مقالات

السلطة تحد السلطة..

بقلم د. خالد المقداد *خاص * بوابة بعلبك

“السلطة المطلقة مفسدة مطلقة”، ولذلك رأى الفقيه مونتسكيو بضرورة توزيع سلطات الدولة بين؛ سلطة تشريعية تتولى مهمة سن القوانين، وسلطة تنفيذية تتولى وضع تلك القوانين موضع التطبيق العملي، وسلطة قضائية تتولى فصل المنازعات..
وفي ضوء ذلك، تم تبني مبدأ “السلطة تحد السلطة”، وهو يعني أن تتولى كل سلطة مهمة الرقابة على السلطة الأخرى، فمثلا” تستطيع السلطة التنفيذية حل السلطة التشريعية “الممثلة بالبرلمان”، وذلك لتمنع هذا الأخير من الاستبداد والتطرف بالقوانين التي يتولى مهمة سنها.
وفي المقابل، تمتلك السلطة التشريعية مجموعة أدوات رقابية تستخدمها للتأكد من التزام السلطة التنفيذية الممثلة بالحكومة بمبدأ المشروعية، والذي يعني تطابق جميع الأعمال الحكومية مع النصوص القانونية.
وهذه الوسائل تتمثل بالآتي:
1- السؤال: وهو حق كل نائب في البرلمان في توجيه الأسئلة الشفهية والخطية للوزير المختص.
2- طرح موضوع عام للمناقشة: وهو أن يتولى عدد من النواب طرح موضوع ذا أهمية لمجموع الشعب أو لمنطقة معينة، بغية التعرف على المشكلات والحلول المناسبة التي تضعها الحكومة لمواجهة هذه المشكلات وحلها.
3- لجان التحقيق: وهي تعني قدرة البرلمان على تشكيل لجنة تحقيق من أعضائه، تتولى مهمة التحقيق في موضوع معين، بغية الكشف عن الحقيقة، وتزويد البرلمان بنتائج عملها، ليتخذ الإجراء المناسب.
4- الاستجواب: وهو اتهام ضمني أو صريح للوزير المختص أو لرئيس الحكومة، بارتكابه مخالفات قانونية أو تبنيه إجراءات غير مجدية، أو ثبت فشلها أو عدم ملاءمتها للواقع، أو ترتب عليها نتائج سلبية.
5- حجب الثقة: وهو ما سنسميه آخر الدواء الكي، بعد التأكد من عدم نجاح السياسة الحكومية، أو فشلها في إيجاد الحلول للمشكلات التي يعاني منها الشعب، يلجأ البرلمان إلى تقرير المسؤولية السياسية للحكومة، أي عزلها وتولي حكومة جديدة المهمة نيابة عنها.
وهذا يعني أن البرلمان يمتلك من الوسائل الرقابية ما يسمح له بإلزام الحكومة بتبني السياسة التي يرتئيها، وإذا ما عارضت الحكومة ذلك، فللبرلمان بسط رقابته عليها بكل فاعلية، حتى ولو وصل الأمر إلى عزلها من موقعها.
ولكي تحقق الرقابة البرلمانية فاعليتها المرجوة، يجب أن يتولاها برلمانيين مؤهلين سياسيا” وقانونيا” لهذا العمل المقدس..
ففاعلية الرقابة البرلمانية لا تحتاج إلى النصوص الدستورية التي تتضمن أدوات الرقابة فقط، بل تحتاج أيضا” إلى البرلماني القادر على استعمال هذه النصوص بصورة بارعة ومؤثرة بقصد الوصول إلى الخير العام..
ولذلك، فإن البرلماني لا يحتاج إلى رفع يديه ليعبر عن استسلامه للحكومة، ولا يحتاج إلى استجداء رئيس البرلمان أو الحكومة، ولا يحتاج إلى إلقاء خطب إعلامية ليستطيع فرض رقابته على العمل الحكومي، بل يحتاج إلى دراية بالنصوص الدستورية والقانونية، وإلى انتماء حقيقي لوطنه، لأن ما تمر به الأمة العربية – ليس فقط منذ عام 2011- لا يحتاج إلى الادعاء والتصنع، بل يحتاج إلى الانتماء والإخلاص لإعادة الروح إلى جسد الوطن..

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى