مقالات

دور المفكرين بين المأمول والواقع..*خاص *بوابة بعلبك

بقلم د. خالد المقداد .يجمع علماء الاجتماع على أن الطبقة الوسطى هي الحامل للنهضة الفكرية في أي دولة، فالأغنياء لا يبحثون عن ذلك، والفقراء لا يمتلكون رفاهية البحث عما يجب أن يكون، بل كل ما يهمهم هو النجاة من هجمات القرارات غير السديدة..
ومن يحمل مهمة التنظير الفكري، أي إيجاد النظريات السياسية والاقتصادية والاجتماعية الملائمة للمجتمع، هو الأكاديميين، أي الباحثين العلميين على اختلاف اختصاصاتهم..
فعلماء السياسة العرب؛ يقع على عاتقهم دراسة المجتمع العربي، وتحليله، واستشراف مستقبله، والتحذير مما يمكن أن تصل اليه الأمور، كما حدث في أحداث العقد الدامي 2011 وإلى الآن.
وعلماء الطب؛ تقع على عاتقهم مهمة الدراسات العلمية المعاصرة، وكشف اللقاحات والمضادات الحيوية، لما يمكن أن يهدد الامن القومي العربي الصحي، كما حدث في جائحة كورونا..
وعلماء الجيولوجيا؛ يدرسون الصفائح التكتونية العربية، وتحركاتها، وما يمكن أن يحدث من زلازل أو براكين، لينقلوا حصيلة دراساتهم للمهندسين المدنيين، الذين يبحثون عن الأساليب المناسبة لإشادة الأبنية بما يتناسب مع الجيولوجيا العربية..
وعلماء القانون؛ الذين يدرسون الصيغة القانونية المناسبة للواقع العربي، سواء ما تعلق منها بالأنظمة الدستورية أو القانونية..
ما نقصده من ذلك؛ أن البحث العلمي الحقيقي هو جوهر الدولة، والنواة الأساسية لها، والمحرك الفعلي لسياساتها الداخلية والخارجية..
وقوة البحث العلمي هي التي تحقق القيادة الصحيحة للمجتمع، فهو ضرورة حتمية لأن غيابه سيؤدي إلى سيطرة الإشاعة على الشعب من جهة، وإلى تداول الخزعبلات بدلاً من الحقائق..
وهذا البحث يحتاج إلى العناية الحقيقية به، وهو يحتاج الى شروط تتعلق بالباحث اولاً؛ من حيث الجدية والصدق والقدرة على البحث، وإلى شروط تتعلق ببيئة البحث العلمي، من خلال الدعم الحكومي لهم، سواء فيما يتعلق بمتطلبات البحث العلمي، أو بمتطلباتهم الاقتصادية..
فأكثر ما قد يستفز المواطن العربي، هو قراءة خبر عن قيام فريق من العلماء الفرنسيين بالتنقيب عن آثار بصرى الشام عاصمة الغساسنة، أو قيام فريق باحثين بريطانيين باكتشاف مقبرة فرعونية، أو قيام مجموعة خبراء غربيين بدراسة واقع المدن العربية، وكيفية تطويرها عمرانياً ومعالجة قضايا الازدحام المروري، أو أن الكورونا تعالج بالغرغرة بالماء والملح، أو أن البحث العلمي يدعم بالطوابع، أو أن الزلازل تقع بناء على أهواء ورغبات العرافين، أو بناء على أفلام الخيال العلمي..
فأوباما قال أن القضاء على داعش يحتاج إلى أكثر من نصف قرن، بينما من يهمهم الأمر قضوا عليه بأقل من عام..

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى