تطبيع اقتصادي.. وتيرة متسارعة لزيارات رجال الأعمال الإسرائيليين إلى السعودية
تضاعف التبادل التجاري بين إسرائيل والإمارات والبحرين بعد “اتفاقيات إبراهيم” بأكثر من 5 مرات، حيث وصل إلى ما يقرب من مليار دولار في عام 2021، وأدى ذلك إلى تحفيز العلاقات الاقتصادية والتجارية بين إسرائيل والسعودية، أو بشكل أدق، بين رجال الأعمال والشركات من البلدين.
وبالرغم أن تطبيع العلاقات بين السعودية وإسرائيل قد يستغرق بعض الوقت، يبدو أن التطبيع الاقتصادي بدأ. ويتجلى ذلك في الصفقات الكبيرة الموقعة مؤخرًا، وفي زيارات رجال الأعمال الإسرائيليين إلى السعودية، وفي اتصالات متقدمة تتعلق باستثمارات رجال الأعمال السعوديين وأموال الاستثمار السعودية في إسرائيل.
وينتمي معظم رجال الأعمال الإسرائيليين الذين يزورون المملكة إلى شركات التكنولوجيا الإسرائيلية. وأصبحت زيارات رجال الأعمال الإسرائيليين ممكنة بعد إلغاء الحظر الشامل الذي كان موجودًا بصددهم في السعودية، وسهولة الحصول على تأشيرات خاصة.
وكما هو موضح، استغل العشرات من رجال الأعمال هذه الفرصة وزاروا الرياض (المركز الاقتصادي في السعودية) وكذلك أماكن أخرى مثل مدينة نيوم التي يتم بناؤها بالقرب من شواطئ البحر الأحمر.
وزار هذه المدينة رئيس الوزراء السابق “بنيامين نتنياهو” الذي التقى هناك مع ولي العهد الأمير “محمد بن سلمان” في نوفمبر/تشرين الثاني 2020، في اجتماع حضره أيضًا وزير الخارجية الأمريكي آنذاك “مايك بومبيو”.
وأسفرت هذه الزيارات عن بعض الصفقات، من بينها صفقة كبيرة تبلغ ملايين الدولارات في مجال زراعة الصحراء. وتحدث رجل أعمال إسرائيلي زار الرياض إلى موقع “مونيتور” شريطة عدم الكشف عن هويته قائلًا إن هذه المشاريع تشمل تكنولوجيا الماء الإسرائيلية التي تعد ضرورية لمناخ السعودية الصحراوي.
وأضاف أن القيادة السعودية تأمل في توسيع استخدام هذه التقنيات الإسرائيلية بشكل كبير كجزء من جهودها لتحقيق الأمن الغذائي.
ازدهار علاقات رجال الأعمال
هناك علامة أخرى على تعزز العلاقات بين السعودية وإسرائيل وتتمثل في الرحلة المباشرة من تل أبيب إلى الرياض والتي أقلعت في 31 مايو/أيار الماضي مع وجود رجال أعمال أمريكيين يهود على متن الطائرة الخاصة.
وقالت “نيريت أوفير”، الرئيسة التنفيذية لغرفة تجارة إسرائيل مع مجلس التعاون الخليجي، إن النقطة المثيرة للاهتمام هي أن القطاع الخاص على كلا الجانبين هو الذي يدفع العلاقات بسرعة إلى الأمام.
وقال مسؤول سعودي كبير لموقع “مونيتور” بشرط عدم الكشف عن هويته إن هناك زيادة في عدد طلبات رجال الأعمال السعوديين لتأشيرات دخول الإسرائيليين، وأن الاهتمام والتعطش للمعرفة بالتقنيات الإسرائيلية ينمو بسرعة.
وأوضح أن الاجتماعات بين رجال الأعمال من كلا الجانبين تحدث أيضًا في دبي وأبوظبي والمنامة. وأردف: “يتناسب هذا التواصل مع الخطط والإصلاحات الكبيرة التي قدمها ولي العهد”.
وقبل “اتفاقيات إبراهيم”، كانت هذه العلاقات التجارية تحدث خلف الكواليس حيث كان يجري معظمها من خلال الشركات المسجلة لدى أوروبا أو البلدان الأخرى.
استثمار في الشركات الإسرائيلية
حدثت خطوة أخرى مهمة في الأسابيع الأخيرة وهي استثمار السعودية ملياري دولار في صندوق الأسهم الخاصة الذي أنشأه “جاريد كوشنر”؛ صهر “دونالد ترامب” والذي كان مبعوثه إلى المنطقة.
ويعتزم الصندوق – الذي تبلغ قيمته الإجمالية 3 مليارات دولار – الاستثمار في الشركات الإسرائيلية في مختلف مجالات التكنولوجيا المتقدمة.
وليست هذه المرة الأولى التي تستثمر فيها السعودية في الشركات الإسرائيلية، فمن خلال صندوق استثمار يديره مسؤول سابق آخر في إدارة “ترامب” – وهو “ستيفن منوشين” – استثمرت المملكة في الشركات الناشئة الإسرائيلية التي تعمل في الولايات المتحدة بما في ذلك الشركات الإلكترونية “زيميبيريم” و”سايبرريزون”.
ويعتبر الجانبان أن العلاقات بين الشركات السيبرانية مهمة للبلدين بسبب عدوهما المشترك إيران. وأشارت تقارير سابقة إلى أن السعودية اشترت أنظمة تجسس إسرائيلية ابما في ذلك برنامج “بيجاسوس”.
وخلقت المصلحة المشتركة الأساس اللازم للتعاون أيضا في المجالات الأخرى مما عزز نفوذ إسرائيل الجيوسياسي لدرجة أن بعض التقارير قالت إن واشنطن طلبت مساعدة إسرائيل في جهودها للحد من أسعار النفط العالمية.
ووصل اثنان من كبار مستشاري الرئيس “بايدن” هذا الأسبوع إلى الرياض وهما “عاموس هوشتاين” و”بريت ماكجورك” من أجل إقناع السعودية بزيادة إنتاج النفط. ووفقًا للمصادر الأمريكية، فإن العلاقات الاقتصادية والتجارية مع إسرائيل على أجندة المحادثات.
وبخلاف التطور في العلاقات الاقتصادية، يسجل المشهد الدبلوماسي أيضًا بعض التغييرات في اتجاه التقارب. وأفادت التقارير هذا الأسبوع أن الولايات المتحدة توسطت بين إسرائيل والسعودية ومصر لاستكمال عملية نقل جزر “تيران” و”صنافير” إلى السيادة السعودية.
وتحاول الولايات المتحدة إنشاء محور دبلوماسي أمني في المنطقة يشمل السعودية وإسرائيل، وذلك قبل زيارة “جو بايدن” المتوقعة إلى إسرائيل في نهاية يونيو/حزيران.
المصدر | داني زاكين | المونيتور