أخبار محلية

عـيـوب الــحـريـري!

الـصـحـافـي مـحـمـد نـمـر

هو الضعيف، المتخاذل، المفرّط، التسووي… كثيرة هي النعوت التي أطلقها “أصدقاء” و”حلفاء” سعد الحريري عليه إفتراءً.

لكن لو فكرنا قليلاً لأدركنا صدق هذه النعوت.

فعلاً سعد الحريري “ضعيف”، حين يتعلق الأمر بالسلاح والميليشيات وأمن الناس وأمانهم، وحين يتعلق الأمر بمصلحة “حلفاء” مفترضين لا يتورعون عن طعنه في الظهر والقلب.

فعلاً سعد الحريري “متخاذل”، حين يتعلق الأمر بالخيار بين مصلحته الشخصية والمصلحة العامة للناس.

ألم نره يهرب من رئاسة الوزراء مستقيلاً حين ارتفع أصوات “الثوار الكذبة”؟

فعلاً سعد الحريري “مفرّط”، حين يتعلق الأمر بمكاسبه السياسية والشخصية ولو على حساب مصلحة الوطن، ودائماً هو “أم الصبي” لا يتردد في التنازل لتفادي أزمة وطنية.

وفعلاً جداً سعد الحريري “تسووي” ومكتر، فهو أولاً وأخيراً ابن الرئيس الشهيد رفيق الحريري الذي أعاد إعمار بيروت ولبنان مثلما رعى اعادة بناء “التسوية الوطنية” الكبرى التي تمثلت بالطائف.

وهو الذي دخل “التسوية الرئاسية” بعدما أوصد سلاح القمصان السود أبواب البرلمان والبلد في وجه رئيس غير “جنرال الحروب الخاسرة المدمرة” ميشال عون.

وبعدما استحلى سمير جعجع “المنقوشة المسيحية” فأبدع نظرية “أوعا خيك” يأكلها كلها لوحده.

نعم سعد الحريري ضعيف ومتخاذل ومفرّط وتسووي بدليل أنه يهرب دائماً من الفتن والحروب الأهلية، وظل أميناً على إرث والده فكان حارس السلم وحامي الدولة المدنية والحالم بالازدهار للبلد.

ثم أنه واهم أيضاً. تشظى البلد جماعات وأهواء وظل متمسكاً بخيار وتيار وطني عابر للطوائف. لم يتردد في فك نزاعات وفي ربط نزاعات، من أجل حماية البلد.

شارك الجميع حتى في السياسة والرزق. هم اغتنوا وهو فقر. خانوه مراراً حتى ركبوا قانوناً للانتخابات على قياس أزقتهم الضيقة، التي اعتادوا خوض حروبهم الأهلية فيها.

أرادوا تحجيمه بأن يكون زعيماً سنيأً بينما أراد أن يكون سعد رفيق الحريري لكل هذا الوطن.

أعلن عزوفه وتياره عن السياسة التقليدية والانتخابات ترشحاً ودعماً، فاتهمه الحلفاء بأنه يخلي الساحة لـ”حزب الله”، وهي التهمة نفسها التي كانوا يتهمونه بها حين كان ينخرط.

لم يحرّم سعد رفيق الحريري خوض الانتخابات على أحد، وحتى من تياره لكن بشرط الخروج منه، ولم يدع الى الامتناع عن التصويت.

كان الموقف واضحاً: البلد أُدخل في حسابات أكبر منه ومن إمكان تغييرها بإنتخابات، لا بل إن هذه الانتخابات فقدت صبغتها الديموقراطية بالقانون الانتخابي، وصارت أشبه بماكينة تفقيس بيض للمنظومة الحاكمة.

ليس بالإمكان مواجهة صندوق الذخيرة ومخازن الصواريخ بصندوق الاقتراع، والحصص موزعة سلفاً وإن لم تربح المنظومة أكثر فانها بالتأكيد لن تخسر… فما العمل؟

ما دام “الحاصد” الانتخابي معروفاً فإن “حاصل” المقاطعة من شأنه وحده التقليل من شرعية المنظومة، في حين أي مشاركة، إعتراضاً وحياداً بالأبيض، سترسخ شرعية الدويلة الحاكمة للدولة.

لكن حين يسهل الكلام، ويصير تطاولاً على مقامات، تزدهر أسواق السوء ويسترزق صغار الكسبة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى