تجمع العلماء المسلمين يحتفل بولادة الرسول الأكرم (ص) وحفيده الإمام جعفر الصادق (ع)
بمناسبة ولادة الرسول الأكرم محمد صلى الله عليه وآله وسلم وحفيده الإمام جعفر الصادق عليه السلام وأسبوع الوحدة الإسلامية، أقام تجمع العلماء المسلمين في لبنان احتفالاً بهذه المناسبة في قاعة الوحدة الإسلامية في مركزه الكائن في حارة حريك حضره القائم بأعمال سفارة الجمهورية الإسلامية الإيرانية السيد حسن خليلي، ممثل المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى السيد حسن حسن، ممثل حركة أمل الشيخ حسن المصري، رئيس جامعة المصطفى في لبنان الشيخ الدكتور محمد حسين مهدوي مهر، مندوب مكتب السيد القائد في دمشق الشيخ النخعي ، الدكتور نادر بركان ممثل حركة الناصريين المستقلين المرابطون، الأستاذ شكيب العينة ممثل حركة الجهاد الإسلامي، الدكتور مصطفى اللداوي ممثل الاتحاد العالمي لعلماء المقاومة، ممثل من سفارة فلسطين وعدد كبير من العلماء من السنة والشيعة وشخصيات سياسية ودينية .
قدم الحفل أمين سر التجمع الشيخ إبراهيم بريدي، وتلاوة مباركة من القرآن الكريم لفضيلة الشيخ أسامة الرفاعي، وتكلم في الحفل نائب أمين عام حزب الله سماحة الشيخ نعيم قاسم وعضو مجلس الأمناء في التجمع سماحة الشيخ مصطفى ملص.
كلمة سماحة الشيخ نعيم قاسم:
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الخلق مولانا وحبيبنا وقائدنا أبي القاسم محمد وعلى آله بيته الطيبين الطاهرين وصحبه الأخيار المنتجبين، السلام على السادة العلماء والحضور الكريم ورحمة الله وبركاته.
مباركاً لكم وللأمة الإسلامية جمعاء بل للبشرية قاطبة ولادة النبي الأكرم محمد صلى الله عليه وآله وسلم هذا النبي الذي شع نوره في حياة البشرية وأعطاها الحياة الحقيقية، فمولد النبي نور وحياة، ونحن عندما نجتمع لنحي هذه الذكرى بحضور ثلة مؤمنة مخلصة من علماء المسلمين من السنة والشيعة في إطار تجمع العلماء المسلمين إنما نعطي تعبيراً حقيقياً عن الوحدة التي أرادها الله ورسوله، وتجسد حقيقة إيماننا بأن هذه الوحدة لا بد أن تكون عملية، وهي الطريق الحصري للتوفيق والانتصار، وهذا ما رأيناه في مجالات حياتنا المختلفة، أود أن أعبر عن فخري واعتزازي بتجمع العلماء المسلمين الذي أضاء في سماء العالم الإسلامي بوحدته وعطاءاته ونموذجه الذي يجب أن يحُتذى لنكون محتفين حقيقةً بولادة النبي الأكرم محمد صلى الله عليه وآله وسلم قولاً وعملاً، كما نبارك ولادة حفيده الإمام جعفر الصادق سلام الله تعالى عليه في هذا التاريخ. مع ولادة النبي ولد النور ومع النور حققنا الحياة الحقيقية بل تمت حياة الأمة والبشرية والعالم بسيد الأنبياء والرسل سيد البشرية جمعاء محمد صلى الله عليه وسلم قال تعالى:” يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اسْتَجِيبُواْ لِلّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُم لِمَا يُحْيِيكُمْ وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ وَأَنَّهُ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ * وَاتَّقُواْ فِتْنَةً لاَّ تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُواْ مِنكُمْ خَآصَّةً وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ * وَاذْكُرُواْ إِذْ أَنتُمْ قَلِيلٌ مُّسْتَضْعَفُونَ فِي الأَرْضِ تَخَافُونَ أَن يَتَخَطَّفَكُمُ النَّاسُ فَآوَاكُمْ وَأَيَّدَكُم بِنَصْرِهِ وَرَزَقَكُم مِّنَ الطَّيِّبَاتِ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ”، الشكر لله تعالى.
بالفعل شعرنا أننا عشنا الحياة الحقيقية بنور محمد بإحياء الله تعالى لأنفسنا على حبه وطاعته والسير على نهجه، في كل مسيرتنا كنا نرى دائماً التوفيق والانتصارات والعزة والمِنعة لأننا أقتدينا بنهجه، كنا قليل وكنا مستضعفين وكنا فقراء، وكنا عاجزين قَوانا ذكر محمد والسير على طريق محمد والإيمان بمحمد والسير على هذا النهج العظيم الذي هو دين الإسلام الذي يفتح الآفاق نحو الحياة العزيزة والكريمة والفاضلة والأخلاقية والإنسانية، والتي نربح معها الدنيا والآخرة، وقد انكشف أهل الفتنة الذين حاولوا أن يضروا مسيرة الحق ومسيرة نبينا الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم الآن فلم تنجح فتنتهم لأننا كنا موحدين، ولأننا عرفنا الطريق الصحيح، إمامنا الخميني قدس الله روحه الشريفة قال:” إننا اليوم مكلفون أياً كان الزي الذي نرتديه أو العمل الذي نمارسه بتجنب اختلاف الكلمة والحرص على الوحدة الإسلامية التي يوصي بها الكتاب والسنة على الدوام، وأن نجعل كلمة الحق هي العليا وكلمة الباطل هي السفلى”، وإمامنا الخامنائي دام ظله يقول: “لقد قلنا سابقا إن ملتقى المسلمين هو وجود النبي المبارك صلى الله عليه وآله وسلم، وإذا كان هناك حقيقة يقر بها المسلمون ويذعنون لها ويجتمعون حولها بفرقهم ومذاهبهم، وعقائدهم المختلفة، فإن هذه الحقيقة هي الوجود المقدس لخاتم الأنبياء”، فهنا لا يبقى معنى للفوارق السنية والشيعية والفرق المختلفة والاعتدال والتوسط والتطرف وأمثالها، فالجميع متفقون ومتحدون بقلوبهم وأرواحهم بشأن هذا المركز وهذا المحور وهذا القطب العقائدي والإلهي والإسلامي، نعمة كبرى تستحق الشكر الدائم الذي لا ينتهي ببركة إرسال النبي محمد صل الله عليه وآله وسلم ليحي البشرية وينقذ البشرية. هنا برز أصحاب الفتن الذين فسروا بأهوائهم وقناعاتهم وحرفوا الإسلام عن مساره وعن حقيقته، فبدؤوا بالتكفير لجذب الناس إلى طاعة الله كما يدعون، ألم تسمعوا قول الله لا إكراه بالدين؟ ألم تسمعوا قول الله تعالى “وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ” من أنتم حتى تلزموا الناس على طاعة الله لم يلزمهم ربهم الذي خلقهم على طاعته، دعوهم يتحملوا مسؤوليتهم، ولكنهم بدأوا يكفرون من هنا وهناك، كفروا المسلمين وكفروا الناس وبدأوا يقتلون ويعبثون في الأرض بفتنة عمياء طخياء تحت عنوان أنهم يعملون للإسلام، والإسلام منهم براء، هذه الفتنة التكفيرية هي لضرب الإسلام والمسلمين من داخلهم بعد أن عجزوا عن ضرب الإسلام والمسلمين بأيادي الاستكبار، هؤلاء التكفيريون هم جزء لا يتجزأ من مشروع الاستكبار العالمي بضرب وحدة الأمة، رأيناهم كيف اجتمعوا من ثمانين دولة في العالم في العراق وسوريا وعلى أطراف لبنان بدعم مفتوح ومخابرات مستمرة وأسلحة لا وجود لها في منطقتنا من أجل أن يخربوا علينا ومن أجل أن يدمروا أوطاننا وأن يعطوا مكاسب للعدو الإسرائيلي بالعبث والفتنة تحت شعار الإسلام، ولكنهم انكشفوا، الحمد لله أننا استطعنا بوحدتنا، بالتزامنا، بإتباع هذا الدين الحنيف أن نكشف الباطل وأن نعز ونعتز بالحق .
هذه المقاومة التي كانت عنوان من عناوين الوحدة الإسلامية حيث جمعت المقاومين على امتداد هذه الساحة في فلسطين وسوريا ولبنان والعراق وإيران واليمن، وكل هذه الدول هي مقاومة تنطق بلغة واحدة لغة التحرير في سبيل الله تعالى، هي مقاومة لا تعرف انتماء مذهبياً ولا طائفياً ولا مناطقياً ولا عرقياً، هي تعرف انتماءً واحداً، انتماؤها إلى ربها، إلى نبيها، إلى إيمانها والتزامها، إلى الارتباط بالرسل والحق ولذا نجحت واستطاعت أن تكشف الآخرين، لقد نجحت المقاومة في تقديم الصورة المشرقة عن الإسلام، ففضحت المدعين له وفضحت السلاطين الذين انكشف زيفهم بمخالفاتهم لبداهيات أحكام الإسلام ومنها الرحمة والوحدة، نجاحات المقاومة في أدائها وتضحياتها وتضحيات المؤمنين المجاهدين والمؤمنات المجاهدات وانتصاراتها أحدث زلزالاً عند أمريكا وإسرائيل وعند أتباعهما، وكشف حقيقة أمريكا الظالمة والمجرمة والمعتدية والداعمة للاحتلال الإسرائيلي على حساب أهل الأرض.
منذ البداية أعلنا بوصلتنا تحرير فلسطين، مقاومتنا حول الموقف الموحد لإعادة الأرض السليبة إلى أهلها وأصحابها، وهذه البوصلة هي التي تتضمن كل المعاني الشريفة والسامية والعظيمة، بوصلة فلسطين تتضمن الوحدة والمقاومة والتحرير والعزة، تتضمن أشرف عناوين يمكن أن يحملها إنسان على وجه الأرض والحمد لله استطعنا أن نحقق نجاحات كثيرة لنثبت في الميدان أن إيماننا بالله تعالى وإيماننا بنبينا محمد صلى الله عليه وآله وسلم وجهادنا في سبيل الله تعالى ومقاومتنا الشريفة غير المأجورة وغير المنقادة لسياسات الآخرين هي التي بإمكانها أن تعيد لنا كل شيء، تعيد الأرض والبحر والنفط والغاز، والأهم تعيد الكرامة والعزة والاستقلال ورؤوسنا شامخة بمجاهدينا وأبطالنا وشهدائنا وسنبقى كذلك حتى النصر الكامل إن شاء الله تعالى، لن ينسى اللبنانيون أن أميركا حمت استمرار إسرائيل العدو الغاصب والمجرم والعدواني في منطقتنا، لن ينسى اللبنانيون أن أمريكا هي التي أمرت وسهلت لاحتلال لبنان، ولولا المقاومة والجيش والشعب لمَا تحرر هذا البلد، ولولا المقاومة لمَا تحررت غزة ولولا المقاومة لمَا كنا في الموقع المؤثر والهادف في هذا الزمن، لن ينسى اللبنانيون أن أمريكا عاقبت كل الشعب اللبناني وأنهكت اقتصاده وحرمته من كهرباء الأردن ومصر وكل مدد كهربائي ودعمت منظمات إثارة الفوضى وزادت من الانهيارات الموجودة في لبنان، لن ينسى اللبنانيون أن رؤوس الفساد في لبنان وقادة الإجرام في لبنان والمعيقين لنهضة هذا البلد بحجج مختلفة يأخذون توجيهاتهم من السفارة الأمريكية ويحصلون على حمايتهم من خلال هذا الترويج العالمي الذي تقوم به أمريكا، هل تظنون أننا لا نرى؟ وهل تظنون أن اللبنانيين لا يعلمون؟ أغلب ما حصل في بلدنا من تعقيدات وصعوبات ومرارات اقتصادية ومالية هي بسبب أمريكا. الآن بحمد الله تعالى استطعنا أن نحقق إنجازاً عظيماً وكبيراً هو ترسيم الحدود البحرية لاستخراج النفط والغاز من أرضنا اللبنانية، عندما يتم التوقيع إن شاء الله، هذا إنجاز عظيم، أعجبكم هذا التوصيف أم لم يعجبكم الشمس ساطعة والإنجاز أمامكم والحفر يبدأ بعد حين ونستخرج بعد فترة من الزمن، قال قائلهم وما هي الضمانات إذا نجحتم الآن؟ قلت له عقولنا في رؤوسنا وبأيدينا أسلحتنا هذه هي الضمانة، وإن شاء الله سنكون دائماً جاهزين وحاضرين لنحمي حقوقنا، المقاومة التي حققت مع الدولة هذا الثبات والقوة والعزة حققت إنجازاً كبيراً، هذا الإنجاز هو إنجاز وطني ليس انجازاً لطائفة ولا لجهة ولا لجماعة، لولا تكامل موقف الدولة مع المقاومة وموقف المقاومة مع الدولة لما أمكننا أن نصل إلى هذه النتيجة المهمة على كل حال، ما حصل هو نموذج عملي عن الإستراتيجية الدفاعية التي نراها مناسبة في التنسيق بين المقاومة والدولة، أخبرونا إذا كان لديكم إستراتيجية أخرى تعيد الأرض وتعيد البحر وتعيد النفط، نحن قدمنا تجربتنا في تحرير الأرض في جنوب لبنان والآن قدمنا تجربتنا في تحرير النفط من بحر لبنان فما الذي تملكونه حتى نستعيد سيادتنا واستقلالنا؟ يا بعض المدعين للسيادة الذين لا نسمع منهم إلا الخطب الرنانة، ولكن لا نرى منهم شيئاً، نحن اليوم في موقف عظيم يجب أن نفرح به وأن نفتخر به حتى ولو لم يعجب البعض، لقد قلنا منذ البداية والآن أكرر لا علاقة لنا كحزب الله بمناقشة الحدود البحرية والمساحات، وإنما هي مسؤولية الدولة أن تعلن حدودها وأن تقرر الموافقة على استعادتها، وقد أعلن لبنان بلسان فخامة الرئيس أن حدودنا قد حصلنا عليها من خلال التفاهم غير المباشر مع الكيان الإسرائيلي، من هنا أصبحنا معنيين بالمرحلة الثانية والمرحلة الثانية هي المحافظة على هذا الإنجاز وحماية هذا الإنجاز من عدوانين، عدوان العدو وعدوان المفسدين وسراق المال العام، وإن شاء الله سنعمل لكل ما من شأنه أن نحقق إقرار صندوق سيادي وإقرار ما يتناسب مع حماية الثروة لمصلحة اللبنانيين، وأن نتبع كل الإجراءات التي تحمي من السراق الدوليين والسراق المحليين ومن الفساد والمفسدين. تبقى نقطة أخيرة نحن مقبلون على انتخاب رئيس للجمهورية ولكن تشكيلة المجلس النيابي الحالي موزعة بشكل كبير بالحد الأدنى إلى خمس أو ست تجمعات وكتل وبالتالي لا يمكن لأي مجموعة أن تنجز الموافقة على رئيس من دون التعاون مع المجموعات الأخرى، نحن عندما نعلن ضرورة الاتفاق وضرورة النقاش من أجل التفاهم على رئيس إنما نقترح حلا، بينما بعض من يرفض ويريد أن يفرض رئيساً كما يريد وهو يعلم أنه أعجز من أن يفرض ذلك لأنه يعتقد أن أي اتفاق لا يمكن أن يحصل معه، لأن هؤلاء أخرجوا أنفسهم من دائرة المصلحة الوطنية، فكيف يمكن أن يتفاهموا مع من يريدون المصلحة الوطنية؟ المشكلة لديهم وليست لدينا؟ والآن بكل وضوح حتى يفهم الشعب اللبناني بشكل واضح، في المجلس النيابي لا يوجد موالاة ومعارضة لأن هذا المجلس جديد لم تتشكل بعد لا رئاسة الجمهورية الجديدة ولا الحكومة الجديدة حتى نقول موالاة ومعارضة فإذا كانت فكرة وكلمة معارضة جذابة في فترة سابقة الآن لا معنى لها الكل في مسرح واحد والكل يتحمل مسؤوليته بالتساوي وبالتالي سنرى من يستطيع أن يمد يده إلى الآخرين ليتفاهم على رئيس يتناسب مع المرحلة القادمة، لا بد من إرسال التحية الكبيرة للشهداء الذين قدَّموا في مسيرة المقاومة وكانوا نوراً على نور وكانوا سبباً من أسباب ترسيخ هذه الوحدة، وإن شاء الله ببركة اجتماعكم ولقائكم واستمراركم على هذا المنهج الوحدوي سننتقل من انتصار إلى انتصار، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
كلمة سماحة الشيخ مصطفى ملص:
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف المرسلين سيدنا محمد وعلى آله وصحبه ومن اتبع سبيله بإحسان إلى يوم الدين
سماحة العلامة الشيخ نعيم قاسم نائب الأمين العام لحزب الله حفظكم المولى
أصحاب السماحة أعضاء مجلس الأمناء في تجمع العلماء المسلمين
أصحاب السماحة أعضاء الهيئة الإدارية والسادة العلماء أعضاء المجلس المركزي، والهيئة العامة في تجمع العلماء المسلمين في لبنان
السادة الضيوف الأفاضل كلٌ باسمه وصفته المحببة إلى قلبه، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..
نلتقي في ذكرى مولد المصطفى صلى الله عليه وآله، وبمناسبة أسبوع الوحدة الإسلامية، في بيت العلماء في مقر هذا التجمع المبارك تجمع العلماء المسلمين، لنحتفي بالمناسبتين معاً، هاتين المناسبتين اللتان ولدت أحداهما من رحم الأخرى، بفضل اجتهاد مبارك من سماحة قائد ومفجر الثورة الإسلامية المباركة، سماحة الإمام روح الله الخميني (قدس الله سره) هذا الاجتهاد الذي حول نقطتي خلاف إلى نقطة وحدة وإلتقاء، فكان أسبوع الوحدة الإسلامية بين الثاني عشر والسابع عشر من ربيع الأول توفيقاً إلهياً أرسى مدرسة في الفهم الوحدوي الذي يجمع ولا يفرق ويحول التعدد والتنوع إلى تقارب وتكامل، هذا الفهم الذي يحضنا والأمة بأسرها على تقصي كل ما يحقق وحدة صفها ونبذ كل ما يفرق هذا الصف ونحن نفتخر بأن تجمع العلماء المسلمين في لبنان هو وجه من وجوه وتجلٍ من تجليات هذه المدرسة المباركة، ولقد جعلنا للتجمع غايتان أساسيتان، الأولى هي السعي لتحقيق الوحدة الإسلامية.
والثانية تحرير فلسطين وكل أرضٍ احتلها العدو المتغطرس، وما زلنا نسعى منذ تأسيس التجمع لتحقيق هاتين الغايتين اللتان تشكلان في مفهومنا تكليفاً شرعياً وفريضة واجبة لا يصح التهاون في أمرهما، ومن هذا المنطلق كان وقوفنا مع الجمهورية الإسلامية في إيران وتعاوننا معها والإنضواء تحت راية الولي الفقيه دام حفظه، باعتباره يمثل طليعة العاملين في سبيل تحقيق وحدة الأمة والدفاع عن قضاياها المحقة، ومن هذا المنطلق أيضاً كان انخراط تجمعنا، تجمع العلماء المسلمين في مسيرة المقاومة الإسلامية، دعماً ومؤازرة وجهاداً.
إننا في تجمع العلماء المسلمين في لبنان نعتبر أنفسنا فصيلاً من فصائل المقاومة الإسلامية، ورافداً من روافدها، وهي المعبرة عن مواقفنا وفهمنا للصراع مع العدو الصهيوني والقوى الدولية المستكبرة التي تقف خلف هذا العدو وتدعمه في المحافل الدولية، كما تدعمه بالمال والسلاح إن القوى الدولية المعادية لأمتنا وطموحاتها في الحرية والعزة والمنعة، قد وضعت نفسها في المواجهة المباشرة مع أمتنا الإسلامية، لتحقيق غايات كانت توكلُ مهماتها في السابق للعدو الصهيوني ولبعض القوى المحلية الخفية، فلما أدركت أن هؤلاء عجزوا عن تحقيق تلك الغايات، كشفت عن وجهها، وأعلنت عداءها السافر لأمتنا، وصارت تدعم بشكل علني الجماعات التي تسعى لتفريق الصف وضرب الوحدة الإسلامية من التكفيريين والإرهابيين الذين استولدوا من جديد كل الممارسات التكفيرية الإجرامية التي فرقت الأمة تاريخياً، وبالإضافة إلى ذلك نزلت القوى الدولية بجيوشها واحتلت البلاد الإسلامية بأشكال مختلفة، لذلك نحن نعتبر أن مواجهة هذه القوى وتحرير بلاد المسلمين واجب وتكليف شرعي أيضاً نقف فيه مع مقاومتنا الإسلامية العزيزة.
أيها السادة الأعزاء نحن في مسيرتنا في هذه الحياة من أجل العزة والكرامة لنا قدوة واحدة كمسلمين، هذه القدوة هو محمد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إذ يقول ربنا عز وجل:” لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا”
فمحمد صلى الله عليه وآله وسلم الذي نحتفل بذكرى ولادته هو أسوتنا وقدوتنا في الطاعة والعبادة كما هو أسوتنا وقدوتنا في الجهاد والصبر والتضحية والوقوف ضد الظلم والعدوان ومواجهة الطغاة والمفسدين في الأرض، هذا النهج الذي سار عليه خيار الصحابة وسار عليه الأئمة الأطهار وضربوا لنا فيه المثال على الصدق مع الله ورسوله وعلى بذل الأرواح من أجل غايات الإسلام النبيلة.
كل عام وأنتم بخير والتهنئة للأمة بأسرها بهذه المناسبة العزيزة وليخسأ المضيقون على الناس من أهل الضلال من التكفيريين ومن المعتدين الظالمين، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.