مقالات

هل المرأة عدو المرأة؟؟!!

كتب د. خالد المقداد .

“إن التظاهر بالعمل لا يتطلب سوى نتيجة ظاهرية – أو بالأحرى محض إمكانية لتبرير الوقت المنقضي – فالتحقق من النتائج وتقييمها إنما يتم من قبل أشخاص متورطين في هذا التظاهر، مرتبطين به، وذوي مصلحة في استمراره”. آلان دونو، نظام التفاهة..
تثبت الشعوب الحية دائماً بأنها أهل لحمل رسالة الأجداد، فما أن وقع زلزال تركيا وسورية، انطلقت قوافل المساعدات الشعبية من جميع المحافظات السورية على الرغم من شح المواد بين أيدي السوريين، ولكن كلاً منهم آثر غيره على نفسه..
في إحدى البرامج الصباحية على إحدى الإذاعات، استقبلت المذيعة اتصالات المستمعين حول موضوع “اليوم العالمي للمرأة”، تحت عنوان “هل المرأة عدو للمرأة”، فضل أحد المتصلين الحديث عن الوضع الاقتصادي للمواطن، وتحدث بأسلوب التذمر أو الشكوى من الواقع المعاش، موجهاً بعض الاتهامات لتقصير هنا، وفساد هناك..
الملفت للانتباه في هذا الحوار، هو ثورة المذيعة، وتصلبها خلف عنوان الحلقة، وبضرورة الالتزام به، بألا تكون المداخلات خارج هذا الموضوع، وبعد أكثر من خمس دقائق من تذمر المتصل، تفاعلت المذيعة معه بأن طالبته ببيان صحة ادعاءاته بأن يبرز الأرقام المؤيدة لما يتحدث به عن إحصاءات نسب البطالة والتضخم والإنتاج والاستيراد والتصدير، ولو طال تمسك المتصل برأيه، اعتقدت أنها ستطالبه بإحصاءات حول عدد الزلازل في المنطقة العربية، وتحرك الصفائح التكتونية، وتأثير ذلك على إنتاج لبنان من الثوم..
على المقلب الآخر، يعلم المتابع للإعلام الآخر؛ أن أي رد فعل من المذيع على الخبر المقروء أو الحي إنما يتم بناء على دراسة مسبقة، وتوجيهات مباشرة من غرفة التحكم لاستعمال كافة وسائل التأثير الشكلية للمساهمة في استكمال بناء الرسالة الإقناعية الإعلامية، وضمان تاثيرها على المستقبِل.
وهذا يعني؛ إن الإعلام ليس متروكاً للصدفة او للعفوية، وإنما هو عبارة عن مجموعة عمليات علمية وفنية بغية الوصول إلى الهدف المرجو، والذي يتمثل في بناء رأي عام فعال يساهم في تأييد موقف ممول الوسيلة الإعلامية، سواء كانت حكومية أم “مستقلة”.
ومن هنا؛ ليس هدف الإعلامي هو الانتصار على المتصل، بأن يقول لنفسه في نهاية المداخلة: “نعم لقد استطعت اسكاته.. “، لأنه في المقابل يكون قد صنع مئات المتابعين القائلين: “عندما تتوفر الكهرباء، لن أعود لسماع هذه الإذاعة”.
الحرب والكوارث الطبيعية والاصطناعية ذات المصدر الغربي لم تعد مبرراً لأي تقصير عام، أو سوء تدبير.. لأن الشعب العربي لم يعد يرغب بلعب دور الضحية، بل أصبح يعيش حياته كمنتصر.. وما أعمال المقاومة الفلسطينية الشعبية ضد الكيان المؤقت إلا الدليل الواقعي على ذلك، بأن العين تقاوم المخرز بما تستطيع اتخاذه من إرادة الحياة، وإرادة النصر، التي تسمح لها بتطوير أساليب جديدة لإعادة حمل حضارة الأجداد، التي وصلت إلى الأندلس..

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى