيد الخبرات السياسية والإعلامية الوطنية للإتيان بغالبية واضحة تنتمي إلى الخيار التحرري الاستقلالي وقادرة على تنفيذ برنامج إنقاذي جذري ينقل البلد إلى وضع لائق يتناسب مع تضحيات الناس وآمالهم.