⏺️”قانون قيصر” كما قرأناه منذ عامين قبل البدء بتطبيقه ⏺️
✍️ م. حيان نيوف
27-5-2020
🔴 المحور الأول [ قانون قيصر -من(بكين وطهران وموسكو)الى شرق المتوسط ]
يسري مفعول قانون العقوبات الاميركية ضد سورية من الشهر السادس حزيران المقبل ، وكان الرئيس الاميركي ترامب قد وقّع على القانون مؤخرا بعد ان أقرّه الكونغرس الاميركي ، كأحد بنود موازنة وزارة الدفاع للعام 2020 ..
تشمل بنود قانون قيصر العديد من العقوبات التي تطال العديد من الشخصيات السورية في موقع القرار ، من ضمنها وزراء ونواب وعسكريين ، بالاضافة الى الشخصيات الاقتصادية ،كما يشمل قطاع البنوك والصناعة والطاقة ، واعادة الاعمار ، وكافة الدول المتعاملة مع سورية في هذه القطاعات
..
في هذا المحور لسنا بصدد تبيان تأثيرات قانون قيصر الاقتصادية من عدمها ، بل الغاية هي محاولة تحديد الخلفيات والابعاد التي تقف خلف اصدار هذا القانون ، وهل له صلةٌ بالصراع الدولي القائم بين الغرب والشرق ؟.
بدايةً نقول ان سورية بموقعها الجغرافي الهام على الساحل الشرقي للمتوسط في أقصى الغرب الآسيوي تمثل نڨطة تلاقي مناطق النفوذ (الصينية والروسية والايرانية ) مجتمعةً ، وتمثل البوابة الاجبارية لهذه القوى الثلاثة على المتوسط ومنه الى اوروبا وشمال افريقيا ،الامر الذي جعلها عرضةً للاستهداف طوال تاريخها الحديث ، وخاصة في السنوات العشرة الاخيرة من مطلع القرن الحالي الذي يشهد صراعا كبيرا لاعادة رسم العالم الجديد ، ولذات الأهمية هبّت هذه القوى الثلاث الى مساعدة سورية سياسيا وعسكريا…الخ في الحرب الكونية التي فرضت عليها
..
ان إفشال المشروع الاميركي بالسيطرة على سورية بفضل صمودها الاسطوري ،ومساعدة حلفائها لها ، دفع بالولايات المتحدة للبحث عن طرق اخرى لحرمان القوى الثلاث ( روسيا والصين وايران ) من الاستفادة من البوابة السورية المهمة جدا والاستراتيجية على المتوسط ، وضمن هذا السياق يمكننا فهم الابعاد الاساسية لقانون قيصر ووضعه في سياق الصراع القائم ، وفي الاطار ذاته نستطيع ان نفهم الحنكة والعبقرية للرئيس الاسد الذي قاد معركة المواجهة ضد الحرب الكونية على بلاده وأيقظ الشرق من سباته ، ووضعه في مواجهة الغرب وغاياته …
إذاّ ( قيصر ) مرحلة جديدة من مراحل الصراع العالمي على سورية ، وهو هجمة اميركية ظالمة تستهدف سورية وحلفاءها (الصين وايران وروسيا )..
فلا الصين قادرة على ايصال مشروعها (الحزام والطريق ) الى اوروبا من غير سورية ، خاصة بعد أن منعت الولايات المتحدة اسرائيل من التعاون مع الصين مؤخرا وحددت لها خطا احمرا يمنع تجاوزه ، ولا روسيا قادرة على الاستثمار في مجال الطاقة في المتوسط او حتى تثبيت وجود لها من غير سورية ، ولا ايران قادرة على الوصول لشواطئ المتوسط لفك الحصار والعزلة عنها والانفتاح على دور عالمي جديد من غير سورية ، فسورية هي كما اسلفنا نقطة التقاء الشرق الصاعد ورأس الحربة والبوابة الاقتصادية والاستراتيجية له ، ومن دونها تتبخر أحلامه بالانتصار في معركة السيطرة والنفوذ لبناء عالم جديد ..
وبلا شك فإن الخطوات الاخيرة التي اتخذها الحلفاء ، وخاصة ايران التي اقدمت على كسر الحصار الاميركي المفروض على فنزويلا ، وترافق ذلك مع تهديد صيني بحرب باردة مدمرة مع الولايات المتحدة ، وتحركات روسية عديدة آخرها ما يخص سفيرها في دمشق ، هذا وغيره يعبر عن تنسيق بين القوى الثلاث ، واحد اهم غاياته مواجهة سلاح العقوبات الاميركية ومن ضمنها ( قانون قيصر ) تحديدا ، ورسالة واضحة للغرب مفادها ” سنواجه هذا القانون ونسقط مفاعيله مهما كلّف الامر” ..
وقد يقول البعض أن هذا الكلام فيه فرطٌ في التفاؤل ، ونحن نقول : إن من يفهم الصراع العالمي والحد الذي بلغه سيدرك ببساطة شديدة أن لا خيار ممكنا إلا ما ذهبنا إليه فيما طرحناه ..
🔴 المحور الثاني [ قانون قيصر وضباع الاخونج والتصدي لهم ]
( الائتلاف بقيادة الأخونج يشكل فريق عمل لمتابعة تطبيق قانون “قيصر” ، والعميل الوهمي المدعو “قيصر” وشريكه العميل الوهمي المدعو “سامي” يتهمان الإئتلاف بالاستثمار بقانون قيصر وجني اموال طائلة )
هم مجموعة من الخونة والعملاء التي تتصارع فيما بينها خدمةً لأسيادها ومشغليها من اجهزة المخابرات الاميركية والاسرائيلية والأوروبية ، ومن خلفها التركية والسعودية …
ما نحن في صدد الاشارة اليه الآن ، هو ما ينوي اولئك العملاء القيام به على المستوى الداخلي تنفيذا لما تمّ تكليفهم به من قبل مشغليهم تزامنا مع البدء في تطبيق قانونهم “قيصر” الاميركي ، فهم يتلطون ويتربصون كالضباع التي تنتظر ان تُطعَن الفريسة لينقضوا عليها …
واكثر ما يجب التنبه إليه ومنه أمور عديدة نذكر بعضها :
اولا: سنشهد الكثير من الشائعات والفبركات الاعلامية على مواقع التواصل الاجتماعي بغاية التحريض وإثارة الفتن وافتعال الازمات ، مهنا ما هو اجتماعي ومنها ما هو اقتصادي ومنها ما هو طائفي او مذهبي ، وهذا الامر ليس بجديد لكنهم سيعملون على تكثيفه ، وهنا سنكون بحاجة الى الكثير من الوعي ، والجميع مطالب بالحكمة والتروي خاصة ان الفترات السابقة اثبتت انخفاض الوعي والمسارعة الى تصديق ومشاركة ونشر الاشاعات بدون تثبت او تحقق منها او من مصدرها …
ثانيا : سنشهد الكثير من التحريض على الدولة وجيشها وقيادتها عبر مواقع التواصل الاجتماعي ، وقد نشهد تركيزا على شخصيات بعينها ، من خلال اختلاق الاكاذيب وترويج الاخبار المفبركة الشخصية وغير الشخصية ، وهنا لا بد على الجميع من الحذر والا يكونوا جزء من هكذا مخطط من حيث لايدرون ، او ان يجعلوا من انفسهم جندا في معسكر الخونة من غير علم بذلك ، خاصة ان غايتهم هي ضرب القاعدة الشعبية وتضعيف ولاءها لقيادتها …
ثالثا : قد يلجأ العملاء الى افتعال ازمات على الارض ، واثارة قلاقل والعمل على تظهيرها اعلاميا ، والواجب هنا يقتضي التعاطي معها بالتهدئة والتفنيد لخلفياتها ..
رابعا : سنشهد مزيدا من بث السوداوية واليأس والخوف من القادم ، والتشكيك بكل قرار او اجراء متخذ من قبل الدولة …
خامسا : سنشهد ارتفاع وتيرة التشكيك بالحلفاء والاصدقاء ..
نحن مطالبون بأن نثق بقيادتنا وحكمتها ونقف الى جانبها في نهاية هذه المعركة كما وقفنا طوال عشرة سنوات من الحرب الكونية علينا استكمالا لنصرنا وحفاظا عليه ، ووفاء لدماء شهدائنا الذين ضحوا بأنفسهم لاجل هذا الوطن ، نعم الظروف الميشية قد تكون صعبة وقاسية علينا جميعا ، لكن التكاتف والتعاضد الآن هو المطلوب ، وما لم يستطيعوا الحصول عليه بالحرب لن يحصلوا عليه بغيرها ، ولنكون جميعا على ثقة بمستقبل بلادنا ..
🔴 المحور الثالث [ مواجهة قيصر – فرصة للنهوض ]
خلال مدة قصيرة تظهر كافة المفاعيل والانعكاسات لقانون العقوبات الأميركية “قيصر” على جميع القطاعات المتأثرة به ..
من المفترض في المرحلة القادمة اجراء دراسة احصائية وبيان درجة تأثر كل قطاع وتحديد الأولويات وفق الحاجة الماسة المطلوبة لكل مادة في كل قطاع ..
ليصار لاحقا الى وضع خطط للمعالجة وتعويض النقص الحاصل وفق الأولويات بدءً بلقمة العيش والدواء ووصولا الى الصناعات الثقيلة ..
من المهم ان تتضمن الخطط الان معالجة آنية بقدر المستطاع لتخفيف الضغط الحاصل ، ومعالجة مستدامة تعتمد الانتاج المحلي وصولا الى الاكتفاء الذاتي …
ولا بد من اعداد دراسة جديدة عن الثروات والطاقات المتاحة التي تمتلكها سورية وكيفية الاستفادة منها بالشكل الأمثل واستثمار كل ما يمكن الاستفادة منه في هذا المجال …
ان جدولة الامكانيات المتاحة وكذلك الاحتياجات الضرورية يسهم باستنهاض الجهود وتوجيهها وفق الأولويات المطلوبة بعيدا عن تبديد الجهد والمال ..
بالمختصر فإن مواجهة قانون “قيصر” تمر بثلاثة مراحل : مرحلة الاحصاء والدراسة ، ومرحلة الاستيعاب والمعالجة الانية ، ومرحلة المعالجة المستدامة ….
ومن المهم خلال تلك المراحل الاعتماد على الطاقات البشرية الوطنية المبدعة بعيدا عن المحسوبيات وتجييش الرأي العام لتشكيل جبهة عمل متكاملة في كافة القطاعات..
ان التخطيط الجيد من شأنه تحويل “قانون قيصر” من محنة الى فرصة لاستنهاض الجهود والهمم والانتقال بالبلاد الى مرحلة تفوق في نتائجها ما كانت عليه قبل الحرب الكونية على سورية …
م.حيان نيوف