في عالم ما بعد سليماني.. إيران تركز على الصواريخ والمسيرات
تعمل إيران، حاليا، على تعزيز “وسائل ردعها” المعتمدة على القوة العسكرية، بشكل أكبر من “القوة الناعمة” التي كان “قاسم سليماني” يستخدمها للسيطرة على أجزاء من الشرق الأوسط، قبل اغتياله في غارة أمريكية بداية عام 2020، حسب تحليل لمجلة “National Interest” الأمريكية.
وأشار التحليل، الذي كتبه الباحث الإيراني “حسين رضائي”، وهو باحث زائر أقدم في معهد البحث العلمي ودراسات الشرق الأوسط (CMESS)، إلى أن الأمثلة التي تدعم هذه النتيجة كثيرة، بما في ذلك تعيين رئيس الوزراء العراقي “مصطفى الكاظمي”، الذي اعتبر إشارة لفقدان طهران نفوذها المباشر ودورها في تعيين رئيس الوزراء العراقي لأول مرة منذ 14 عاما.
وحدث الشيء نفسه، بحسب “رضائي”، خلال الانتخابات البرلمانية العراقية الخامسة في أكتوبر/تشرين الأول 2021، عندما فاز الفصيل الشيعي بزعامة “مقتدى الصدر”، الذي يعارض إيران، بمقاعد في البرلمان أكثر من أي حزب سياسي آخر.
وعلاوة على ذلك، خسر “حزب الله”، الحليف المقرب لإيران، الانتخابات البرلمانية اللبنانية في مايو/أيار 2022.
كما إن هناك عاملا آخر، بحسب المقال، هو تزايد التوتر بين إيران وإسرائيل، بعد أن ركزت استراتيجية إسرائيل الجديدة، بشكل أساس على تصعيد الاغتيالات والأعمال العسكرية الصغيرة ولكن الفعالة على الأراضي الإيرانية، مما قلل بشكل كبير من مصداقية الردع الإيراني.
وتقول المجلة إن استراتيجية إسرائيل، التي من المقرر أن تبدأ عملها حتى عام 2024، تنفيذ عمليات داخل إيران، تتألف من سلسلة طويلة من الهجمات منخفضة المستوى لتغيير حالة الميدان دون إثارة رد فعل جاد.
وتنطبق هذه الاستراتيجية أيضا على الهجمات السيبرانية.
معضلة متعددة الأضلاع
وتهدف مثل هذه الاستراتيجيات، وفقا للمجلة، إلى وضع إيران في معضلة متعددة الأضلاع؛ بحجة أنه إذا كانت إيران غير قادرة على الرد بفعالية على جميع الاغتيالات، والهجمات العسكرية منخفضة المستوى، وأعمال التخريب الصغيرة، ولكن الفعالة، فإنها ستفقد تدريجيا موقعها الاستراتيجي ومصداقيتها في الردع.
ويقول الكاتب: “لأن إيران قد تفقد قريبا سيطرتها السياسية والعسكرية الكاملة على المحور المتأثر بنفوذ طهران في الشرق الأوسط فيما تحتفظ إسرائيل بالقدرة على توجيه ضربة وقائية، قررت طهران أن تنضم قوات آرتيش (القوات العسكرية التقليدية الإيرانية) إلى الحرس الثوري الإسلامي في تطوير برامج الصواريخ والمركبات الجوية غير المأهولة في البلاد”.
وبعد أسبوع واحد من اغتيال “حسن صياد خدائي”، القائد في فيلق القدس، في طهران، وبعد أربعة أيام من غارة بطائرة بدون طيار على مجمع بارشين العسكري في 25 مايو، كشفت إيران النقاب عن قاعدة سرية للطائرات بدون طيار تحت الأرض تسمى قاعدة 313 أرتيش في حفل حضره القادة العامون للقوات المسلحة الإيرانية.
وخلال هذا الحدث غير المسبوق، قدمت القوات المسلحة الإيرانية عددا من الطائرات بدون طيار بما في ذلك Ababil-5 (المجهزة بصاروخ Gaem-9 الذي يعمل بشكل مشابه لصاروخ Hellfire الأمريكي، وKaman-22 المجهزة بصاروخ Haidar-1 بمدى 200 كم وسرعة 1000 كم في الساعة، وKarrar المجهزة بجيل جديد من صواريخ Shafaq.
وفوتروس التابعة لمنظمة صناعات الطيران الإيرانية المجهزة بقنابل ليزر غايم، وصواريخ الماس، ورأس حربي شديد الانفجار.
ويقول الكاتب إن إحدى نتائج هذه الاستراتيجية الإيرانية هي العدد المتزايد من المنصات المشتركة بين الحرس الثوري الإيراني والجيش.
صواريخ باليستية ومسيرات
ونقل التحليل ملاحظة للخبير الإيراني “عبد الرسول ديفسالار” قال فيها إن هناك تغييرا في اختيار أنظمة أسلحة الجيش الإيراني، مما يشير إلى تفضيل جديد للصواريخ الباليستية والطائرات بدون طيار لملء فراغ القوات الجوية الإيرانية القديمة والمتدهورة.
وخلال هذا الحفل، تم الكشف عن أكثر من 50 طائرة بدون طيار قتالية واستطلاعية وانتحارية (بما في ذلك كامان-22، مهاجر-6، مهاجر-4، مهاجر-2، رعد-85، أبارش، أبابيل-5، صادق، شاهد-136، ياسر).
ويقول إن منظومات الطائرات والصواريخ هذه تمثل دليلا على تحرك الجيش التدريجي نحو إثراء احتياطياته من الصواريخ والطائرات بدون طيار، وبالتالي، لعب دورا أكثر بروزا في هيكل الردع الإيراني.
ويختم الكاتب التحليل بالقول: “ينبغي أن يعزى هذا التحول في التوجه الاستراتيجي الإيراني إلى المعدل الدراماتيكي للتطورات الإقليمية التي أثارت المخاوف في طهران. وهذا يعني أن النخب العسكرية الإيرانية متشائمة بشأن ضربة استباقية إسرائيلية ومستقبل القوات الوكيلة في محور المقاومة، والتي قد يعتقدون أنها لا يمكن الاعتماد عليها للردع على المدى الطويل”.
المصدر | National Interest