أخبار محلية

كتبت خدبجة البزال متى سوف ينتهي سن المراهقة عند دولتنا!! “الشراونة.. من الولادة إلى العلاقة بالمحيط والأمن فقد الحديث عن حي الشراونة بعلبك الكثير من الفضول الإعلامي، فلم يعد هذا الحديث صاعقة في سماء صافية، فالبلد بأكمله أصبح شراونة كبرى، بانفلات حبل الفوضى على غاربها، وتزايد الإشكالات المسلحة يوميا بين المواطنين على صغائر الأمور كالبنزين والزيت والخبز والسكر.

مع ذلك، يبقى السؤال كيف تحوّل الشراونة بعلبك إلى صداع أمني يحتل عناوين الإعلام المحلي والعالمي، ويشكو منه أهله قبل محيطه والدولة؟

وجاهة السؤال ليس من وطأة هذا الصداع حاليا فقط، أنما من قابليته للتمدد خارج دائرته وتفاقمه في داخلها، وكذلك إمكانية تحوّره أمنيا إلى حالة تستعصي على المعالجات المعهودة لاحقا وبأكلاف مقبولة، فالسيطرة النسبية على الحي من قبل الجيش، والضربات التي يوجهها بالتقسيط للعصابات، لا تشكّل حلا نهائيا، وقد تتفكك في حال تصاعد التوترات الشعبية على خلفية الأوضاع المعيشية المتفاقمة يوما بعد يوم.

الإجابة عن السؤال تحوّل الحي إلى صداع أمني، لا يُستوفى بالمعلومات الأمنية من قبيل عدد المطلوبين وهوياتهم،أو أنواع الجرائم وطرق ارتكابها وأساليب تخفيهم وفرارهم من وجه العدالة، أو عدد الحواجز الأمنية والمداهمات والدوريات وغيرها، فالإجابة تحتاج إلى أبعاد أخرى، تكشف عنها قصة الحي الذي بلغ عمره 63 عاما، وتناوب عليه جيلان من الجعافرة، في حين يتهيأ الجيل الثالث لتسلمه.

موقع الشراونة بعلبك

تقع منطقة الشراونة بعلبك عند مدخل مدينة بعلبك الشمالي، وتمسك بالطرقات التي تربط المدينة بالبقاع الشمالي. لا يمكن الحديث عن حدود رسمية له. فالحي في الدولة يمتلك شخصية عقارية وليس اعتبارية أو معنوية. غير أن المتعارف عليه حاليا، أنه يبدأ شمالا من تل الأبيض وينتهي جنوبا عند مستشفى الططري، ويحده غربا منطقة الكيّال وبلدة إيعات.

اختيار هذه المنطقة وإنشاء حي فيها، كانت من بنات أفكار الحاج صبحي أسعد جعفر وأعمامه على ما يقول أبو أسعد جعفر (احد وجهاء الجعافرة). ولم تكن لتدخل هذه الفكرة حيز التنفيذ في ظل دولة لديها أجهزة قادرة على تطبيق القانون. لكن مع انهيار مؤسسات الدولة في أحداث 1958 وانفلات حبل النظام وانتشار الفوضى آنذاك، انتعشت فرصة ولادة الحي وهي الفرصة ذاتها التي وُلد من رحمها حي الأورواعي في ضاحية بيروت الجنوبية.

سنتذاك قام آل جعفر بوضع أيديهم على عقارات أميرية وأخرى تعود لعائلات مسيحية (آل راشد وسركيس وغيرهم). وكان أول من شرع بالبناء على تلك الأراضي في منطقة الشراونة أولاد محمد جعفر، ثم كرّت سبّحة البناء لتشمل سائر أهالي بلدة دار الواسعة

ولادة الشراونة بعلبك

“في الخمسينيات من القرن الماضي، لم يكن في بلدتنا الجبلية دار الواسعة مدرسة.كان أهلنا مضطرون لتسجيل أولادهم في مدارس مدينة بعلبك، وكانت وسائل النقل (سيارات) شبه معدومة، فجرى استئجار غرف لهم في حي (بيت صلح). وفيما بعد، ولإبقاء الأهل مع أولادهم، راقت للبعض من أقاربنا فكرة بناء منازل لهم على أطراف المدينة في الحي المسمى بهذه الأيام بـ”الشراونة”.إلى هذه المحاذير هناك عوامل تعقّد من مشكلة الحي الأمنية. فلا يخفى في بلد لم تتورع طبقته السياسية وأحزابه عن إلقاء شعبها في أتون الجوع والفقر والعوز، أن تستخدم ملفا أمنيا مثل ملف الشراونة، وقودا في صراعاتها المستدامة. وقد صار معروفا، ومن دون أي مواربة، أن حسم قضية المطلوبين في منطقة بعلبك يتشابك مع ملفات العفو العام والتهريب بين سوريا ولبنان ودور الجيش، وهذه موصولة بسائر موضوعات الانقسام السياسي في البلد.

والمفارقة المحيّرة، أنه في وقت يشكو المجتمع اللبناني برمته من الخارجين على القانون وجرائمهم. عرضت شاشات التلفزة المحلية في السنتين الأخيرتين مسلسلين حصدا أعلى نسبة من المشاهدين، هما “الهيبة”، و”عشرين عشرين”. يحبّب المسلسلان المشاهد بشخصيات المهربين ورؤساء العصابات وتجّار المخدرات. ويظهران هذه الشخصيات (التي تشبه المطلوبين في الشراونة بعلبك) ،بأنها قريبة من الناس وصاحبة إيثار في تقديم الخدمات والمساعدات مما يكسبونه من الأفعال الجرمية.

والأنكى من كل هذا، لا تملك الدولة أي وسيلة ضغط ناعمة، لوضع أهالي الحي في مواجهة المطلوبين. مع أن حي الشراونة يبلغ تعداد سكانه بالآلاف، لم تدخله المدرسة الرسمية إلا في عام 2005، أي بعد مرور 47 عاما على تأسيسه. ونصيب أبنائه من الجعافرة في الوظائف الرسمية لا يتجاوز ال 60 موظفا. ولا وجود لأندية وملاعب رياضية أو مشاريع تعدّل من نظرة أبناء الحي إلى دولتهم.ويقتصر ما تقدمه بلدية بعلبك لهم، على جمع النفايات. أما تدبير شؤونه الذاتية فمتروكة لمبادرات فردية.

على هذا، في ظل الأوضاع المهترئة في طول البلاد وعرضها، يغدو تناول موضوع مطلوبي الشراونة أمرا ترفيهيا، لا بل خارج التاريخ،. فلا يمكن الحديث عن حل ل”عقوق” حي في ظل سياسات دولة طائشة. والدليل هذه “الشرونة” للبنان كله وتحويله إلى سدوم إجرامية تغص بالمطلوبين والخارجين عن القانون. الحيّ “العاق” أم الدولة “الطائشة”
“الشراونة”.. من الولادة إلى العلاقة بالمحيط والأمن المصدر مناطق نات

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى