⚠️⭕ابرز ما تناولته صحف اليوم الخميس ١٠ شباط ٢٠٢٢
إذا كان عامل المصادفة جعل جولة الوسيط الأميركي في المفاوضات غير المباشرة لترسيم الحدود البحرية بين لبنان وإسرائيل #آموس هوكشتاين على المسؤولين تتزامن مع إحياء عيد القديس مارون وتحمل معالم تحريك هذه المرة لملف مفاوضات الترسيم، فإنّ هذه الجولة لم تحجب الدلالات السياسية والوطنية البارزة للموقف الذي أعلنه بطريرك الموارنة في يوم عيد شفيع الطائفة أمام أركان الدولة. ذلك أنّ المشهد في عطلة عيد القديس مارون توزع بين القداس الاحتفالي في كنيسة القديس مارون في الجميزة الذي ترأسه للمرة الأولى البطريرك مار بشارة بطرس الراعي وأطلق في عظة العيد موقفاً بارزاً حدّد فيه الأولويات الخمس الأساسية للشعب اللبناني كما تراها الكنيسة المارونية، وبين جولة هوكشتاين الذي بدا واضحاً أنه نقل إلى الرؤساء والمسؤولين الذين التقاهم أفكاراً جديدة لكسر الجدار المسدود في المفاوضات لترسيم الحدود البحرية بين لبنان وإسرائيل.
وعلى أهمية هذين التطورين، فإنّه من غير الممكن تجاهل ظاهرة سلبية اتّسمت بخفّة هزلية وأساءت إلى موقع رئاسة الجمهورية، وتمثّلت في استقدام مفتعل لـ”جوقة مصفّقين” ممّا يُسمّى “الحرس القديم” إلى الكنيسة للهتاف والتصفيق لرئيس الجمهورية، بحيث عمدوا إلى مواكبة دخول الرئيس #ميشال عون إلى الكنيسة بإطلاق شعارات شعبوية والتصفيق داخل الكنيسة، الأمر الذي أشعل موجات انتقاد وسخرية لهذه الحركة المدبّرة بسخافة مسيئة إلى شخص الرئيس في المقام الأول.
وقد شارك في القداس رئيس الجمهورية ورئيس مجلس النواب #نبيه بري ورئيس مجلس الوزراء #نجيب ميقاتي، وترأس القداس البطريرك الراعي، وعاونه فيه راعي أبرشية بيروت للموارنة المطران بولس عبدالساتر والمطران خليل علوان ولفيف من الكهنة، حضره عدد من الشخصيات الرسمية والسياسية والديبلوماسية.
الأولويات الخمس
في الكلمة التي ترقّبتها الأوساط السياسية بتركيز لافت، والتي اتّسمت بأهمية خاصة في دلالات شرحها للقيم المارونية، بدا لافتاً أنّ البطريرك الراعي بات يقرن التشديد على إجراء الانتخابات النيابية بالانتخابات الرئاسية. وقال في عظته: “في هذه المناسَبةِ الدينيّةِ والوطنيّةِ في آنٍ، نجدنا امام واجب تجديد إيمانَنا بلبنانَ وتَمسُّكَنا به رغمَ كلِّ التحدّياتِ الداخليّةِ والخارجيّة. فالتحدّي يُعزِّزَ صمودَنا ويَـحُـثُّنا على استخلاصِ العِبرِ لتطويرِ وجودِنا وحمايتِه. لم يَختَر الموارنةُ “لبنانَ الكبيرَ” صدفةً. فقَبلَه اخْتبروا في لبنانَ والمشرِقِ جميعَ أنواعِ الأنظمةِ والممالكِ والسلطناتِ. عايشوا كلَّ الفتوحاتِ والأديانِ والمذاهب. وجربّوا في جبلِ لبنان مع إخوانهم الدروز خصوصًا، مختلَفَ أشكالِ الصيغِ الدستوريّةِ لاسيّما في القرنِ التاسعَ عشر، فعرَفوا حسناتِ كلِّ صيغةٍ وسيّئاتها. ولـمّا صاروا في موقِعِ التأثيرِ في اختيارِ المصير سنةَ 1920، انْتقَوا مع المكوّنات اللبنانيّة الشراكةَ المسيحيّةَ الإسلاميّةَ والانتماءَ إلى المحيطِ العربي. وميّزوا وطنهم بالتعدّديّةِ الثقافيّة والدينيّة، والنظامِ الديمقراطيِّ البرلمانيِّ، والحرّياتِ العامّة، والتزامِ الحِيادِ والسلام، وفَصْلِ الدينِ عن الدولةِ في صيغةٍ ميثاقيّةٍ فريدةٍ على أساس من العيش معًا. كما ميّزوا وطنَهم باقتصادِه الليبراليِّ وازدهارِه ونظامِه المصرِفيّ، وبمدارسِه وجامعاتِه ومؤسّساتِه الاستشفائيّة، وأمنِه واستقرارِه وانفتاحِه”.
وأضاف: “لقد أردناه معًا أن يكونَ مشروعًا رائدًا في الشرقِ وللشرق. بحيث تتعدّى صيغة تعايشه في المحيط الداخليَّ إلى التعايشِ مع محيطِه العربيِّ على أساسٍ من الإحترام المتبادل. وأرَدناه مُلتقى الحضاراتِ وواحةَ تعايشِها. لكنَّ ضُعفَ المناعةِ الوطنيّةِ المعطوفَ على تَعدّدِ الولاءاتِ حَرَفَ رسالةَ لبنان. غير أنّنا نُناضل معًا لئلّا يَسترسِلَ لبنانُ في أن يكونَ ساحةَ صراعاتِ المِنطقةِ، ومِنصّةَ صواريخ، وجبهةَ قتال. ما تأسَّسَت دولة لبنان لتكونَ عدوَّةَ أشقّائِها وأصدقائِها، فلا نَجعلَــنَّها عدوّةَ ذاتِها. إنَّ الاعترافَ بلبنانَ وطناً نهائيًّا يعني اعترافاً بثلاثِ ثوابت: نهائّيةُ ميثاقِ التعايش، ونهائيّةُ الدورِ المسيحيِّ، ونهائيّةُ الولاءِ للبنان دون سواه. باحترام هذا المثلَّث التاريخيّ نُنقذ وِحدةَ لبنان ونُثبِّت حِيادَه”.
وتابع الراعي: “منذ نشأتِهم، سعى الموارنةُ إلى أن يكونوا حالةً استقلاليّةً في لبنانَ والشرق. حدودُهم الحريةُ والكرامة، ومَداهُم الحوارُ والتفاعلُ مع الحضارات. تَجذّروا في الشرقِ ومَدّوا أغصانَهم نحو العالم. مَنطِقُهم الإيمانُ والعقلُ والوِجدان، وولاؤُهم لأمّةٍ واحدةٍ هي لبنان. تكيّفوا مع الواقعِ من دونِ أن يَخضَعوا له، وعاشوا مع الآخَرين من دونِ أن يذوبوا فيهم. تَجنّبوا التورّطَ في صراعاتٍ، لا لأنّهم أقليّةً في الشرقِ، بل لأنّهم رُسلَ سلام”.
وأضاف: “إنّا في مناسبة هذا العيد الوطنيّ والدينيّ في آن، وبحضور قادة الدولة المحترمين، نتطلّع مع الشعب اللبنانيّ إلى خمس أولويّات:
1) إجراءُ الانتخاباتِ النيابيّةِ والرئاسيّةِ في مواعيدِها الدستوريّة، فالشعبَ اللبنانيَّ، المقيم والمنتشِر، التائقُ إلى التغييرِ، يَتطلَّعُ إلى هذين الاستحقاقين ليُعبِّرَ عن إرادتِه الوطنيّة، فلا تخيّبوا آماله من جديد.
2) إعلانُ الحقيقةِ في تفجيرِ مرفأ بيروت، بعدَ مرورِ نحو عامين. وقد سمّي انفجار العصر، فلا يمكن أن يظلَّ التحقيق مُجمَّدًا وضحيّةَ الخلافاتِ والتفسيراتِ الدستوريّة، كأنَّ هناك من يَخشى الحقيقة؟
3) تسريعُ عمليّةِ الإصلاحِ والاتفاقُ مع صندوقِ النقد الدوليِّ على خُطّةٍ واقعيّةٍ متكامِلةٍ تُنقذ لبنانَ من الانهيارِ المتواصِل، وتُعيدُ إليه مُقوِّماتِ نهضتِه الاقتصاديّةِ والماليّةِ والإنمائيّة.
4) استكمال تطبيق اتفاق الطائف ومعالجة الثغرات الناتجة. والسعي إلى تطبيق قرارات مجلس الأمن من أجل تحقيق سيادة لبنان على كامل أراضيه. إذا استمرّ عجزُ الدولةِ عن ذلك، فلا بدَّ من الاستعانةِ بالأممِ المتّحدةِ لعقدِ مؤتمرٍ دوليٍّ يَضمَنُ تنفيذَ الحلولِ وسلامةَ لبنان.
5) اعتمادُ نظام الحِياد الإيجابيّ أساسًا في علاقاتِنا الخارجيّة، لأنّه ضمانُ وِحدة لبنان واستقلالِه وسيادتِه. فالحيادُ الذي نطالب به هو أصلًا عنصرٌ بنيويٌّ في تكوينِ لبنان وملازمٌ لموقِعَه الجغرافيَّ وتراثِه السلميّ”.
جولة هوكشتاين
وبعد ظهر أمس، استقبل الرئيس عون في قصر بعبدا، الوسيط الأميركي آموس هوكشتاين، في حضور السفيرة الأميركية #دوروثي شيا والفريق المعاون لهوكشتاين.
حضر عن الجانب اللبناني وزير الخارجية والمغتربين عبد الله بوحبيب، وزير الطاقة والمياه وليد فياض، الوزير السابق سليم جريصاتي، المدير العام لرئاسة الجمهورية أنطوان شقير والمستشاران رفيق شلالا واسامة خشاب.
أفادت معلومات قصر بعبدا بأنّ هوكشتاين أطلع الرئيس عون على نتائج الاتصالات التي أجراها في إسرائيل في موضوع ترسيم الحدود البحرية الجنوبية، وقدّم اقتراحات سيتمّ درسها انطلاقاً من إرادة الوصول إلى حلول لهذه الملف. وسوف يستمرّ التواصل مع الجانب الأميركي تحقيقاً لهذه الغاية.
وأكّد رئيس الجمهورية لهوكشتاين استعداد لبنان للبحث في النقاط التي طرحها والتي سيتم استكمالها لاحقاً. ومن جهة أخرى، تم التداول مع هوكشتاين في الدور الذي تقوم به بلاده للمساعدة في تذليل العقبات أمام استجرار الغاز والكهرباء من مصر والأردن وسوريا. وأفادت السفارة الأميركية بأنّ هوكشتاين أجرى نقاشات مثمرة مع رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة ميقاتي للمساعدة في إيجاد حلول لأزمة الطاقة والحدود البحرية.
وكان رئيس الحكومة نجيب ميقاتي استقبل هوكشتاين ظهراً في دارته بحضور السفيرة شيا. وأفاد المكتب الإعلامي لميقاتي أنّه جرى البحث في الاقتراحات الجديدة التي يحملها هوكشتاين، حيث أشار ميقاتي إلى أنّه سيتشاور في شأنها مع رئيس الجمهورية ميشال عون ورئيس مجلس النواب نبيه بري لتحديد الموقف اللبناني.
وزار هوكشتاين عصراً رئيس مجلس النواب نبيه بري، في مقرّ الرئاسة الثانية في عين التينة، التي أفادت بأنّه “جرى عرض نتائج مساعي المبعوث الأميركي لمعاودة عملية التفاوض غير المباشر وفقاً لاتفاق الإطار، وللبحث صلة على قاعدة التمسك بالحقوق اللبنانية”.
وأفادت السفارة الأميركية بأنّ هوكشتاين أجرى نقاشاً إيجابياً مع الرئيس بري حول أفضل السبل للمضيّ قدماً في موضوع الحدود البحرية في سياق الإطار المُتّفق عليه