الفجور” في الخصومة.. ثقافية سياسية لبنانية بإمتياز.
كتبت: غنى شريف
يصل الخلاف السياسي ولغة الحوار بين بعض الأطراف اللبنانية في معظم الأحيان، حد المغالاة والتجريح الشخصي والاشتباك اللفظي “المعيب أحيانا” بين الشخصيات والمكونات السياسية المختلفة.
لسنا هنا في مقام تحديد من المخطىء ومن هو على حق، لكننا نشير إلى حالة شبه عامة في مسألة الخلاف السياسي بين اللبنانيين، والسؤال الذي يطرح نفسه أمام هذه الحالة المستعصية، والذي يتردد على ألسنة الكثير من اللبنانيين، هو لماذا يصل الخلاف في كثير من الحالات إلى مستوى “الفجور” في الخصومة، والانحطاط في اللغة المتداولة، وكلها عوامل تساعد على إطالة أمد الخلاف، وتباعد وجهات النظر، وتعقيد سبل ايجاد أرضية مشتركة في البحث عن حلول للأزمات الوطنية المختلفة، وكل ذلك على حساب معيشة المواطن وكرامته، وعلى حساب الوطن واستقراره وتماسكه.
ولا يمكن تفسير حالة “النزق” التي تحكم الخطاب السياسي لمعظم الأحزاب والتيارات السياسية في لبنان، خصوصا في الصراعات على الساحة الداخلية، سوى كونها نتاج حالة انسداد الأفق السياسي أمام الجميع، وهي تعكس حالة الضغوط السياسية والإجتماعية والطائفية التي تعيشها تلك المكونات، وبالتالي عجز كل طرف عن اقناع بقية الأفرقاء في الوطن برؤيته لكيفية معالجة الأزمة الوطنية بكافة تفرعاتها وابعادها، وكذلك عدم قدرة اي مكون سياسي على فرض قناعاته على الآخرين، حيث يدور الجميع في حلقة مفرغة، تسبب الحرج لجميع الأحزاب والتيارات أمام قواعدها الشعبية، وتحديدا في المسارين السياسي والاقتصادي.
في الأصل، فإن التباين في وجهات النظر بين المكونات السياسية ضمن حدود أي دولة، هو امر صحي ويشكل مصدر إثراء للحركة السياسية، وقاعدة اساسية للديمقراطية فيها، لكن في لبنان الأمر مختلف، إذ أن لغة الحوار الهادف والبناء مفقودة، حتى بين شركاء المؤسسات الوطنية الدستورية، وفي مقدمتها المجلس النيابي، وعندما تغيب ثقافة الحوار الهادئ عن الساحة السياسية، يعلو “ضجيج” الخطاب الطائفي، ويتصدر أصحاب “الرؤوس الحامية” المشهد العام.
في الخلاصة، لن ينصلح الواقع السياسي في لبنان، وهو الأساس لتعزيز الترابط الإجتماعي والبناء الاقتصادي السليم، ما لم تقتنع كافة الأطراف بكون الحوار الوطني الجامع، هو المسار الالزامي نحو بناء الدولة القوية العادلة، بعيدا عن سياسة “النكايات” والمواقف الكيدية، وثقافة التنابز بالألقاب.
للانضمام إلى المجموعة عبر الرابط التالي.