كتب الصحافي والكاتب السياسي حسن سلامة
لف ودوران وتهديد ووعيد ، مع إستخدام العصا والجزرة ، بالسر وبالعلن هذا هو ” العنوان الوحيد لزيارة وزير الخارجية الكويتي الى بيروت ” قبل ايام وبتكليف شبه مباشر من الاميركي والسعودي على طريقة من ” يحاول أحياء العظام وهي رميم ” من حيث السعي لنزع سلاح المقاومة ، ولو ان البعض في لبنان يضعها في سياق حصول تقدم في المفاوضات النوووية حول الملف الايراني وهذا الاعتقاد مبالغ به ولم يحن أوانه حتى اليوم ولو كان هذا الاعتقاد صحيحا لكانت بنود المبادرة التي طرحها الوزير الكويتي في بيروت تتلاقى بشكل أو بأخر مع بداية الانفراج في الملف النووي . لكن من الواضح ان بنود المبادرة التي تهدف لاحياء سيناريوهات مشبوهة بدءا من القرار ١٥٥٩ واخواته يراد منها وضع اللبنانين بين خيارين أحلاهما أمر من الاخر ، الاول ، إما الخضوع لاملاءات بن سلمان ومن يدعمه في واشنطن وباريس بما يفضي لاعادة لبنان الى ماكان عليه في الخمسينات – اي قوة لبنان في ضعفه – وبالتالي نزع سلاح المقاومة وفي الحد الادنى ان يؤحذ بما يطرحه حلفاء الرياض وواشنطن في لبنان حول هذا السلاح ، بمعنى إفراغه مكامن القوة التي يشكلها في ردع العدو الاسرائيلي وما بات يمثله اليوم من معادلة رعب استراتيجي مع العدو ، حتى حاول هؤلاء الاختباء وراء دعوات معروفة منها الخروج من اليمن وسوريا وما الى ذلك ، وهذا الوهم في ظل تفاقم عملية الصراع في كل أنحاء المنطقة وحتى على المستوى العالمي ، فهذا الصراع بات مترابطا في كل تفاصيله وحتى لو إفترضنا أن له علاقة بحصول إنفراجات في الملف النوووي ، فمن يطرح هذه الشروط التعجيزية يحاول من مكان اخر وضع الدوالبب امام حصول تقدم جدي في هذا الملف ، مع ان ما يسرب من معلومات من جنيف وفيننا لاتلشر بحصول إنفراجات قرببة ، فيما هناك من يعتقد ان هذه الشروط تنبع من اوهام بن سلمان ومن يدعمه في الخليج من أن لبنان ، إما يخضع لهذه الشروط وإما سيتسع الحصار الخليجي للبنان ، لاعتبار أصحاب المبادرة ان لبنان بأمس الحاجة لاعادة إنغتاح الخليج عليه نظرا للانهيار الذي وصل إليه وتعطل الحياة السياسية فيه ، مع إنصياع حلفاء أنظمة الخليج لكل ما يطرحونه من شروط تعجيزية ، فبان من هذه المبادرة التي حملها وزير الخارجية الكويتي ان مطلب إقالة الوزير قرداحي الذي طرحته الرياض لم يكن سوى خيط رفيع في سلسلة الشروط الاخطر التي ينتظرها لبنان .
ومهما يكن من خفايا ستتوضح تدريجا في المبادرة الخليجية – الاميركية ، فكل هؤلاء ومعهم حلفائهم في لبنان وخارجه ومن دكاكين تمتهن تجارة السياسية على طريقة تجارة المخدرات ، لا هدف لهم سوى سلاح المقاومة ، فاالزمن من وجهة نظر هذه الجوقة ، هو زمن العصر الاسرائيلي والهرولة للتطبيع معه ، وما حصل في الساعات الماضية من زيارات بإتجاه لبنان يكشف مدى مأزق لكل أطراف هذه الجوقة ، وأين بلغت مخططاتهم المهزومة بعكس ماكانوا يطمحون اليه من الهيمنة على كامل المنطة ، وهذه الهزائم يلاحظها اي إنسان سوى الذين يعملون خدم للسفارات ولجماعة البترو- دولار ، ورغم ان هذه الهزائم كانت بدايتها تحرير عام الفين ، لكنها توجت بإسقاط الشعب الفلسطيني لصفقة العصر التي كانت تريد تصفية القضية الفلسطينية وتتالت في انتصار سوريا وهظيمة الاميركي ومن رعتهم من مجموعات ارهاببة في العراق وسوريا الى الانتصار الذي حققه شعب حفاة في اليمن . والاغرب بما يجري اليوم مثلا في لبنان ان هناك فئات وقوى سياسية تبرئ بن سلمان من الواقع السياسي الذي بلغه تيار المستقبل ورئيسه وصولا للعزوف عن الانتخابات وتتنكر لكل ما اصاب الحريري وتياره بسبب سياسة بن سلمان وخيانة بعض حلفائه في لبنان له بدءا من سمير جعجع ويحملون كل ما حصل ويحصل في لبنان ، بدءا من الحريري لخصومهم اللبنانين وكأن هؤلاء ومن يمدههم بالمال وتجارة السلاح هم اهل الشرف وليس في رقباتهم عشرات وعشرات الجرائم ولم يشاركوا في نهب لبنان ، إسألوا رياض سلامة من هم الذين إستفادوا من فوائد ال ٤٥ بالمئة على سبيل المثال وليس الحصر ، والاكثر غرابة ان هذه الجوقة باتت تنظر الى كيان العدو الاسرائيلي وكأنه ” ملاك حارس ” لهم ولكراسيهم على حساب شعوبهم ودولهم .
وخلاصة القول ، إذا لم تقتنع هذه الجوقة بكل الهزائم التي أصابتها وتسلم بحق الشعوب في تقرير مصيرها من اليمن الى فلسطين المحتلة ، الى … حتى ان هناك من يريد إخراجنا كعرب من إنتمائنا الحقيقي والمتأصل في دعم شعوب كل الشعوب العربية لتنال حرياتها وسيادتها ووقف نهب ثرواتها وكل ذلك بزعم ان لاعلاقة لنا بكل من يحصل من اامحيط الى الخليج ، لكن بالنسبة لهم فالعرب الحقيقون هم من يطبعون مع العدو الاسرائيلي ويتأمر لتصفية القضية الفلسطينية الى اخر فلسفات الارتماء في احضان البترودولار وصولا الى تل ابي … فكل ما يتوهموه هؤلاء يبقى كما أحلام اليقظة والمستقبل للشعوب وليس للجلادين وتجار المال ،
.