مقالات

الشجر والبشر . كتب فضيلة الشيخ مجدي نعيم من سورية .

*خاص * Bawwababaalbeck


قال تعالى في محكم تنزيله أعوذ بالله من الشيطان الرجيم بسم الله الرحمن الرحيم : ( وَالتِّينِ وَالزَّيْتُونِ وَطُورِ سِينِينَ وَهَذَا الْبَلَدِ الْأَمِينِ لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ ثُمَّ رَدَدْنَاهُ أَسْفَلَ سَافِلِينَ إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فَلَهُمْ أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُونٍ فَمَا يُكَذِّبُكَ بَعْدُ بِالدِّينِ أَلَيْسَ اللَّهُ بِأَحْكَمِ الْحَاكِمِينَ ) سورة ٩٥- صدق الله العظيم
يؤسفني عندما نفقد شبابا بعمر الزهور خلال عمليات الاحتطاب الجائر للأحراش ، صحيح بأن الإنسان وصحته أهم من الغابات والاحراش والاشجار ،أتقدم بأحر التعازي القلبية لذوي الشابين الذين قتلا في أحراش اللجاة،
وهنا لا بد من الاشاره الى الأهل الصابرين…بضرورة الوعي إلى مخاطر هذه الظاهرة الشديدة الخطورة التي تهدف الى التصحر ، وتدمير الغطاء النباتي ، وفقدان المياه ، وخلل التوازن البيئي ، وعدم هطول الأمطار لأنه كما قال أجدادنا ( الشجر يجلب المطر ). وعند غياب المطر والماء في منطقة شبه عطشى ماذا ستكون عليه الامور مستقبلاً ..
لا شك أن الهجره ستكون أول نتائج هذا العمل الغير المسؤول الذي يقوم به البعض سعياً وراء أرباح مالية بسيطة لاتكفي لرد الجوع والعوز والفاقة ، وتحول هؤلاء الشباب اليافعين إلى أداة بيد تجار وحيتان تجارة الأخشاب ، ومافيات المال والفساد …لقد تعرض أهلنا عبر تاريخهم الى سنوات عجاف أكثر قسوة وصعوبة ، ومروا بأوضاع معاشية واقتصادية بغاية الصعوبة ، لاسيما خلال سنوات حرب السفر برلك زمن الأتراك والفرنسيين .. ولم يكن لديهم آنذاك لا مازوت ولا غاز ولا مواد مشتعلة صناعية ، وكانت جل اعمالهم وطبخهم وتدفئتهم على بقايا تشحيل اغصان الاشجار وتهذيبها مع ما تنتجه بقايا مواشيهم من ما كنا نسميه ب الجلة ، ولم يعتدي منهم على الأشجار بالقطع ، بل ورثونا هذه الاحراش والمحميات البيئة الطبيعية النادرة الوجود في العالم التي يجب علينا توريثها كأمانة للأجيال القادمة .
ولا نغفل أيضاً أن العثمانيين شاركوا في هذه الجريمة الكبرى ،وقاموا بتقطيع الأشجار وسرقتها الى الأناضول لصناعة الآثاث .حيث يروى بأن البادية السورية حتى مدينة الرقة كانت الاحراش تتزاحم فيه ولا ترى الطريق بسبب كثافتها …
وقامت داعش في محميات دير الزور لاسيما أشجار النخيل في الميادين باقتلاعها وبيعها بمئة دولار لكل شجرة قبيل سقوطهم قبيل انسحابهم من المناطق التي يسيطرون عليها ..وبهذا العمل البربري تم القضاء على عشرات الآلاف من أشجار النخيل الفاخرة التمور ، وتدمير المحميات الطبيعية في بادية دير الزور ..
كما تابع تنظيم داعش الإرهابية خلال سيطرته على بادية دير الزورهذه العملية الممنهجة للقضاء على الغطاء النباتي في البادية السورية .
سيقول قائل على الدولة تأمين المحروقات ومازوت التدفئة ، بسبب انخفاض درجات الحرارة في الجبل ، وانا معه في هذا الطلب المحق،لكن أن لايقترن ذلك في الإعتداء على الاحراش وقطع أشجار السنديان والبلوط والسرو والصنوبر التي يتجاوز عمر بعضها مئات السنوات ،وإن كل من يحاول تبرير ذلك وشرعنته دينياً أو اجتماعياً يرتكب خطأ تاريخياً بحق مجتمعنا وعاداتنا وتقاليدنا ، وهنا اتوجه بالرجاء الشديد للهيئات الاجتماعية ومرجعيتنا الروحية لاسيما مشيخة العقل بتوجيه شبابنا للحفاظ على هذه الاحراش ، والحفاظ على حياة شبابنا وسلامتهم .
وفي الختام الرحمة لارواح الشابين اللذين كانا ضحية لهذه الاعمال ، وكان الله مع ذويهما في هذا المصاب الأليم ،سائلًا المولى عز وجل أن لاتتكرر هذه الحوادث المؤسفة .
والله من وراء القصد
الفقير لله مجدي نعيم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى